يزخر تاريخنا الثقافي والفني بشخصيات كثيرة يمثلون علامات مضيئة ،ونجومًا تتلألأ في حياتنا، أضافت الكثير بالتزامها وإخلاصها وموهبتها وإبداعها في مسيرة المسرح المصري ،وأسعدت الجمهور بكل ماقدمت، ومع بوابة"دار الهلال"نلتقي كل يوم بشهر"رمضان الكريم"مع نجم من هؤلاء النجوم و خطوات من رحلته ، وحياته بالمسرح ،ومن بين هؤلاء الذين تركوا إرثًا فنيًا في الحركة المسرحية المصرية وحفروا أسمائهم في عالم الإبداع بما قدموا بالكثير من الأدوار والشخصيات الدرامية بمسرحنا المصري الفنان "محمود مسعود"
يعد الممثل "محمود مسعود "نموذج مشرف للفنان المثقف والموهوب المتميز الذي أصقل موهبته بالدراسة وقد أحب الموسيقى والرسم منذ صغره خاصة بعدما شجعه والده على تنمية مواهبه ،وبعد حصول"مسعود"على الثانوية العام التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وحصل على درجة البكالوريوس عام 1975 من قسم التمثيل والإخراج .
وكانت بداية احتراف "محمود مسعود"بمشاركته في مسرحية "هاملت" باستديو الممثل"عام 1975 من إخراج محمد صبحي، ثم انضم عقب تخرجه من معهد الفنون المسرحية إلى فرقة"مسرح الطليعة”، وهي الفرقة التي ظل يعتز بالانتماء إليها طوال مسيرته الفنية، وحتى بعد انتقاله إلى عضوية فرقة"المسرح القومي"خلال الفترة الأخيرة من حياته الوظيفية ،و كانت بدايته الفنية بفرقة "مسرح الطليعة" مع مجموعة من زملاء دفعته ، وكانت الفرقة خلال تلك الفترة يديرها الفنان القدير سمير العصفوري الذي قرر عدم الاستعانة بالنجوم من خارج الفرقة، ومنح جميع أعضاء الفرقة الفرصة كاملة للكشف عن مواهبهم وصقلها وكذلك منحهم فرص البطولة المطلقة، فبرز من بين أعضائها الكثير من النجوم وكان من بينهم الفنان محمود مسعود الذي تألق مسرحيًا ثم حقق نجاحه وانتشاره وشهرته من خلال مشاركته بعدد مختلف الأعمال الفنية بالسينما والمسرح والتلفزيون .
شارك "محمود مسعود " خلال مسيرته الفنية في بطولة ما يقرب من مائة وخمسين عملا من بينهم خمسة وثلاثين مسرحية، وخمسة وثلاثين فيلما وعشرات المسلسلات الدرامية، ويبقى المسرح مجال عشقه الأول الذي أثبت من خلال عروضه موهبته كما حقق نجوميته من خلال العمل خشبته.
وتتمثل مشاركاته المسرحية فيما يلي :
بمسرح الدولة شارك مع فرقة "مسرح الطليعة" في مسرحية "مولد الملك معروف"، و"شكسبير في العتبة " بعام 1976 ،و"يا عنتر"بعام 1977، كما شارك في مسرحيات أبو زيد الهلالي، ضحايا الواجب، "روميو وجانيت"بعام 1978 ،وقدم مسافر ليل، الليل طويل عام 1980، الكلمة والموت بعام 1984، الراجل اللي أكل بعضه بعام 1991، وقدم " محمود مسعود في بداية الألفية الجديدة في مسرحية "مأساة الحلاج"بعام 2002 ، ومسرحية كان جدع "2007 ، الرقص مع الزمن 2008.
وبفرقة "القاهرة للعرائس" قدم "محمود مسعود"مسرحية"المحظوظ بعام 1980 ، وبفرقة المسرح الكوميدي" شارك في مسرحية "مولد وصاحبه غايب بعام 1985، ومسرحية"ورد الجناين 2011 ، حوش بديعة عام 2016، وبفرقة المسرح القومي شارك في"اتنين تحت الأرض في 1987 ، الساحرة بعام 1995.
وبفرقة مسرح الشباب” شارك الفنان "محمود مسعود"في مسرحيات بكره زي النهاردة (1989)، دنيا المولد (1990)،أنغام الشباب”: هز الهلال ياسيد(1992)، ومع فرقة المسرح الحديث شارك في مسرحيتي هامبورجر بعام 1993 ، ملك الأمراء في 1999 ، وكما شارك"مسعود"بفرقة"مسرح الغد"في مسرحيات"شفيقة ومتولي"1998، و"سعدى ومرعي" في1999، وبمركز الهناجر للفنون قدم الأب في 2000، خداع البصر في 2001، وبفرقة المسرح القومي للطفل شارك في مسرحيتي"عالم أقزام"بعام 2008 ، ومسرحية فتح مكة بعام2012.
و شارك "محمود مسعود"في مسرحية"مع خالص تحياتي شكرا" لفرقة المدبوليزم (1979)، ومسرحية "اسكندرية والمحبوب" من إنتاج للهيئة العامة لقصور الثقافة في عام1998، وشارك في بعض المسرحيات المصورة ومن بينها(عباس في الباي باي"، و" شبان آخر زمن"، و"النصابين"، ومسرحية"أولادي"، ومسرحية"بلال مؤذن الرسول" .
تعاون"محمود مسعود" من خلال المسرحيات السابقة مع نخبة من المخرجين المتميزين بأجيال متتالية ومتنوعة ومن بينهم سعد أردش، عبد المنعم مدبولي، سمير العصفوري، فهمي الخولي، مصطفى الدمرداش، السيد طليب، ماهر عبد الحميد، محسن حلمي، فاروق زكي، عمرو دوارة، سامي صلاح، أحمد عبد العزيز، حسين حامد، أشرف زكي، إيمان الصيرفي، ياسر صادق، محمود حسن، عزة لبيب، صبحي يوسف، شريف عبد اللطيف، أحمد إبراهيم، هاني عبدالمعتمد.
اتسمت الأعمال الفنية والمسرحيات التي شارك في بطولتها الفنان القدير"محمود مسعود"بالتنوع والجودة والقوة ، وكانت أدواره بها متنوعة ومختلفة و كل دور منها يُعد دورا جديدا وكان يضعه في تحد جديد، وكانت جميعها تؤكد تميزه في الأداء قدمها باللغة العربية الفصحى أو العامية وكان تكشف كل أدواره عن مهارته وقوته في تجسيد الشخصيات المركبة، والأدوار التي تتطلب منه دراسة الأبعاد الدرامية لكل شخصية بدقة وخاصة البعد النفسي ومدى تأثيره بعد ذلك على كل من البعدين المادي والاجتماعي.
كان الفنان الممثل الرصين "محمود مسعود"مثقفًا ومتذوقًا لمختلف الفنون، ويقرأ دائمًا ومتذوقا للآداب في مقدمتها الشعر، ويعشق الغناء والعزف على العود ويجيد الرسم، فقد كان عاشقا للإبداع بمختلف أشكاله واتجاهاته و ظل طوال مسيرته الفنية حريصا جدا على الدقة في اختيار أدواره وكذلك على تنوعها، وثم الاجتهاد الكبير وبصدق في تجسيدها بكل براعة،ورحل عن عالمنا فجر يوم 11 يونية بالعام الماضي 2020 عمر يناهز 68 عاما ولكنه ظل بيننا نموذجا جيدًا ورائعا لعدد كبير من الفنانين الأكاديمين الذين نجحوا في صقل موهبتهم بالدراسات الأكاديمية وحرصوا طوال مشوارهم الفني على المحافظة على التقاليد المهنية وإعلاء قيمة ودور الفن في الحياة وفي مقدمة ذلك المسرح .