يحتفل المسيحيون غدا بذكرى يوم الجمعة العظيمة، ضمن أسبوع الآلام الذي بدأ منذ السبت الماضي وتخلله عدد من الاحتفالات منها أحد السعف واثنين وثلاثاء وأربعاء البصخة وخميس العهد والذي يوافق ذكرى العشاء الأخير للمسيح مع تلاميذه.
وتخلد الجمعة العظيمة ذكرى موت المسيح، وتعرف أيضا بأنها جمعة الآلام أو جُمُعَةُ الصَّلَبُوتِ، ومن أهم المناسبات الدينية البارزة في المسيحية ويعد عطلة رسمية في معظم دول العالم، يتم من خلاله استذكار صلب يسوع وموته في الجلجثة ودفنه.
الجمعة العظيمة تاريخ
وتحل الجمعة العظيمة بعد خميس العهد، وهو اليوم الذي أقامه يسوع مع التلاميذ للعشاء الأخير، وبعده عندما كان يسوع يصلي في بستان جثيماني تقدم الإسخريوطي مع حشد من الجند الرومان وألقوا القبض عليه. سيق يسوع في المساء إلى منزل حنّانيا رئيس الكهنة ثم إلى منزل قيافا رئيس الكهنة الحالي وهناك حكم عليه بالموت بتهمة التجديف بعد أن قال بأنه المسيح.
وحسبما تذكر الأناجيل، فقد تعرض يسوع للضرب وأهين ولفق عليه شهود الزور وأنه حسب الشريعة اليهودية تعتبر محاكمته غير شرعية، في اليوم التالي، وعقد السنهدريم اجتماعًا رسميًا بكامل أعضاءه وأقر عقوبة الموت التي حصرها القانون بين الحاكم الروماني.
وكان ذلك في عهد الحاكم الروماني بيلاطس البنطي المتواجد في القدس للإشراف على الأمن في عيد الفصح، حيث سيق يسوع إلى بيلاطس، الذي استجوبه مرتين وأرسله إلى هيرودوس أنتيباس حاكم الجليل، وعبّر صراحة أنه لا يجد فيه ذنبًا، لكن بيلاطس جلد يسوع وخيّر الجمع بينه وبين باراباس، ومن ثم وتحت ضغط الأحبار سلّمه ليصلب.
أحداث الجمعة العظيمة
ومن بين أحداث الجمعة العظيمة أن خرج يسوع حاملاً صليبه من دار الولاية إلى تل الجلجثة، ولم يستطع أن يكمل الطريق بسبب الآلام التي ذاقها نتيجة الجلد بالسوط الثلاثي وما استتبع ذلك من إهانات وتعذيب من قبل الجند الرومان كوضع تاج من شوك على رأسه، فسخّر له سمعان القيرواني لمساعدته على حمل الصليب.
في الجلجثة صلب يسوع مع لصين ورفض أن يشرب خل ممزوج بمر لتخفيف من الآلام التي يعانيها في حين وضعت فوقه لافتة تتهمه بوصفه "ملك اليهود"، استمرّ نزاع يسوع على الصليب ثلاث ساعات.
تفصّل الأناجيل أحداث الصلب، كالحديث مع اللصين المصلوبين معه وحواره مع أمه ويوحنا الإنجيلي واستهزاء المارة به واقتسام الجند لثيابه، وأخيرًا مات يسوع، وتزامن موته بحوادث خارقة في الطبيعة إذ أظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل كما أعلن قائد المئة إيمانه به.
قبل بداية مساء الجمعة وهو بداية سبت اليهود، أنزل يسوع عن الصليب بناءً على طلب يوسف الرامي ودفن في قبر جديد في بستان الزيتون وكانت بعض النسوة اللواتي تبعنه حتى الصليب ينظرن موقع دفنه أيضًا ليكنّ فجر الأحد أولى المبشرات بقيامته حسب رواية العهد الجديد.
طقس الجمعة العظيمة
من بين طقوس الجمعة العظيمة عند المسيحيين الصيام، حيث تعتبر جمعة الآلام يوم صيام إلزامي في مختلف الطوائف والكنائس المسيحية، يتم الانقطاع فيها عن الطعام والشراب في الكنيسة الكاثوليكية من منتصف ليل الخميس وحتى ظهر يوم الجمعة أو حتى السادسة من مساء الجمعة كما في الكنيسة القبطية والبيزنطية.
وتكون الوجبات اللاحقة نباتيّة وغير مطبوخة وغير محلاة، وفي بعض البلدان ترتبط الجمعة العظيمة بمأكولات معينة، في سوريا ولبنان يعد طبق يدعى "الحر والمر" لمناسبة الجمعة العظيمة، وهو عبارة عن سلطة خضار يضاف إليها زيتون إضفاءً لنكهة من المرارة تيمنًا بالمسيح الذي ذاق المر على صليبه وفق رواية العهد الجديد، في مصر يتم الإفطار بتناول الفول فقط وبدون زيت مع رشفه من حامض الخل.
ومن بين الطقوس أيضا القراءات المبوبة في ثلاث حلقات، كتابات الأنبياء السابقة للمسيح أولاً، والمزامير ثانيًا، وأما ثالثًا فهناك قراءات العهد الجديد التي تحوي الإنجيل، وكذلك القداس حيث يكون القدّاس المحتفل به يوم الجمعة العظيمة هو قداس خاص يطلق عليه اسم "القدّاس السابق التقديس" أو "رتبة رسم الكأس، كما تقام صلوات الساعات والتي تكون متوزعة حول أحداث صلب المسيح.
وتكون صلوات الساعات بالترتيب التالي في الطقس القبطي، باكر، الثالثة، السادسة، التاسعة، الحادية عشر، الثانية عشر. تقابل مثلاً صلاة باكر إدانة المسيح في السنهدريم بالموت، أما صلاة الثالثة تختص بالمحاكمة أمام بيلاطس البنطي، وصلاة السادسة بطريق الآلام أما التاسعة فهي ساعة موت المسيح والثانية عشر هي دفنه.
الجمعة العظيمة 2021
وفي الجمعة العظيمة 2021، غدا، يترأس قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، صلوات الجمعة العظيمة وقداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بحضور عدد محدود، ونظرًا لظروف الجائحة ومراعاةً لكل الإجراءات الاحترازية الواجبة، وعدم التجمعات، فإنها تعتذر عن أي استقبالات سواءً يوم العيد أو قبله، مقدرين مشاعر وتهنئة ومحبة الجميع، مصلين أن يرفع الله عنا جميعًا هذا الوباء وأن يرحم عبيده في كل مكان ويشفي المصابين، ويعزي أسر الراحلين، وأن يعطي القوة والقدرة لكل المسؤولين وخاصة الأطباء والتمريض والفنيين الصحيين، في هذه المواجهة والتحدي الكبير.