أرسل الله تعالى إلى قوم عاد العديد من الرسل والأنبياء لهدايتهم، ودعوتهم لعبادة الله وحده لا شريك له، وأنزل عليهم الكثير من الكتب السماوية كمعجزات، ودافع لتعليمهم أسس الدين، وكيفية تطبيقه بشكل صحيح، إلا أن أكثرهم لم يؤمنوا وازدادوا كفرًا.
ترتبط قصص الأنبياء ارتباطًا وثيقًا بتفسير القرآن الكريم، وتم تأليف الكثير من الكتب التي تروي قصص الأنبياء، وتشمل الـ25 نبيًا المذكورين في القرآن الكريم، بدايًة من آدم عليه السلام، وحتى محمد عليه السلام، وتسرد تلك القصص حياتهم قبل النبوة، ودعوتهم لقومهم، والابتلاءات والمحن التي تعرضوا لها.
تقدم بوابة "دار الهلال" للقارئ خلال شهر رمضان، قصص الأنبياء ليقتضي بهم، ويسير على نهجهم، وتعرض اليوم قصة هود عليه السلام، حفيد نوح عليه السلام، الذي أرسله الله تعالى إلى قوم عاد، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز في سورة هود: "وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ".
قصة هود عليه السلام
أرسل الله تعالى هود عليه السلام إلى قوم عاد، لدعوتهم بأن يؤمنوا بالله تعالى وحده لا شريك له، وأن يتركوا عبادة الأصنام التي لا تنفعهم، ولا تضرّهم بشيء، فما كان منهم إلا أن كذبوه وسخروا منه، ومن دعوته، وأصروا على العناد والكفر، خاصًة أنهم كانوا يتّصفون بعدد من الصفات التي جعلتهم يظنّون أنفسهم أنّهم مخلدون، ولا يعلمون أنّ الله تعالى هو الذي أمدّهم بذلك، وهو القادر على أن يُزيل النعمة عنهم متى شاء، خاصًة أنهم كانوا يعبدون ثلاثة أصنام، وهم: "هرا، وصمودا، وصدا"، وكانوا ينكرون وجود الآخرة، ويقولون إنّ الحياة فقط محصورة في الدنيا، وذلك ما كان عليهم آبائهم من قبلهم.
مدينة قوم عاد
وصف القرآن مدينة قود عاد بأنها ذات العماد أي ذات الأعمدة، وأنها لم يُخلق مثلها في البلاد، فقال تعالى في سورة الفجر: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ(6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ(7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ(8)"، فهم أقوياء، وأشدّاء في قامة الجسم، مترفون وأغنياء، فأمدّهم الله بالجنات والعيون والأنعام والبنين، وأبنية شامخة وعالية، وقصور ضخمة، والتي كان يُقصد بها التباهي والتفاخر، فكانت مدينتهم لا تضاهي أيًّا من المدن المجاورة في وقتها.
هلاك قوم عاد
حاول سيدنا هود هداية قوم عاد أكثر من مرة، وتذكيرهم بأنّ ما هم فيه من قوة جسديّة، ومن أنعام وقصور هو من عند الله، ولكن ما زادهم ذلك إلا إصرارًا على الكفر والعناد، ليكون عقاب الله سبحانه وتعالى، والذي كان بإرسال سحاب عليهم، فلما رأوه فرحوا معتقدين أن بتلك السحاب الخير، إلا أنّها كانت محمّلة برياح قوية أهلكتهم في سبع ليالٍ وثمانية أيام، لتقتلهم وتهدم جميع ما بنوه من قصور ومبانٍ، وقد أنجى الله تعالى سيدنا هود ومن آمن معه، والذين كانوا يتّصفون بقلّة العدد، فقال الله عزوجل في سورة هود: "وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ(6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ(7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)".
مغزى القصة
- التحذيرُ من الغرور والافتخار بالقوة والبطش، فالغرور يقود إلى عواقب سيئة، ونتائج وخيمة، فقد كان قوم عاد يتفاخرون بقوتهم وبطشهم، فأهلكهم الله تعالى.
- نعم الله تدوم بالشكر، لذا أحرص على التذكير دائمًا بنعم الله تعالى.