الجمعة 24 مايو 2024

نجحت فى حلها الكثيرات .. المعادلة الصعبة العمل أم الأسرة؟

6-5-2017 | 10:38

تحقيق : أمانى ربيع

كم أنتِ محظوظة يا أمى فلم تعانى مثلى من زوج يراك مقصرة دوماً فى حقه، وكان لديك دوما من يساعدك على رعاية أبنائك، باختصار كان المناخ العام يشجعك على التفوق العملى والنتيجة أنك حققتِ المعادلة الصعبة فكنتِ أماً مثالية لى ولأخوتى وعاملة متميزة وصلت لأعلى الدرجات الوظيفية، على عكس ما أواجهه أنا وغيرى من النساء العاملات، فإما أن نتحمل هموم تفوق الجبال كى نحقق التوازن بين حياتنا العملية والشخصية أو نختار بين طموحنا العملى ونجاحنا الشخصى. وقبل أن اتساءل إلى أين يأخذنا المسار ذهبت للتعرف على نماذج تعثرت وأخرى حققت المعادلة الصعبة فكان هذا التحقيق.

يبدو أننى لست الوحيدة التى تعانى الجمع بين نجاحها الشخصى والعملي، فغيرى الكثيرات منهن لبنى 28 سنة تقول: حتى وقت قريب كنت من الإعلاميات الناجحات لكن ما أن تزوجت وأنجبت حتى بدأت معاناتي.. فوالدتى متوفية، ولا يوجد من يرعى طفلي، وطبيعة عملى ترغمنى على التأخر فى الخارج، ولا توجد حضانات قريبة منى تأخذ أطفالا حتى فترة متأخرة، فأصبحت ممزقة بين طفلى وبين عملى الذى أحتاجه فى ظل الظروف المعيشية القاسية، خاصة وأننى أساهم مع زوجى فى مصاريف المنزل.

سهام موسى هى الأخرى تعانى مشكلة مماثلة وعنها تقول: أعمل محاسبة بأحد البنوك، ومنذ إنجابى وأنا مشتتة بين البيت والعمل فوالدتى موظفة حكومية ولا تساعدني، حاولت إيجاد مربية وفشلت، أدخلت طفلى حضانة فأصبح مريضاً طوال الوقت ما أرغمنى على التضحية بطموحى العملى من أجل رعاية زوجى وصغيري.

غيرة زوجي!

أما منى 27 سنة فمشكلتها مختلفة تقول: أعمل بإحدى شركات التسويق والإعلان ويعتمد عملى على الإبداع والأفكار الخلاقة، وعادة ما أكون جاهزة طوال الوقت بأفكار مبتكرة، والحمد لله أنا ناجحة جدا، لكن المشكلة أن زوجى يعمل معى بنفس الشركة، وهو من أتى لى بالوظيفة بعد خطبتنا، وبعد زفافنا أصبح وجودى ونجاحى أكثر حساسية بالنسبة له، فطوال الوقت يعقد المديرون والزملاء مقارنة بيننا، وهو ما يحرجه، حتى أنه أصبح نادما على إلحاقى بهذه الوظيفة، وانعكس هذا على علاقتنا بشدة، فأصبح يعاملنى بحدة ويضغط على فى الطلبات ويرهقنى بولائم مفاجئة للأهل والأصدقاء لدرجة أننى أذهب إلى العمل أحيانا دون نوم خاصة فى وجود طفل عمره 3 سنوات والآن أنا أبحث عن شركة جديدة.

المعادلة الصعبة

وإذا كانت النماذج السابقة قد فشلت فى تحقيق المعادلة الصعبة كان من الضرورى التعرف على تجارب بعض الناجحات.

تقول سعاد عادل، طبيبة بيطرية وأم لطفلين: ما يكون صعبا فى البداية يصبح أسهل بمرور الأيام، فكل ما نحتاجه تنظيم الوقت وتدريب الأبناء على تحمل المسئولية والمشاركة فى الأعمال المنزلية وهو ما حرصت عليه منذ سنوات عمرهم الأولى.

أما السفيرة منى عمر،عضوة المجلس القومى المرأة، ومساعدة وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، فتروى لنا تجربتها قائلة: ربما كنت محظوظة لأن والدتى لعبت دورا مهما فى مساعدتى تربية أبنائى فى بداية حياتى العملية، لكن قطعا هذا لا ينفى دورى فى الاعتناء بهم، فالمرأة قادرة على القيام بأكثر من مهمة فى نفس الوقت، كنت أستيقظ فى الخامسة صباحا لأحضر طعام اليوم لأننى لا أقبل أن يتناول أولادى إلا طعاما طازجا، ثم أنزل إلى العمل، وعند عودتى لا يكون أمامى إلا تسخين الطعام لكن ما ألاحظه الآن هو التغير فى عقلية بنات الجيل الجديد، فلم يعد لديهن نفس إحساس التحدى الذى كان يتميز به جيلنا، حيث أصبحن يملن للجلوس فى المنزل وانتظار العريس .

ملاحقة الصغار

- وتؤكد الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشى أن المرأة العاملة أفضل بكثير كأم بعكس الشائع، ففى عالم اليوم لابد أن تتمتع المرأة بمعرفة واسعة لتلاحق طفلها وترد على أسئلته الكثيرة فى عالم مليء بالمتغيرات بشكل يومي، فإذا كنت مجرد ربة منزل ولا أختلط بالمجتمع فلن أستطيع مواكبة ما يحدث، وبالتالى لن أساهم فى توسيع مدارك الابن، فالأمر لم يعد صعبا كما كان من قبل.

أما الفنانة نشوى مصطفى فترى ضرورة التنازل عن شيء مقابل آخر لأنه يصعب تحقيق التوازن بين كل شيء ولابد أن تكون هناك أولويات وتضيف: الخمس سنوات الأولى هى الأصعب، لأن الطفل يكون بحاجة للأم بشكل كامل، بعد ذلك هناك المدرسة والنادى بالإضافة إلى دور الجدة فى رعاية الأحفاد، والموازنة بين العمل والأمومة تحتاج إلى زوج متفهم يشارك الأعباء، والحمد لله نجحت فى الحفاظ على عملى إلى جانب تربية أبنائى عبد الرحمن 22 سنة، ومريم 21 سنة.

أجندة الأولويات

وتشير د. سحر وهبى، رئيسة قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج إلى الصعوبات التى واجهتها قائلة: كانت عملية التوفيق بين التدريس الجامعى وتحضير الماجستير ثم الدكتوراه فى وجود ثلاثة أبناء أمرا صعبا جدا، لكن لدينا فى اليوم 24 ساعة بإمكاننا أن نفعل فيها الكثير بالتنظيم وترتيب أجندة الأولويات، فكان لابد من التضحية براحتى من أجل تحقيق التوازن بين نجاحى وطموحى ونجاح أولادي، والحمد لله نجحنا جميعا فى تحقيق أهدافنا وأنا سعيدة وفخورة بما حققته لذاتى وبمشاركتى المجتمعية فى خدمة محافظتى سوهاج، إلى جانب سعادتى بأبنائى من الإعلاميين الذين ساهمت فى تخرجهم والإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه.

وتضيف: دورى مع أبنائى لم ينته بعد فلدى ستة أحفاد أكرر التجربة معهم، أستضيفهم بعض أيام الأسبوع لكى يتمكن أبنائى من استكمال دراستهم العليا، مشيرة إلى أن المرأة العاملة كانت لا تجد صعوبة فى الماضى لأن إيقاع الحياة كان أهدأ، وكان هناك صبر ورغبة فى المحافظة على التماسك الأسري.

مساواة على الورق

وتعلق د. سوسن فايد، الباحثة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عن الآراء السابقة قائلة: رغم تغير وضع المرأة العاملة فى مصر مقارنة بنظيره فى القرن الماضى حيث حصلت على حقوق كثيرة خصوصا فى الجانب السياسى إلا أنها تعانى عدم القدرة على حماية تلك الحقوق، فالمجتمع الآن حول بند المساواة مع الرجل من ميزة إلى ضغوط ومن ثم نحتاج إلى ثورة ثقافية واجتماعية من أجل منح المرأة القدرة على التطوير والإبداع وجعل الحقوق المكتسبة فاعلة.

وأضافت: تعانى المرأة الآن أكثر فى ظل سرعة وتيرة الأحداث، فهى مطالبة بأن تكون فى كامل كفاءتها فى العمل ثم تعود إلى منزلها لممارسة دورها كربة بيت وأم وزوجة دون مشاركة من أحد.