الإثنين 6 مايو 2024

مِصرُ المُنقِذة

مقالات21-5-2021 | 12:02

حدثتكم فى مقالى السابق  "فلسطين ولعبة ملك وكتابة" عن  الوضع المعقد فى قضية القدس وفلسطين ! وكيف حولها الأشقياء من الماسون والصهاينة والجماعة الإرهابية من قضية حق، إلى سبوبة مالية وسياسية؟!


وأشرت إلى ضرورة تقديم النصرة لفلسطين والقدس عبر طريق آمن حتى لا  تضيع جهودنا هباء منثورًا، وكثيراً ما ضاعت من قبل وفق مراد المتاجرين بالقضية  والدماء الفلسطينية،،


كما تحدثت عن عشر حقائق وتوصيات لكيفية التعاطى مع قضية فلسطين، وأولها  هو الدور المصرى العظيم فى القضية الفلسطينية عبر تاريخها مما يرشحها لأن تكون هى الطريق الآمن لتقديم المساعدة لفلسطين  والفلسطينين، بل هى الطريق الآمن لنصرة القدس والقضية بأكملها، ثم جاءت الأحداث متتالية خلال الأيام السبعة الماضية ، لتؤكد صدق ما كتبه الفقير إلى الله يوم الجمعة الماضى فى هذا الشأن.

وخصص سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى 500 مليون دولار  لإعادة إعمار غزة ، وتتولى الشركات المصرية المهمة بأيادي المصريين المعمرة، كما أرسلت وزارة الصحة المصرية  65 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية، فضلاً عن توفير الدم والبلازما، وتجهيز 11 مستشفى فى ثلاث محافظات لاستقبال الجرحى الفلسطينين، وإرسال الفرق  الطبية التى دخلت غزة لعلاج المصابين.. إلخ

كما نجحت جهود مصر بجهود صقور المخابرات العامة فى التوصل لوقف إطلاق النار، عبر مبادرات مشكورة من قبل العالم كله، مما عكس وضع مصر العالمى من جهة، ومن جهة ثانية تأكدت ثقة الشعب المصرى فى أجهزته وقيادته، وتوحدت تلك الجهود مع تعاطف المصريين تجاه القضية الفلسطينية، إنها الجهود الوحيدة على الأرض دون ضجيج أو مزايدة، فمصر وحدها التى خططت ونفذت، وفرضت إرادتها، وحتى كتابة هذه السطور، خرج الفلسطنيون فى غزة وفلسطين يحتفلون  بتنفيذ المبادرات المصرية كل ذلك وأكثر يؤكد الثقة فى مصر وقيادتها وأجهزتها، للأسباب الآتية:


1- لأنه توجد  شخصيةٌ نادرة على رأس السلطة فى مصر ومعه الأجهزة الوطنية السيادية  المحترفة، من حيث الوطنية والإخلاص من جهة، ومن حيث الاحتراف فى إدارة الملفات كلها بسرعة واقتدار وإنجاز  أكبر قدر متوقع من النتائج من جهة ثانية ،  ألا وهو الرئيس عبدالفتاح السيسى.


إن الإستقراء  التاريخى لتاريخ الزعماء والأمم، وأيضاً إستقراء  وضع مصر قبل ثورة  الثلاثين من يونيو وما بعدها إلى الآن، مع وضع العالم والمنطقة !! كل ذلك يؤكد أن عبدالفتاح السيسى هو قائد تحويلى قلما يجود الزمان بمثله؛ لأنه ببساطة شديدة قد قرأ كتاب مصر الجغرافى وكتابها التاريخى ونسج منهما رؤيته المستقبلية، والقادة التحويليون دائماً يتجاوزن الأزمات ويمتطون الصعاب ومعهم شعوبهم، وعلى قدر جهود القائد على قدر تجاوب  الناس معه ، للتحول من وضع مأساوي إلى وضع سيادى!! وهذا ما حدث فى السنوات الماضية.


وانتقلت مصر فى سنوات معدودة إلى دورها التاريخى فى استنقاذ أمتها، وخاصة فى محيط أمنها القومي، وحتماً تقع فلسطين فى ذلك المحيط، وقد أشار القرآن الكريم فى سورة البلد أن الأمة قد تمر بمنعطفات شديدة وعلى قدر التحمل والعطاء فيها، ومواجهة التحديات على قدر الثواب يوم القيامة والنجاة ، والنصر من الله، قال تعالى "فلا اقتحم العقبة 11 وما أدراك ما العقبة 12 فك رقبة 13 أو إطعام في يوم ذي مسغبة 14 يتيما ذا مقربة 15 أو مسكينا ذا متربة"، سورة البلد، والجهود التى بذلتها مصر هى جزء من اقتحام العقبات  وخاصة فى مساعدتها لغزة واغاثة الملهوفين تحت قذف نيران المعتدى.


 فشخصية عبدالفتاح السيسى التى نعرفها والتى يراها المحللون والخبراء فى العالم كله، لن تقبل بوضع يضر مصر فى مياهها، ولن تقبل بوضع يضر مصر فى أمنها القومى، ولن تقبل بوضع يُضيع قضية فلسطين أو بلد عربى.


2- المخابرات العامة المصرية ذراع مصر  فى كل شبر من الكرة الأرضية، هو من أقوى الأجهزة فى العالم كله، ونجاح جهودهم فى مبادرة وقف إطلاق النار يدل على قوة صقور مصر التى نفاخر بها العالمين أجمعين، ويحتم علينا أن نكون جميعاً ظهيراً شعبياً  لمصر وقائدها وأجهزتها الوطنية، كلازمٍ من لوازم جهود التصدى للحرب المفتوحة بجانب جهود المخابرات العامة وبقية أجهزة مصر الوطنية.  


والظهير الشعبى هو الالتفاف حول مصر وقيادتها وأجهزتها عند النوازل والحروب دعماً وتقويةً لجهودهم، وهو من أهم القوى الناعمة لتقوية القوى الشاملة لمصر بأنواعها "الذكية والناعمة والخشنة"، فالحرب المفتوحة: لا تقتصر على المواجهة الأمنية أو العسكرية !!، إنما تمتد لتشمل الحرب الإعلامية والنفسية والتأثير على الناس عبر الإشاعات والمكائد الإعلامية.. إلخ


وأحد أدوار الظهير الشعبى تقويض هذه الممارسات ومواجهتها، حتى تتفرغ مصر لملفاتها المهمة وتحقيق أهدافها فى جو من الأمان والسلم الاجتماعى والتماسك الوطنى.

ومن قديم الزمان والجيوش عند الحرب  تعرف الظهير الشعبى الذى يقوى من أزر الجنود وثقتهم بأنفسهم وبطولتهم وقيادتهم ورئيسهم ، وخاصة عند المواجهات الكبيرة واللى أحياناً يكون  لها خسائر مادية  أو حتى فى الأرواح.  


وكان العربى قديماً يخرج خلفة نساءه وأمواله وكانوا يتغنون بغناء بعاث (مثل الغناء الوطنى الآن)، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعين بالشعراء وقت الحرب لصد هجوم العدو الإعلامية والتشكيك فى جيش المسلمين. وكان يقول لهم " اهجوهم وروح القدس تؤيدكم"، وعندما أشيع أن رسول الله قد استشهد فى غزوة أحد !! من أطلق الشائعة هو خبيث من خبثاء العدو بقصد ارباك المسلمين وهزيمتهم !!


وكان لذلك أثرٌ سيّء على بعض المقاتلين، فتركوا القتال !! والبعض الآخر أخذ يقاتل دون تمييز  بين المسلم والمشرك فقتل بعض المسلمين خطئاً !!


أراد الله أن يلقنهم هذا الدرس ليتعلموا منه لاحقاً.. فقال تعالى: "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) آل عمران، واستطاع رسول الله ان يلملم الجراح وحشد الجند وأرجع  لهم الثقة والأمل وخرج خلف العدو فى موقعة حمراء الأسد وانتصر، وكان يقول للجند أروهم منكم قوة !!

وأوصانا القرآن الكريم عند لقاء العدو بالثبات وذكر الله  والصبر وعدم التنازع والاختلاف (يعنى علينا دعم بلدنا وأجهزتها بكل ما أوتينا من قوة).


قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 45، 46].
 وتطبيقاً لما سبق وإحياء لسنة رسول الله وقت الحرب، واجبنا جميعاً  فى هذه الفترة الحرجة من تاريخ هذا الوطن، أن نكون ظهيراً شعبياً  لمصر وأجهزتها الوطنية ورئيسها، وأن نكون كذلك فى ولائنا لمصر ومواجهتنا لتحديات أمنها القومى، كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

3- البعدان التاريخى والجغرافي لمصر يؤكدان ما سبق ذكره، فقد انقذت مصر أمتها العربية وأمتها الإسلامية مرات ومرات، من براثن التتار والفرنجة وكل الأعداء عبر التاريخ، ولولا مصر لضاعت الأمة الإسلامية ومعها الإسلام !

ولقد قدر الله لمصر أن تكون فيها قوة الجغرافيا، وقوة التاريخ ، والقوى الشاملة تَصْنع ولا تُصنع !! تصنع النصر والحضارة، ولا تصنعها الأحداث أو الثروات !!

قد تضعف بعض الوقت ولكن لا  تموت ، بل تعود بقوة أكبر، عندما تحارب! لا تعتدى ولا تغزوا، بل تدافع عن مصالحها وتنتصر، تأثيرها على بلدان العالم تأثير بلا ضجيج، باقية من آلاف السنين على ناصية ثلاث قارات، يحدها بحران وينتصفها نهر.


بقيت جغرافيتها وقوتها وشعبها، وذلك فى الوقت الذى تغيرت كل خريطة الأرض من حولها آلاف المرات !!

مباركة فى كل الكتب السماوية وعند كل الأنبياء..
وهى باقية إلى قيام الساعة كما ذكر النبى صلى الله عليه وسلم..
إنها جوهرة واحدة على الخريطة..
وصفها المرحوم جمال حمدان بقوله: "مصر فلتة جغرافية.. إنها مصر  صانعة لمصيرها بإذن ربها، وقاهرة لكل معتدٍ أثيم بقوة جيشها وشعبها..

وبحكم البعد الدينى تعيش مصر حالة رباط على حدودها وحدود أمتها ، وفق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:
*إذا فتح الله عز وجل عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال أبو بكر لم يا رسول الله؟ فقال: لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة.


وقال أيضاً: ستكون فتنة  – خير الناس فيها – أو يسلم الناس منها، الجند الغربي، قال عمرو بن العاص فلذلك قدمت عليكم مصر، (الجند الغربي يعني جند مصر باعتبار مصر غرب الجزيرة العربية، ونص القران الكريم وهو يسوق قصة موسي وهو بمصر (وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسي الأمر وما كنت من الشاهدين).

كل ذلك وأكثر، وبحسب حكم التاريخ، وحكم الجغرافيا، لن تتغير مصر إلا إلى الأمام كقوة صاعدة، تحافظ على مصالحها وتنقذ أمتها وخاصة البلدان التى تقع فى محيط أمنها القومى، ومنها بالطبع فلسطين.

وبإذن الله لن  تستطيع قوى الاستخراب العالمى من تغيير تلك الحقيقة !! لا الإخوان ولا من يحركهم ولا حتى العفاريت الزرقاء كما تقول الدارجة المصرية !!
والله المستعان.
#إنا لله معنا

Dr.Randa
Egypt Air