أكد البروفيسور آريس جورجاكاكوس، أحد أهم الخبراء في إدارة أحواض الأنهار، على ضرورة التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، قبل الملء الثاني الذى تعتزم أديس أبابا القيام به.
وقال "جورجاكاكوس"، في تصريحات له: "من المهم جداً أن يكون لكل هذه الدول اتفاق بشأن تنظيم عمل السد قبل عملية الملء الثاني للخزان.. هذا شيء بالغ الأهمية لأن هناك العديد من الأمور وعديد من الفوائد التي يمكن أن تنتج عن السد، ولكن على كل الدول أن تتفق على كل هذه الشروط بشأن التشغيل والتخزين".
وأضاف الخبير في إدارة أحواض الأنهار، أن التأثيرات الخاصة بهذا السد على دول النيل تعتمد على الإجراءات الكلية التي سيتم تطبيقها لتنظيم الملء، وعمل السد، مؤكدا ضرورة أن يكون سد النهضة محكوماً باتفاقية.
وتابع: "كما تعلمون أن الاستخدامات الاقتصادية والاجتماعية والتبخر يصل إلى نسبة 100% بشكل عملي من مياه النيل، بمعنى أن 100% من مياه النيل يتم استهلاكها في تلك الدول وهذا معناه أن أية زيادة في استهلاك المياه ستؤثر على الجميع.. هي عمليه حسابية بسيطة، لذلك فمن المهم أن يكون هناك اتفاقية تعمل على الإدارة العادلة لمصادر المياه".
وأوضح أن درة تخزين سد النهضة حاليًا هي عامل مهم وحاسم يضاف إلى تلك المنظومة النيلية ويمكنه إفادة الجميع وبشكل عام تخزين مياه النيل عنصر هام لإدارته المستدامة نظراً لتباين حجم الفيضان بشكل سنوي أو علي مر السنين ."
واستطرد: "فيضان النيل يمر بتغييرات موسمية، فمن يونيو حتى سبتمبر وأكتوبر يكون لدينا فيضان كبير وباقي العام منخفض جداً، لكن خلال السنوات أيضاً هناك سنوات يكون فيها الفيضان عال جداً يصل إلى أكثر من 100 او 120 مليار متر مكعب في العام ثم تأتي سنوات انخفاض كبير في التدفق حتى تصل الكميات إلى مرحلة 40-50 مليار متر مكعب بشكل إجمالي وانا أتحدث عن المياه التي تصل إلى مصر وبالتالي أرى أن التخزين مهم جداً لنقل المياه أثناء مواسم الجفاف ، ومن خلال وجهة النظر هذه يمكن أن يكون سد النهضة ذو فائدة كبيرة لكن لا يمكن أن ندرك هذه الفائدة، بل ربما يكون ضاراً في حال عدم وجود تعاون في تنظيم عمل هذا السد خاصة في مواسم الجفاف ".
وأكد أنه حتى في حال عدم وجود سد النهضة، فإن مصر معرضة للجفاف ومن ثم يجب أن يكون هناك استراتجيات تعاونية، مضيفًا: السد العالي حمى مصر لفترة طويلة خاصة خلال الثمانينات عندما كان هناك تعاقب لسنوات الجفاف، ولكن لو حدث مثل هذا الجفاف في الوقت الحالي وبسبب زيادة استهلاك المياه وخسارتها بسبب التبخر فإن مصر ستعاني من نقص المياه، وإذا تم بناء سد النهضة واستخدامه بشكل تعاوني فبالإمكان أن نقلل من تأثيرات الجفاف".
وأوضح أن العنصر الحاسم هنا هو أن يتم إدارة هذا السد بشكل تعاوني على أساس إقليمي، إذا لم نقم بهذا وإذا إختارت إثيوبيا أن تتعامل فقط من منطلق مصالح وأهداف وطنية محلية بدون تقديم دعم لمصر والسودان خلال الجفاف فإن تأثير الجفاف سيكون أكبر وربما يؤدي إلى انخفاض المياه المخصصة للزراعة في مصر بنسبة 20-25% ، و هو تأثير كبير إذا ما اختارت إثيوبيا إدارة السد من خلال منظور خاص دون النظر إلى دول المصب.
وعن مخاوف الجفاف، قال"جورجاكاكوس": "هناك نقطة أخرى أريد أن أضيفها وهي أن الجفاف الذي حدث في الماضي لن يكون مثل الجفاف الذي سيحدث في المستقبل، لأننا قمنا بإجراء دراسة تفصيلية تقول أن التغيرات المناخية سوف تؤثر على النيل الأزرق والأبيض وأن التغيرات المناخية ستكون أشد وأطول فيما يتعلق بالجفاف، وبالتالي إذا لم نكن قادرين علي التعامل مع الجفاف سابقا ، فإن الجفاف المستقبلي سيكون أسوأ تأثيراً على مصر والسودان وربما إثيوبيا أيضاً وهنا تأتي أهميه سد النهضة بالنسبة لكل من مصر والسودان ويجب عليهما أن يتأكدا أن هناك استراتجية تعاونية لتنظيم إدارة هذا السد".
وحول أوجه الاستراتيجيات التعاونية وتوليد الكهرباء من السد، قال الخبير في إدارة أحواض الأنهار: "بشكل عام، الاستراتيجيات التعاونية التي بحثناها بشأن سد النهضة لا تظهر أي تأثير كبير فيما يخص توليد الطاقة من السد، والفارق بين الاستراتيجية التعاونية أو العمل من خلال أهداف وطنية هي فوارق بسيطة لا تتعدى نسبة 2% من إجمالي توليد الطاقة. لكن الفائدة الأهم من هذه الاستراتيجية هي لدول المصب ومدى تحملها لأوقات الجفاف.
وتابع: الاستراتيجيات التي يجب أن ندرسها، وأتمني يتم وضعها في الحسبان في عملية التفاوض، تقول بإنه يجب أن ننظر للسعة التخزينية لسد النهضة كأحد الأصول الإقليمية بالتعاون مع الخزانات السودانية والسد العالي في أسوان، و قد اقترحنا استراتيجية معينة بحيث يكون التخزين الإجمالي للمنظومة ككل يمكن تشغيله بطريقه تستفيد منها دول المصب خاصة في الأوقات الصعبة، ويستفيد منها الجانب الإثيوبي في توليد الطاقة".