الجمعة 28 يونيو 2024

من‭ ‬مآسى‭ ‬الطلاق‭ ‬الغيابى! (2)

5-5-2017 | 14:26

بقلم : سكينة السادات

يا بنت بلدى حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية الحاجة جوهرة 43 سنة وهي تعيش مع زوجها الحاج هادى صاحب أكبر مخبز ومعرض حلوى فى قريتنا, وهم أسرة معروفة بالخلق الكريم والكرم والذوق, وقد دهشت عندما طلبت من بعض أقربائى فى القرية ضرورة سرعة التواصل معى, وجاءت وحكت لى أن عندها ثلاثة أولاد الكبير هو سعيد الذى أوكل إليه والده الإدارة والعمل طول اليوم فى المخبز والمعرض مما جعله يقضى فى كلية التجارة سبع سنوات وهو يدرس ويتعثر لكثرة مشاغله, وكان الحاج هادى يكتفى بالإشراف من بعيد, أما كل أعمال وتجارة وأموال الحاج هادى فقد كان سعيد هو الذى يقوم بها، وأخيرا نجح سعيد أيضا فى أن ينال بكالوريوس التجارة, وقالت الحاجة جوهرة إنها كانت قد أنجبت ابنها الصغير علاوة على هذا البنت الوسطى وبدأت المشكلة الوحيدة فى حياة الأسرة! إذ صار لسعيد أخ صغير ولم يصبح ولداً وحيداً !

***

واستطرات الحاجة جوهرة.. بدا زوجي محتارا مكروبا صامتا لا يتكلم, وسألته مرارا وتكرارا هل لديك مشاكل فى أى شيء فكان ينكر, ثم أخيرا علمت أن السبب هو وجوب التحاق ابننا البكر سعيد بالخدمة العسكرية أى التجنيد لمدة عامين كما تقضي قوانين البلاد ! وقلت للحاج إنه واجب على كل مصرى أن يخدم فى الجيش وأن يساعد الدولة فقال : -  لكن صحتى أصحبت لا تتحمل وهو عارف كل كبيرة وصغيرة فى عملنا الذى هو أكل عيشنا وأنا تقريبا لا أعرف أى شىء ثم عاودا الصمت !

***

واستطردت الحاجة جوهرة.. وفعلا توجه الحاج وسعيد ابنه إلى مقر التجنيد, وابنى والحمد لله بصحة جيدة وقوام جميل وتوقعت أن يلحق بالجيش, ولكن كانت المفاجأة أنه عاد مع والده وقد حصل على تأجيل للتجنيد! وكانت مفاجأة بالنسبة لى ولم أعرف السبب فى تأجيل التجنيد حتى كانت المفاجأة الأليمة التى زلزلت كيانى!

***

واستطردت الحاجة جوهرة.. لم أسأل كثيرا عن سبب تأجيل التجنيد, وقال زوجى ربنا يقدم ما فيه الخير, لكنه كان حزينا مهموما ولا يتحدث فى الموضوع حتى جاءت لجنة من هيئة التجنيد لتسأل عنى وعن أحوالي, فلما سألتهم عن السبب قالوا إن سعيد قدم ما يفيد بأن أمه مطلقة وأنه هو العائل الوحيد لها ولم أفتح فمى بكلمة واحدة بل انحدرت دموعى على وجهى وظنوا أننى حزينة لأننى مطلقة! وعرفت سر هم زوجى وابتعاده عنى وإصراره على النوم فى الغرفة التى على السطوح, وكان ذلك لغزا عنى لم أفهمه إلا عندما جاء من الخارج وقلت له: -  هل طلقتني يا حاج هادى طلاقا غيابيا؟ قال: لم يكن أمامي حل فى مشكلة سعيد وأنه الكل فى الكل فى العمل سوى أن أفعل ذلك, لكننى رددت اليمين فى اليوم التالى مباشرة؟ -  قلت له: وهل ضميرك راضى عن هذا الموضوع؟ قال: طبعا لا . ولكن صحتى العليلة هى السبب, فقد أصبحت لا أتحمل العمل كما تعرفين, وقد زادت حدة الربو الشعبى علي لكننى لم أغضب الله ورددتك فى اليوم التالى ماذا أفعل يا سيدتى هل أبلغ الدولة بما حدث أم أشترك معه فى هذه الكارثة, وهل أعيش الآن حياة حرام أم ماذا؟

***

 أشكرك على مشاعرك الوطنية الكريمة ورأيى الشخصى أن يذهب الحاج هادى لإدارة التجنيد ويطلب منهم إجراء الكشف الطبى عليه ويطلب سماع شهادة عمدة القرية بأن سعيد هو الذى يعمل ويعولكم جميعا ويوضح الأمر وأن تترقبوا ما يحكم به المسئولون فى جيشنا الباسل والله يوفقكم ويبعد عنكم الشر والأذى.