الثلاثاء 28 مايو 2024

«الأبنودى» يوثق لتضحيات عمال مصر فى «جوابات الأسطى حراجى»

الأبنودي

ثقافة1-5-2021 | 23:18

ياسر علي

"الجوهرة المصونة، والدرة المكنونة، زوجتنا فاطنة أحمد عبد الغفار، يوصل ويسلم ليها، في منزلنا الكاين في جبلاية الفار" بهذه الكلمات يفتتح الشاعر الكبير أو الخال عبدالرحمن الأبنودي رحمه الله، ديوانه الشهير "جوابات حراجي القط"، الذي يقدم فيه الأسطى حراجي القط العامل البسيط من عمال مشروع السد العالي. وفي هذا اليوم الأول من مايو والذي يوافق عيد العمال نسلط الضوء على هذا العمل الأهم من بين الأعمال الأدبية التي وثقت لجهد العامل وما يقدمه من جهد في سبيل رفعة بلاده.

ومن الجدير بالذكر أن الإبداع الأدبي وثق لجهد هؤلاء العمال وما يُقدمونه من تضحيات في سبيل رفعة بلادهم، ولعل أبرز هذه النماذج الأدبية، ديوان "جوبات الأسطى حراجي" الذي يوثق خلاله لملحمة بناء السعد العالي من خلال الرسائل المتبادلة بين الأسطى حراجي القط العامل في السد العالي وزوجته فاطمة أحمد عبد الغفار.

سافر "حراجي" إلى أسوان للعمل في مشروع السد في الستينات، وتتضح أبعاد شخصيته وشخصية زوجته "فاطنة" في الرسائل، كما تكشف الرسائل عن معاناة العمال وما يُساسونه في الغربة هو وزويهم، كما تكشف الجوابات عن حجم التضحيات والفقد الذي يتعرض له العمال خلال هذه المشروعات الخطيرة في بعض الأوقات.

ومن أبرز قصائد الديوان:

 

الرسالة الأولي

"العنوان"

 

الجوهرة المصونة

والدرة المكنونة

زوجتنا فاطنة أحمد عبد الغفار

يوصل ويسلم ليها

في منزلنا الكاين في جبلايه الفار

 

الرسالة :

أما بعد ..

لذا كنت هاودت كسوفي ع التأخير

واللهي ما كنت حاخط بيدي حرف.

سامحيني يا فطنه في طول الغيبه عليكم

وأنا خجلان .. خجلان ..

وأقولك يا زوجتنا

أنا خجلان منكم ..

من هنا للصبح ..

شهرين دلوقت ..

من يوم ما عنيكي يا فاطنه .

بلت شباك القطر ..

لسوعتي بدمعك ضهر يديَ

لحضتها قلت لك :

" قبل ما عوصل عتلاقي جوابي جي "..

نهنهتي .. وقلتي لي بعتاب:

النبي عارفاك كداب ..

نساي

وعتنسى أول ما عتنزل في أسوان ..

ما عرفت ساعتها يا مرتي أضحك ولا أبكي.

ما عرفت ساعتها اذا كنت باعوز القطر يقف ولا يولي.

حسيت بعنيكي الحيرانة يا فاطنة بتقولي

وتسكت وتقولي.

حسيت واليد بتخطفها يد الجدعان

بالقلب ف جوفي ما عارف ان كان بردان .. دفيان

والبت عزيزه والواد عيد

قناديل في الجوف ..

زي ما بتضوي .. بتقيد ..

.......... والقطر إتحرك ..

وقليبي بيتنقل من يد لإيد .

والقطر بيصرخ ويدَودِو

اتدلدلت بوسطي من الشباك ..

خذي بالـــــــــــــــــــــــــــــــك م الولد ..

راعي عزيزه وعيد

والقطر صرخ ورمح لكإنه داس على بصّة نار ..

ولقطت الحس قريب .. قد ما كنتي بعيد :

قلبي معاك يا حراجي هناك في أسوان

ورميت نفسي وسط الجدعان ..

وبكيت ..

وبلدنا اللي كنا بنمشيها ف نص نهار

كان القطر في لحضه .. فاتها بمشوار .

سامحيني يا فطنه على التأخير ..

ولو الورقه يا بت الخال تكفي

لأعبي لك بحر النيل والله بكفيِ

كلام

 

وختاماً ليس ختام ..

بابعت لك ِ

ليكي ولناس الجبلايه

ولبتي عزيزه والواد عيد

ألف سلام

 

ملحوظة:

اكتبي ع لمظروف

أسوان

زوجي الغالي

لوسطى حراجي القط

العامل في السد العالي

زوجك

الاوسطى حراجي

 

الرسالة الثانية

وهي رد من فاطمة على رسالة زوجها "حراجي"

 

زوجي حراجي ..

فوصلنا خطابك ..

شمينا فيه ريحة الأحباب .

ربنا ما يوري حد غياب ..

مش أول مره البسطاوي بيخطي عتبة الدار ؟؟

عمرنا يا حراجي ما جلنا جواب .

النبي ساعة مرزوق البسطاوي ما نده ..

كده زي ما كون ..

دقت في حشايا نار .

وكإن العمر بيصدق

بعد ما كان كداب .

اتأخرت مسافه كبيرة كبيرة علي

عارف فاطنه يا حراجي لاليها عايل .. ولا خي .

ليه تتأخر كده يا حراجي .. ؟

طب والنبي كأن ورقتك دي

أول قنديل يتهز ف جوف الدار .

أول ندعة ضو.

الدار من غيرك يا أيو عزيزه

هِــوّ .

وعزيزه وعيد ..

من غيرك يا حراجي

زي اليُتما في العيد .

الواد على صغره حاسس بالغربه والبعد .

ولا عاد حتى بيطلع يلعب في القمَارى مع الولِد .

اطلع وأخش ..

أطلع وأخش القاه .. غيمان

وكأنه محروق له دكان .

ويقوللي :

فين يامه أسوان.. ؟

وأبا سابنا ليه يا مه ؟

ما يمكن زعلان.. ؟

شهرين يا بخيل ؟

ستين شمس وستين ليل ؟

النبي يا حراجي ما أطول قلبك

لاقطع بسناني الحته القاسيه فيه.

كل الجبلايه تسلم فرداً فرد ..

م الحاج "طِلب حامد" لعيلة بيت "علي سعد"

وانشالله تكون يا حراجي ما يوريني فيك يوم.

وانشالله تكون تعلمت ترد قوام .

ومادام احنا رسينا ع العنوان

والله ما حنبطل بعتان..

 

مفهوم:

أسوان

زوجي الغالي

لاوسطى حراجي القط ..

العامل في السد العالي

 

زوجتك

فاطنه أحمد عبد الغقار

جبلايه الفار

 

وتبادلت الرسائل بين الزوجين على مدار سنوات هي فترة عمل حراجي في مشروع بناء السد العالي، التي وثق لها الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي في ديوان يُعد فريد من نوعه، وبمثابة وثيقة تؤكد على ما قدمه عمال مصر من تضحيات لبناء هذا المشروع العملاق.