تقبع أمام صندوق خشبى وعلب من الورنيش؛ حاملة فرشاة لتلميع الأحذية، بأحد الشوارع المحيطة بمنطقة السيدة زينب، لتجنى قوت يومها رغم كبر سنها ومرضها، تصارع من أجل أسرتها التى تعولها منذ صغرها، واضعة على كاهلها مسؤولية أبنائها بعد وفاة زوجها، ملامحها تحكى قصة كفاح كللتها أيديها التى ترتسم عليها علامات الشقاء، وانحناء ظهرها ينم عن تضحيات وعطاء لا ينتهى.

 

تلك حكاية عبلة إبراهيم التى تبلغ من العمر 55 عامًا، تعول 4 أبناء بعد أن تُوفيَّ زوجها منذ 7 سنوات، وأبناؤها وغير قادرين على الإيفاء باحتياجاتها من دواء ومأكل ومشرب، وتعانى من ذبحة صدرية وأمراض أخرى عدة، لكنها تضطر للنزول إلى الشارع لتلميع الأحذية، لإدخال عائد مادى لسد متطلباتها.

◄«شايلة البيت»

"أنا بقالى 4 سنين بنزل الشارع ألمع الجزم، والشغل مش عيب أحسن ما أشحت وأمد إيدى للناس" بتلك الكلمات بدأت "عبلة" حديثها قائلة" أنا شايلة البيت على كتافى من ساعة ما جوزى مات وبجرى على أكل العيش عشان أصرف على نفسى وعلى أولادى؛ لأن ظرفهم صعبة أوى" لافتة إلى أنها بعد أن تُوفيَّ زوجها قامت بالزواج من أحد أقارب زوجها، لكنها فوجئت بأنه غير قادر على إعالة أسرتها لضعف قدرته الصحية والمادية.

تضيف عبلة: "أتجوزت قريب جوزى المتوفى، عشان يعولنى أنا وأولادى لاقيته عاوز يتعال، فطلبت الطلاق منه عشان أخد أى معاش رفض وعاوزني أدفع فلوس المأذون، فاضطررت اتبهدل فى الشارع عشان أجيب مصاريف البيت، وأدفع فلوس أقساط جهاز بنتى بعد مأخدت من البنك قرض بـ5000 جنيه، ده غير إيجار الشقة 300 جنيه، وصحتى معدتش تقدر على شيل المسؤولية والفلوس اللى بتدخلى مش بتقضينى حتى اكل".

 

◄«غير قادرة»

وتوضح عبلة أنها فى البداية كانت تعمل فى تنظيف المنازل، ولكن بعد إصابتها بذبحة صدرية شديدة، توقفت عن العمل فى البيوت، وبدأت فى تلميع الأحذية بالشوارع؛ لأنها غير قادرة على الحركة، مستطردة" المرض تعبنى أوى وقدرتى على الشغل بقت قليلة، بشتغل يوم وخمسة لاء، بس هعمل إيه محتاجة فلوس عشان عليا ديون كتيرة، وولادي مش عارفين يساعدوني مسئولية بيوتهم تقيله وربنا بيعين الواحد وبيرزقه".

◄استغاثة للرئيس

وتتمنى عبلة أن تتلقى الرعاية اللازمة من قبل الدولة وتساعدها فى سداد ديونها، التى تؤرق تفكيرها طوال الليل وتمنعها من النوم؛ خوفًا من عدم سداد الديون وحبسها، كما يحدث مع الغارمات، مضيفة: "مش عاوزة غير أني أسدد ديوني وبطالب الرئيس السيسي أنه يساعدنى عشان مش عاوزة اتبهدل على آخر الزمن فى السجون".