الأحد 26 مايو 2024

نساء فى الإسلام| أم المؤمنين صفية بنت حُيَيِّ

السيدة صَفِيَّةُ بنت حُيَيِّ

ثقافة24-4-2021 | 22:09

همت مصطفى

تشهد تاريخ الإسلام شخصيات عاشت وخلدها إيمانها ومواقفها القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركت هذه الشخصيات أثرًا كبيرًا محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق.

ومع بوابة"دار الهلال" في أيام شهر رمضان الكريم، ننتقل من عالمنا إلى صفحات من التاريخ لنرصد بعض الخطوات والمحطات والمواقف في رحلة العديد من هذه الشخصيات ،واخترنا بهذا العام أن تتمثل في رحلة مع النساء الذي أسهموا في دعم الإسلام وانتشاره.

واللقاء اليوم مع شخصية يوم الحادي عشر"أم المؤمنين السيدة " صَفِيَّةُ بنت حُيَيِّ " رضي الله عنها .

 "أم المؤمنين، السيدة صَفِيَّةُ بنت حُيَيِّ بن أخطب بن سعنة،  هي إحدي زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وإحدى أمهات المؤمنين حيث  يطلق على زوجات الرسول كذلك تكريمًا لشأنهنَّ وإعلاءً لقدرهنَّ،وكان أبو السيدة " صفية " سيد بني النضير وأحد زعماء اليهود، وأمها هي"برة"بنت سموأل، من بني قريظة ،وكانت مع أبيها وابن عمها بالمدينة المنورة، فلما أجلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني النضير ساروا إلى خيبر، وقُتل أبوها مع من قُتل مِن بني قريظة ،ويذكر أنها من ذرية رسول الله هارون عليه السلام .

تزوجت السيدة " صفية " قبل إسلامها من "سلام بن مكشوح"  القرظي، وقيل: " سلام بن مشكم" وكان  فارس قومها ومن كبار شعرائهم، ثم تزوّجها كنانة بن أبي الحقيق وكان هو أيضا من شعراء قومه "اليهود"، وقتل كنانة يوم خيبر، وأُخذت هي مع الأسرى، فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنفسه، وخيَّرها بين الإسلام والبقاء على دينها ،قائلاً لها:«اختاري، فإن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي -أي: تزوَّجتك-، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك»، فقالت: يا رسول الله، لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني؛ حيث صرت إلى رحلك وما لي في اليهودية أرب، وما لي فيها والد ولا أخ، وخيرتني الكفر والإسلام، فالله ورسوله أحب إليَّ من العتق وأن أرجع إلى قومي  ،وأعتق  رسول الله صلى الله السيدة " صفية " وتزوَّجها، وجعل عتقها صداقها.

ويذكرأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخدها لطمة فقال:«مَا هَذِه»، فقالت: إني رأيت كأن القمر أقبل من يثرب، فسقط في حجري، فقصصت المنام على ابن عمي ابن أبي حقيق فلطمني، وقال: تتمنين أن يتزوجك ملك يثرب، فهذه من لطمته.

وكان هدف رسول الله صلى الله عليه ووسلم من زواجها إعزازها وإكرامها ورفع مكانتها، إلى جانب تعويضها خيرًا ممن فقدت من أهلها وقومها، ويُضَاف إلى ذلك إيجاد رابطة المصاهرة بينه وبين اليهود لعله يخفِّف عداءهم، ويمهد لقبولهم دعوة الحقِّ التي جاء بها.

كانت السيدة"رضي الله عنها" امرأةً شريفةً، عاقلةً، ذاتِ حسبٍ أصيلٍ، وجمال ورثته من أسلافها، وذات حلم ووقار ، كما عرف عنها شدة حبها لرسول الله صلى الله عليه  وسلم

ويُذكر عن زيد بن أسلم قال: اجتمع نساء النبي في مرضه الذي توفي فيه، واجتمع إليه نساؤه، فقالت صفية بنت حيي: "إني والله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي" فغمزها أزواجه فأبصرُهنّ، فقال: " مضمضن"، فقلن: " من أي شيء؟ " فقال: " من تغامزكن بها، والله إنها لصادقة".

لم تكن السيدة" صفية"رضي الله عنها تدَّخر جهدًا في النصح وهداية الناس، ووعظهم وتذكيرهم بالله عز وجل، ومن ذلك أن نفرًا اجتمعوا في حجرتها، يذكرون الله تعالى ويتلون القرآن، حتى تُليت آية كريمة فيها موضع سجدة، فسجدوا، فنادتهم من وراء حجاب قائلة: هذا السجود وتلاوة القرآن، فأين البكاء.

عايشت السيدة"صفية"رضي الله عنها عهد الخلفاء الراشدين، حتى أدركت زمن معاوية رضي الله عنه، ثم كان موعدها مع الرفيق الأعلى سنة خمسين للهجرة، لتختم حياة قضتها في رحاب العبادة، دون أن تنسى معاني الأخوة والمحبة التي انعقدت بينها وبين رفيقاتها على الدرب، موصيةً بألف دينار لعائشة بنت الصدِّيق رضي الله عنهما، وقد دفنت بالبقيع. رضي الله عنها وعن سائر أمهات المؤمنين. وأمة محمد صلى الله عليه وسلم.