رحل عنا اليوم الخميس، شيخ الصحفيين الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى للإعلام السابق، تاركًا خلفه إرثًا عظيمًا في مختلف الفنون الصحفية، وكان من أبرزها حوار صحفى مع مع ياسر عرفات، الرئيس الفلسطيني الراحل، في مدينة رام الله، أثناء حصار أرئيل شارون، رئيس وزراء إسرائيل الاسبق، للمنطقة.
وخلال الحوار، كشف الرئيس الفلسطيني لأول مرة عن أسرار تتعلق بمباحثات «كامب ديفيد»، موضحًا أن الفلسطينيين لا يطلبون المستحيل، هم فقط يطالبون بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في طابا، وشرم الشيخ، وباريس، وواي ريفر، وكامب ديفيد.
أكد الرئيس الفلسطيني الراحل أنهم استطاعوا أن يتوصلوا إلى بعض الاتفاقيات، واختلفوا فقط على القضية الأساسية المتعلقة بمصير حرم المسجد الأقصى، وأن الإسرائيليين لا يلتزمون بما يتفقون عليه، مشيرًا إلى ضرورة أن يكون القرار الوطني واحدًا تحكمه الشريعة المنتخبة خاصًة عقب صدور قانون الطوارئ وتجريم أعمال العنف.
وفيما يتعلق بحادث السفينة «كاريه آن»، وما قاله الإسرائيليون عنها أنها تم ضبطها في عرض البحر تحمل الأسلحة، وتم نسبتها إلى الفلسطينيين، أن القصة كاذبة بأكملها، فالسفينة يمتلكها حزب الله بعد أن اشتراها من صاحبها العراقي بما يساوي 400 ألف دولار، والأسلحة كانت في طريقها لحزب الله، ولا دخل للفلسطينيين بهذه القضية، وأن شارون أدخلنا في الموضوع لاستثارة واشنطن خاصًة أن الأسلحة قادمة من إيران، وأكد أنه عندما تلقى خبر نسبة السفينة إليه كان في مؤتمر صحفي لرئيس الأركان الإسرائيلي موفاز، والجنرال الأمريكي زيني، ولاحظا حجم الدهشة التي ظهرت على وجهه عند تلقي الخبر.
وشدد عرفات أثناء حواره مع الكاتب الصحفي الكبير مكرم محمد أحمد على أن الرؤية الفلسطينية للسلام تتلخص في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، بحيث تتمتع بحق المساواة مع إسرائيل، ويعيش الشعبان الإسرائيلي والفلسطيني في سلام وأمن، فالفلسطينيون يتطلعون إلى استقلال حقيقي وسيادة كاملة، وأن يكون لهم حق السيطرة على أجوائهم ومصادر المياه، والحدود لتنمية اقتصادهم، لكي تكون لهم علاقات اقتصادية طبيعية مع جيرانهم والسفر بحرية، فالفلسطينيون يتطلعون فقط إلى ما يتمتع به العالم الحر، مؤكدًا على ضرورة حل أزمة اللاجئين الفلسطينيين الذين لم يسمح لهم بالعودة إلى بلادهم منذ 54 عامًا.
واختتم الحوار بأنه لا يعرف ما يعنيه الإسرائيليون عندما يقولون أنه يرفض الحلول الوسط، فما هى الحلول الوسط التي يريدونها، هم يريدون اقتسام ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية، كما يريدون فرض سياستهم على المسجد الأقصى، ولا يوجد من يقبل بذلك، بالإضافة إلى أن شارون كان يتوقع أن الشعب الفلسطيني لن يتحمل وسينقلب على السلطة الفلسطينية ورئيسها، ولم يعلم شارون أن الشعب الفلسطيني هو شعب صبور قوي يقبل التحدي.
وفاة مكرم محمد أحمد
جدير بالذكر أن الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى للإعلام السابق، تُوفى منذ قليل، عن عمر يناهز 85 عامًا، بعد صراع قصير مع المرض.