الجمعة 27 سبتمبر 2024

هزار أطفال.. بدايته «ضحك» ونهايته «عاهة مستديمة»

30-1-2017 | 17:44

كتبت: فاطمة مرزوق

استيقظ من نومه باكرا، اتجه إلى شباك غرفته، فتحه على مصراعيه وظل يتأمل السماء، ويداعب أشعة الشمس بعينيه، وكأنه يعلم أنها المرة الأخيرة التى سيرى فيها جمال الأشياء بوضوح، تناول إفطاره برفقه أشقائه، واتجه إلى الشارع مفعما بالنشاط، ليرافق أصدقاءه لخوض جولاتهم اليومية فى اللعب.

ظلت ضحكات سيف محمد ذو الـ6 سنوات تتعالى هنا وهناك، وهو يلهو مع رفاقه، جرى بعيدا ليتحاشى مزاح صديقه الذى أمسك بـ"قصبة" طويلة فى يده كى يضربه بها، نظر وراءه كى يطمئن أنه رحل، إلا أنه اصطدم بالقصبة وهى تخترق عينه اليسرى، فصار الكون حالك السواد أمامه، ووقع مغشياً عليه.

خرجت الأم مسرعة على صوت صراخ طفلها، حملته بين ضلوعها داخل المنزل وظلت تراعيه طوال اليوم، وقالت لـ”الهلال اليوم”: "بعد 3 أيام عينه ورمت ومكنش معايا فلوس أدخله المستشفى، اتخانقت مع أهل الواد اللى ضربه، ودفعوا فلوس المستشفى، لكن الدكتور قال إنه محتاج عملية عشان النزيف يقف".

لم تتمالك سميرة محسن نفسها، ودخلت فى نوبة بكاء عارمة، عندما تذكرت ذلك اليوم، وأضافت: "الدكتور عمل العملية، وكتب لسيف على خروج، من غير ما يقول لى إن السلك اللى فى عينه لازم يتشال".

واستطردت: "رحت مستشفى أبو الريش، وأول ما الدكتور شال الشاش من على عينه وفك السلك، قال لى ابنك مش هيشوف بعينه تانى".

عاد سيف إلى منزله فى منطقة بشتيل، وقرر هجر اللعب عازما على الوحدة، قضى 4 أشهر لا يفارق غرفته"، ويقول: "كرهت أصحابى واللعب، ولما كنت بخرج أقعد قدام الباب كانوا بيقولولى يا أبو عين واحدة".

 

 

 

ترى الأم الأربعينية أن مستقبل طفلها على مشارف الانهيار، فدخول زوجها السجن منذ 6 سنوات منعها من استخراج شهادة ميلاد سيف وأشقائه الثلاثة.

وتابعت: "كان نفسه يدخل المدرسة زي أصحابه، حاولت أدخله حضانة يتعلم القراءة والكتابة بس رفضوا عشان شهادة الميلاد، أبوه رجله مقطوعة ومش شغال، ومعانا 6 عيال، وعايشين على مساعدات أولاد الحلال".

لم تتوقف معاناة سيف عند ذلك الحد، حيث أكد الأطباء حاجته إلى نظارة بـ450 جنيها، كى يحافظ على النظر بعينه اليمنى.

مر 4 شهور ولا تزال الأم عاجزة عن شراء النظارة لطفلها، واستكملت: "لو ملبسهاش نظره هيروح ويعيش أعمى طول عمره، بحاول أحوش فى حقها ومش عارفة، والولد التاني أهله ضربوه والموضوع خلص وعايش حياته، لكن ابنى هو اللى هيفضل عايش بعاهة طول عمره".