قال عدد من الأثريين تعليقا منهم عما انفردت به "الهلال اليوم" من نشر صور وفيديو توضح سقوط أجزاء من 4 شرف من كوبري محمد علي الأثري "فرع رشيد" بالقناطر الخيرية - محافظة القليوبية: إن الأثار المصرية ستظل تعاني من الإهمال وعدم اللامبالاة؛ طالما استمر الضعف والسلبية تسيطر علي القيادات الأثرية، مطالبين بتقديم المسئولين عن تلك الكارثة للمحاكمة.
في المقابل يري آخرون أن سبب عدم ترميم الكوبري حتي الأن هو الدراسات اللازمة لإعادة هذا الأثر علي ما كان عليه.
قال أسامة كرار المنسق العام للجبهة الشعبية للدفاع عن الآثار، إن الحالة التي وصل عليها كوبري محمد علي باشا الأثري الآن خير دليل على أن وزارة الأثار لا تلقي بالا بالحفاظ على التراث المصري الحضاري أيا كان عصره.. فرعونيا أو روماني أو قبطيا أو إسلاميا، في إشارة منه لما انفردت به "الهلال اليوم" من نشر صور وفيديو توضح سقوط أجزاء الكبري، مشيرا إلي أن إدارة الترميم بالوزارة تعتمد في استراتيجية عملها علي نظام "المقاولات" بمعني أن المسئولين بتلك الإدارة لا يهتمون إلا بالحصول علي العمولات عبر إسناد أعمال الترميم لبعض الشركات المعروفة من الباطن نظير الحصول على بعض العمولات، بغض النظر عن كون هذه الشركة متخصصة في أعمال الترميم أو لا، وهل ستسطيع إنجاز المهمة طبقا لإعادة الأثر لما كان عليه قبل ذلك أم لا.
وأوضح “كرار” أن إدارة الترميم بوزارة الأثار اعتادت تقديم ردا واحدا عندما يطلب منها ترميم أثر ما وهو "لا يوجد لدينا إمكانيات مادية"، ومن ثم فإن الأثار المصرية ستظل تعاني بهذا الشكل من الإهمال وعدم اللامبالاة طالما استمر الضعف والسلبية تسيطر علي القيادات الأثرية.
من جانبها أرجعت انتصار غريب المنسق العام لحركة ثوار الأثار إهمال ترميم الكوبري الأثري بالقناطر الخيرية إلى سببين: الأول منهما هو عدم وجود لجان مخصصة داخل وزارة الأثار "للمتابعة الدورية" على الأثار للوقوف على حالتها، ومن ثم الكشف عن الأثار التي تحتاج إلي ترميم ، خاصة في ظل عدم وجود جهة مخصصة بالوزارة لمتابعة الأثار الآيلة للسقوط، متوقعة أن تكون القيادات الأثرية نسيت أو تناست أن هناك كوبري أثري موجود بالقناطر الخيرية يحتاج إلى ترميم .
وأوضحت المنسق العام لحركة ثوار الأثار أن السبب الثاني هو غياب التغطية الإعلامية اللازمة للحالة التي وصل عليها كوبري محمد علي الأثري، مؤكدة إن تحويل هذه الكارثة لقضية رأي العام ستدفع القيادات الأثرية باتخاذ اللازم تجاه الكوبري خوفا من وسائل الإعلام، مستدلة علي ذلك بسرعة التحرك في ترميم وإعادة افتتاح "متحف الفن الإسلامي" بباب الخلق بوسط القاهرة بعد فترة وجيزة عقب تسليط الضوء عليه إعلاميا علي إثر تعرضه لأضرار كبيرة نجمت عن استهداف مديرية أمن القاهرة بعمل إرهابي، مشيرة إلي أن وزارة الأثار لا تقوم بواجبها في الحفاظ علي تراث مصر الحضاري إلا خوفا من الضجة الإعلامية.
وأكدت انتصار على أن هناك إهمالا متعمدا من قبل المسئولين عن المنظومة الأثرية بمصر، مشيرة إلي أن الأثار التي تركها محمد علي باشا خاصة الموجودة بمدينة القناطر الخيرية لا مثيل لها، حيث أنها تؤرخ لحقبة زمنية مهمة جدا من تاريخ مصر الحديث، الأمر الذي يتطلب الحفاظ عليها بشتى الطرق.
وتساءلت المنسق العام لحركة ثوار الأثار عن السبب ووراء عدم تقديم المسئولين عن هذا الإهمال الجسيم للمساءلة القانونية بتهمة التقاعس عن أداء العمل، مطالبة بتقديمهم للمحاكمة العاجلة حتي يكونوا عبرة لمن خلفهم.
في المقابل يرى الدكتور مختار الكسباني المستشار العلمي لوزير الآثار، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الأثار جامعة القاهرة، أن السبب الذي يقف وراء تأخير مشروع كوبري محمد علي باشا الأثري الموجودة بالقناطر الخيرية هو الدراسات اللازمة التي تعد لإعادة هذا الأثر علي ما كان عليه، مشيرا إلى أن ترميم هذا الكوبري يحتاج إلى دراسات توضح ما مدى قياسات الأحمال لهذا الكوبري، وكذلك تحديد طريقة أعمال الترميم مع توضيح كافة التفاصيل حيث لا يقف الأمر عن حد إعادة ترميم الكوبري ببناءه بالطوب والأسمنت.
وبسؤاله عن المدة الزمنية التي قد تستغرقها إعداد مثل هذه الدراسات أشار المستشار العلمى لوزير الآثار، إلي أنها تستغرق شهورا.. تصل إلي سنة كاملة، نظرا لأن هناك العديد من الجهات تشارك في إعدادها بجانب وزارة الأثار مثل كليات الهندسة، ومراكز بحوث البناء وغيرها، موضحا أن هذه الدراسات بعد الانتهاء من إعدادها يتم تسليمها للشركات المتخصصة في أعمال الترميم لتبدأ عملها.