لا يمكن أن يكون التهجم على الأزهر الشريف وشيخه الجليل، لا يمكن أن يكون هذا التهجم بريئًا من الغرض، بل الغرض الملبوس، الذى يستهدف الإسلام ذاته بهدم المنارة التى قامت على حفظه ودراسته وتدريسه وتبنى خطابه وهدايته على مدار أكثر من ألف عام.
بل ومن المحال أن يخدم هذا الغرض، رعاية الوطن والشأن العام، فلم يكن حسب الأزهر أنه منارة للإسلام، بل كان طوال تاريخه قلعة للحرية والاستقلال وحصنًا حصينًا للذود عن الوطن وحماية مقدراته وأراضيه.
الأزهر فى مصر، وفى الحياة الإسلامية
لم تحظ مؤسسة من المؤسسات فى التاريخ الوسيط والحديث، بالمكانة التى حفظها المصريون والعالم الإسلامى للأزهر منذ تأسيسه سنة ٣٦١ ه- / ٩٧٢م، وهو لم يحظ بهذه المكانة من باب القداسة، وإنما من واقع الدور العظيم الذى نهض وينهض به الأزهر فى مجال الدعوة والهداية، وفى مجال التعليم والثقافة بعامة، وفى الذود عن حياض الوطن وحياض الإسلام وحقوق المسلمين.
الحملة الممنهجة!
ولا يمكن لعاقل أن يفوت عليه الحملة الممنهجة المشنونة الآن على الأزهر وشيخه الجليل، اختلط فيها الحابل بالنابل، وخاض غمارها أصحاب أغراض ومآرب، ومتطفلون على العلم والفكر والدين، حتى رأينا شخصًا لا يحسن شيئًا من الدين، ولا معرفة له بالقانون، يتصدى لوضع قانون ضرير، لا معنى له إلا الحط من الأزهر والنيل منه، ونسف استقلاله، والتحرش بإمامه الجليل!
فعلة كاذبة!
يبدو للمراقب، أن الإرهاب و”تجديد الخطاب الدينى”، يُتخذان علة - ولا علة - لهذا التهجم الممنهج، مع أن الإرهاب لا علاقة له بالدين، وإنما هو خروج واضح وصارخ على الدين، والإرهابيون “خوارج” لا يستمدون مرجعيتهم من الدين، وإنما لهم مرجعيات ملبوسة مغرضة، يحرفون فيها الكلم عن موضعه، ويختلقون اختلاقًا ويبتدعون ما يصادف هواهم ويبرر الأغراض والمنافع المرجوة من هذا الضلال البعيد الذى لا دين ولا وطن له!
من أعلام الاجتهاد والتجديد
أما “االخطاب الدينى”، فإنه لم يتوقف قط عن التجديد، رأيناه حاضرًا منذ الشيخ حسن العطار شيخ الأزهر الذى عاصر الحملة الفرنسية وتولى مشيخة الأزهر سنة ١٢٤٦ ه-/ ١٨٣٠م، وهو صاحب الفضل فى التنبيه إلى قيمة العلوم الطبيعية، وضرورة إدخال العلوم العصرية، القائل “إن بلادنا لابد أن تتغير أحوالها، ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها”.
وهو رحمه الله، أستاذ الشيخ رفاعة رافع الطهطاوى، والذى كان وراء إلحاقه كإمام بعثة الأربعين شابًا التى أرسلت إلى باريس فى ربيع عام ١٨٢٦ م، فعاد بدرته المجددة “تخليص الإبريز فى تلخيص باريز”، لتتواصل مسيرة الاجتهاد والتجديد فى الأزهر الشريف، فرأينا الأستاذ الإمام محمد عبده صاحب الدور الريادى فى التجديد، عبقرى الإصلاح والهداية الذى نهض برسالة الأزهر فى عصره حتى لاقى ربه سنة ١٩٠٥م / ١٣٢٣ه-، وتلاه أعلام عظام من أئمة وشيوخ وعلماء الأزهر.
ورأينا من هؤلاء الأعلام المجددين، تمثيلًا لا حصرًا: الشيخ أحمد بك إبراهيم، صاحب العقل الراجح، والفكر الثاقب، الأستاذ بمدرسة القضاء الشرعى ثم بكلية الحقوق والدراسات العليا، حيث تخرجت عليه أجيال فى الفقه والعلوم الشرعية، ومن تلاميذه العلماء الأفذاذ الشيخ على الخفيف، والشيخ عبد الوهاب خلاف، والشيخ محمد أبو زهرة، إلى مؤلفات ودراسات متعددة فى الفقه وفروعه، وفى المعاملات وأنواعها، وفى الأحوال الشخصية وأحكامها، وفى طرق الإثبات والقضاء فى الشريعة الإسلامية.
ومن هؤلاء أعلام الاجتهاد المجددين، الشيخ محمد مصطفى المراغى الذى تولى رئاسة المحكمة العليا الشرعية، وعين شيخًا للأزهر سنة ١٩٢٨ م، ولم يتردد - حين ووجه بعقبات - فى الاستقالة سنة ١٩٢٩ م، ثم ليعود بعد ذلك إلى المشيخة استجابة لنداء العلماء - من سنة ١٩٣٥م إلى أن لاقى ربه سنة ١٩٤٥م، وهو صاحب الدعوة إلى ترجمة “معانى القرآن” ترجمةً رسمية تتيح المعرفة بالكتاب والإسلام لغير الناطقين بالضاد، وصاحب الريادة والآراء السديدة والاجتهادات الرشيدة فى التعديلات التى أدخلت على قانون الأحوال الشخصية.
ومن هؤلاء الأعلام المجددين فى رحاب الأزهر، الأستاذ العلامة محمد فريد وجدى، الذى وإن لم يكن من خريجيه، إلا أنه تلقى فى مدرسته، وكان أول رئيس تحرير لمجلة الأزهر، وقد أحال إليه الإمام الأكبر الشيخ المراغى سؤالًا مشتطًّا لقارئ عن عقوبة الشرك الأخروية، تطرف فيه إلى تعسفات ظنية، لا تمت إلى اليقين بسبب، فإذا بالأستاذ وجدى يخرج بإجابة شافية مزجت بين الفقه ومقررات العلم الحديث، ونالت تقدير وإعجاب الإمام الأكبر وغير قليل من العلماء.
يوم مات المسيحى “جبرائيل تقلا” صاحب جريدة الأهرام، أفرد الأستاذ وجدى صفحة من مجلة الأزهر لنعيه والثناء عليه، فذهب أحد المتشددين ناقدًا هذا النعى إلى الإمام الأكبر الشيخ المراغى، ولكن الإمام المجدد هدَّأ خاطره ودعاه إلى تلاوة المقال حتى وصل إلى قول الأستاذ وجدى: “أن الأزهر ومجلته لتشارك الأمة فى أساها، وتذكر من فضائل الفقيد الكبير ما كان يقابل به بحوث حضرات العلماء من الاحترام، ويحلها فى أرفع مكانة من الأهرام، ولطالما نشر مقالات فى موضوعات علمية بحتة كان أولى بها المجلات، ولكنه كان يؤثر أن يكون عونًا للأزهر فى أداء رسالته، وفى عهده الجديد، ومما يدل على عنايته بهذه الناحية، أنه عندما ثار جدال بين القائلين بجواز ترجمة القرآن والذاهبين إلى تحريمها، وانتصر حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغى للقائلين بالجواز، نشر الأهرام بحثه فى عدد واحد على طوله، ولم يكن فضيلته شيخًا للأزهر إذ ذاك، فهذه النزعة الشريفة مضافة إلى الكثير من غيرها - لا يصح أن تترك دون تقدير وإعجاب، فلا غرو أن عدت خسارة الآراء الحكيمة بموته فادحة، أحسن الله عزاء أسرته، وجعل من نجله خلفًا جديرًا بسلفه العظيم”.
ولم يجد الإمام الأكبر صعوبة فى أن ينبه الناقد المتشدد، إلى ما فى مقال الأستاذ وجدى من توجيه ومن مرام نبيلة حكيمة.
ومن أعلام الاجتهاد والتجديد الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت، صاحب الدور الريادى فى السعى للتقريب بين المذاهب، الذى تولى مشيخة الأزهر منذ سنة ١٩٥٨ م حتى لاقى ربه سنة ١٩٦٣ م، وصاحب الاجتهادات المجددة فى مؤلفاته الضافية التى كان منها: فقه القرآن والسنة، ومقارنة المذاهب، ومنهج القرآن فى بناء المجتمع، والإسلام عقيدة وشريعة، والقرآن والمرأة، ومن توجيهات الإسلام، وتفسير الأجزاء العشرة الأولى من القرآن، وإليه يُنسب قانون إصلاح الأزهر الذى صدر سنة ١٩٦١، وفى عهده دخلت العلوم الحديثة إلى الأزهر.
ومن هؤلاء الأعلام المجتهدين المجددين، الأستاذ الشيخ عبد الوهاب خلاف، والأستاذ الشيخ على الخفيف، والأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة، والأستاذ الشيخ على عبد الرازق مؤلف كتاب “الإسلام وأصول الحكم”، والأستاذ الشيخ مصطفى عبد الرازق شيخ الأزهر وأستاذ الفلسفة الإسلامية فى الجامعة المصرية، صاحب السيرة الحافلة فى الاجتهاد والتجديد، مما لا يتأتى الاحاطة به فى هذه الكلمات الموجزة، ويحتاج إلى كتاب شامل عنه، وكذلك الشيخ الدكتور محمد عبد الله دراز الذى يضيق المجال عن مجرد الإشارة إلى إبداعاته فى كل باب، وكوكبة الأخرى من الشيوخ العلماء الأجلاء.
ومن عباءة هؤلاء الأعلام المجتهدين المجددين، خرج أعلام ملأوا الحياة الوطنية أداء وعطاءً، منهم سعد زغلول الزعيم الخالد الذكر، ومنهم الشاب السورى سليمان الحلبى الذى اقتص لمصر والمصريين من “الجنرال كليبر” الذى خلف نابليون فى قيادة الحملة الفرنسية التى دنست الأزهر الشريف بسنابك الخيل، وأعدمت الزعيم الوطنى “محمد كريم” بميدان الرميلة بالقلعة، وقتلت آلاف المصريين.
ثقل الحضارة التى مثلها الأزهر
لم يتخرج فى الأزهر إرهابيون، وإنما تخرج فيه من تمثلنا ببعضهم، وتخرج على ثقافته أمثال الزعيم “أحمد عرابى”، وفارس الصبر “عبد الله النديم” وغيرهما من الذين وإن لم يتموا دراستهم بالأزهر، مثل أسطورة المحاماة “إبراهيم الهلباوى”، إلا أنهم من نبت الأزهر الذين تشكلت معارفهم من ينابيعه.
وكثيرًا ما تفرد الأزهر بالميدان، ليقوم برسالته التعليمية، ويكثف جهوده فى العهود التى اضمحلت فيها المؤسسات التعليمية الأخرى، مثلما حصل فى العهد العثمانى الذى تآكلت فيه كثيرٌ من المدارس التى أقيمت فى عهود الفاطميين والأيوبيين والمماليك.
ولم تكن المكانة المرموقة للأزهر فى العالم الإسلامى، والتى لا يدركها المتهجمون، إلا تعبيرًا عن مكانته ودوره العريض عبر التاريخ.
الأزهر فى مقاومة الظلم والاستبداد
رأت مصر والمصريون، صورًا من المظالم والاستبداد طوال عهدى المماليك والعثمانيين، فأثبت الأزهر طوال هذه السنين، أن المؤسسة العلمية التربوية لا تتوقف مهمتها عند حدود التلقين والتعليم والتثقيف، فقام الأزهر وعلماؤه الذين اكتسبوا من مكانته قوة - قاموا بقيادة المد الوطنى لمقاومة الظلم والاستبداد، كما قاموا بنقد الحكم، وترشيده إلى سبله الصحيحة، فى ملاحم لم تكن تنقطع إلا لتستأنف من جديد، وفى تاريخ الجبرتى مئات من المشاهد التى ناضل فيها علماء الأزهر وطلابه للذود عن الحياض المصرية.
فى مقاومة الاحتلال الفرنسى
أوشكت المحاكمة المتجبرة التى عقدها الاحتلال الفرنسى للفارس الأزهرى سليمان الحلبى، أن تطول شيخ الأزهر شخصيًّا، فقد طاشت اتهامات الفرنسيين وتعددت حتى طالت شيخ الأزهر “الشيخ عبد الله الشرقاوى” وقاضى مصر “الشيخ أحمد العريشى”، وحجزهما الفرنسيون ولم يُطلق سبيلهما إلا بعد أن أخفقوا فى الإتيان بدليل عليهما، أما طلاب الأزهر الأربعة اذين أدينوا بمجرد العلم، وعلى غير بينة، فقد طالهم الحكم العجيب الموقع على “سليمان الحلبى” بإحراق يده اليمنى ثم إعدامه على الخازوق، بينما نفذ الفرنسيون إعدام طلاب الأزهر بقطع رؤوسهم وإحراق جثثهم أمام الجنود والأهالى مع مصادرة أملاك المتهم الغائب عبد القادر الغزى.
لم يكن هذا إلا مشهد من مشاهد الصراع بين الحملة الفرنسية والأزهر، فقد حاول نابليون فى البداية خطب ود علماء الأزهر لعلمه بمكانة الأزهر فى المجتمع المصرى كقاعدة وأساس للثقافة الإسلامية، فضم عشرة من شيوخ الأزهر إلى الديوان الذى شكله بزعم مشاركته فى الحكم، ولكن سرعان ما اضطلع الأزهر بقيادة الثورة ضد الاحتلال الفرنسى، باعتباره رمز سيادة الأمة ومركز قيادتها، وما أن جرت معركة إمبابة، حتى صار الغازى الفرنسى والأزهر فى مواجهة مباشرة وجهًا لوجه، وقاد الأزهر مقاومة الأمة على عدة مستويات: المقاومة غير المباشرة التى قادها معظم الشيوخ الكبار داخل مجالس نابليون والتشكيلات الإدارية، والمقاومة المباشرة العنيفة التى اضطلع بها وقادها شباب الشيوخ، بتنظيم حركات سرية، وأعمال المقاومة الشعبية التى وصلت إلى ذروتها فى ثورتين شارك فيهما أيضًا طلاب الأزهر إلى جوار شيوخه.
كانت الثورة الأولى فى ٢١ أكتوبر ١٧٩٨ م، مع الأيام الأولى للاحتلال، وتشكلت بقيادتها لجنة مقرها بالأزهر، وانطلق رجال الأزهر - شيوخه وطلابه - فى منطقة الأزهر يلهبون المشاعر ويتنادون بالثورة، وحاول الجنرال “ديبوى Dupuy” الحاكم العسكرى لمنطقة القاهرة - حاول أن يتصدى للثورة، فحاصره الثوار ومعه وكيل المحافظة “برتلمى اليونانى” - أو فرط الرمان، المعروف بالتهور والقسوة، الذى أطلق عيارًا ناريًّا على أحد الثوار أرداه قتيلًا، فهجم الثوار على “ديبوى” الذى جرح جرحًا خطيرًا أدى إلى موته! كما قتل الكولونيل “سلكوسكى” ياور نابليون، وجعل الفرنسيون يضربون الأزهر الذى اجتمع فيه الثوار بالمدافع والقنابل حتى أوشك الجامع الأزهر أن يتداعى من شدة الضرب، وتحول حىّ الأزهر إلى كتلة من الخراب والحرائق والبيوت المدمَّرة.
أما الثورة الثانية، فقد شبت بالقاهرة فى مارس ١٨٠٠ م، للانتصاف من الاحتلال الفرنسى وإجباره تنفيذًا لاتفاقية العيش التى أبرمت فى يناير من ذلك العام، واحتل الأزهر فى هذه الثورة قمة الزعامة الاجتماعية والدينية والسياسية والثقافية، ومركز قيادة الشعب ورمز عزته وسيادته، وصمد واحتمل كل صنوف العنف الذى صبته الحملة الفرنسية ضده، كان آخرها تهجم “مينو” ومعه الجنرال “بليار Bélliard” الحاكم العسكرى للقاهرة، على الجامع الأزهر فى ٢ يونيو ١٨٠٠م بحجة البحث عن أسلحة، وليفتعلوا الذرائع لإحصاء كل من فيه، والمصادرة بكل السبل على الذهاب إليه.
المنارة الهادية التى لم تتوقف
لم ينصرف الأزهر قط طوال منافحته عن الحياض، عن أداء رسالته التعليمية الهادية، واتسعت باحته لكل العلوم والمذاهب، والانفتاح على العقل الذى لا يناقض الشرع مع دليل النقل، فكلاهما جناحان يتعاضدان، وفى باحته نشأت دعوة التقريب بين المذاهب لوحدة الأمة الإسلامية تحت راية الوسطية التى ظلت على الدوام ترفرف على منهاج الأزهر ومواقفه.
البخارى ومسلم
وكتب السنن وصحاح السنة
كان من الغريب ولا يزال، ابتداع الأسباب للتهجم على الأزهر، وكان من أغرب هذه الأسباب التهجم على صحيحى البخارى ومسلم وكتب السنن وصحاح السنة، وإذ ليس فى وسع المتهجمين نسبتها إلى الأزهر وهى ترجع إلى القرن الثالث للهجرة، من أكثر من ألف عام، فلا بأس من الدعوة إلى حرق الصحاح وكتب التراث تحت دعوى التنقية، وهى دعوى اتسعت حتى بدت وكأن المراد وسط هذا الضجيج حرق مكتبة الأزهر، بأيدى الأزهر لا بأيدى التتار أو المغول، فى الوقت الذى يتنادى فيه المتهجمون بالحرية والانفتاح العلمى، الذى لا تجد فيه جامعات الدول الليبرالية حرجًا فى تدريس الشيوعية والمذاهب الاشتراكية، بل والنازية والفاشية اللتين عانت منهما الإنسانية.
بداهة لا قداسة لما ورد بالبخارى ومسلم وغيرهم، ويمكن لمن يملك العلم وأدواته أن يبحث وأن يعاود النظر بالدليل والحجة، ولكن الأزهر لا يملك، ولا يملك أحد، أن يعبث بهذه المؤلفات ليحذف منها ما يشاء هذا أو ذاك من المتهجمين، فهى بما طويت عليه ملك للإنسانية ومناهج البحث والنظر ما امتد حبل الحياة الدنيا.
ما المراد؟!
من المؤسف أن تشهد بلد الأزهر، هذا التهجم الضرير على الأزهر أعرق جامعات الدنيا، وأن يكون كل همّ البعض هز مكانته وتدميره، ولا بأس من دفع شيخه الجليل إلى الاستقالة، أو ابتداع قانون للتحرش به والتجرأ عليه بغير حق، دون أن يهتز للمتهجمين رمش أو تطرف لهم عين، ودون أن يدروا، ولعلهم يدرون والهدم هو المراد - ما يحظى به الأزهر من مكانة فى مصر وفى العالم بأسره، وما يمثله من مرجعية يفىء إليها المسلمون وشتى الشعوب فى قارات الدنيا، وأن إعاقة رسالته تخدم فى الواقع كل تيارات التطرف والعنف والإرهاب، بيد أن الأزهر سيبقى محفوظًا بعناية الله، قائمًا برسالته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.