استمع المستشار شعبان الشامي، رئيس محكمة جنايات القاهرة، لأحد المتهمين في قضية التخابر، وهو يتحدث داخل القفص بصوت عالٍ موجها سؤالا لهيئة المحكمة خلال نظر الجلسة فسأله القاضي: «إنت مين؟»، فرد: «أنا عصام الحداد نائب رئيس الجمهورية»، فرد القاضي: «اقعد» ساكت !!
حالة من الإنكار المخطط تتلبس قيادات تنظيم الإخوان الإرهابي كلما دخلوا إلي قفص المحاكمة فرادي وجماعات، تنتابهم هيستريا ، يهرتلون بماض مخز كان لهم، يقول المهين الذي لايكاد يبين في القفص: أنا عصام الحداد نائب رئيس الجمهورية، جاسوس يحاكم بتهمة التخابر علي وطنه الذي منحه منصبا وشرفا لا يستحقه.. عايش الدور، دور نائب رئيس الجمهورية، لا يغادر مربع العمليات الاستخباراتية التي درج عليها، أخطر جواسيس الجماعة قاطبة، مرسي الجاسوس الذي يهرتل أيضاً بأنه رئيس الجمهورية، جنب الحداد علي قصر قامته تلميذ خايب في مدرسة مخابرات الجماعة (القسم الخارجي).
الحداد هو أخطر قياديي الجماعة علي الإطلاق، أمسك بالجماعة من جناحيها، نائبا للجاسوس في القصر، ومقربا من رجل الجماعة القوي خيرت الشاطر في مدينة نصر، كان رجل العمليات السرية في القصر وفي المقطم، وحلقة الوصل بين أجهزة المخابرات العالمية واستخبارات التنظيم الدولي، وفعليا وزير خارجية الجماعة التي فرضته فرضا علي وزارة خارجية مصر، فصار وزير خارجية مصر الفعلي، ومستشارا للأمن القومي للجاسوس مرسي.
الدكتور عصام الحداد عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان (المنحلة ) كان أخطر المقربين من الجاسوس مرسي، داخل قصر الاتحادية بمصر الجديدة، وهو الفاعل الرئيس فيما تم رصده من عمليات استخباراتية قبل وأثناء وبعد سقوط حكم المرشد (لفترة قبل أن يلقي القبض عليه)، هو من خطط للحملة الضارية علي ثورة 30 يونيه، ولا يزال التنظيم الدولي يتحرك في دوائرها العالمية التي استطاع الحداد أن يضع الإخوان في القلب منها باتصالات نافذة ومؤثرة تقامر بالأمن القومي في سبيل إعلاء مصلحة الجماعة الإرهابية.
كان متحكما كلية في الشئون الخارجية المصرية لفترة كانت وزارة الخارجية مخطوفة إخوانيا، ولا تزال تعييناته المشبوهة في سفاراتنا حول العالم لها تصب في خانة المجهود الإرهابي للجماعة، ممارسات تآمرية كشف عنها، وهناك مالم يكشف عنه وسيكشف لاحقا .
الخلايا الإخوانية التي زرعها الحداد في الخارجية يجري تطهيرها تباعا، الأمن القومي المصري عيونه يقظة علي تحركات هؤلاء في الملفات الدولية انطلاقا من سفاراتنا الوطنية، بلغت يد الحداد طولا أن يعين في الأمم المتحدة مندوبا دائما لمصر كبدنا خسائر فادحة لولا (سطور كاتب هذه السطور) التي كشفت النقاب عن هوية هذا السفير الإخوانجي، وممارساته ضد 30 يونيه، وأمثاله قليل لا يزالون يتخفون .
بلغ نفوذ الحداد في الخارجية أنه طلب (زيارة دولة) للمعزول من واشنطن التي عجبت من الطلب أن يقدم هكذا دون المرور بالخارجية، وبلغ باتصالاته شأوا من خلف جدار، كاد يدبر لقاء شيطانياً بين الرئيس الأمريكي أوباما، والمعزول علي هامش اجتماعات الأمم المتحدة، ولكن وقت أوباما كان ضيقا علي إلحاحات الحداد، ولم يتم اللقاء الذي كان إذا تم بمثابة تعميد أمريكي لجاسوسهم في القاهرة، ليس خافيا عملية التجسس التي نفذها مرسي ضد العالم المصري الكبير عبدالقادر حلمي، وفي هذا حديث يطول ...
مصريا كانوا يطلقون عليه في الجماعة «ظل خيرت الشاطر»، وفي القصر رجل التنظيم الدولي، تجاوز بنفوذه الخارجي خيرت الشاطر نفسه، أفلت من مداره علي المستوي التنظيمي، وظل علي ولائه علي المستوي الإخواني، كان يستقوي بالشاطر ومالياته، ورفع نفسه بلغته الإنجليزية الجيدة واتصالاته الدولية وعلاقاته السياسية (صديق مايكل بوزنر مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون الديمقراطية وحقوق الإنسان) علي قيادات الجماعة العجوز التي تتخبط في فتاوي جهلها وأطرها التنظيمية العتيقة، كان يكتب اسمه في سطر وهم جميعا في سطور تالية.
خواجة الجماعة وسفيرها إلي العالم، ما كان يسأل عما يفعل، ولا عمن يقابل ، قيادته عالمية وليست محلية، كان علي سفر لا يفك أحزمة شنطة السفر، رحلاته الاستخباراتية كانت ملء السمع والبصر، ويخفي نظراته الجاسوسية وراء نظارات سوداء تمنحه غموضا يكرس الصورة الذهنية التي بات عليها، الرجل الغامض بسلامته.
أدار حملة «مرسي» الانتخابية علي الطريقة الأمريكية، مستقدما مبعوثي الإخوان حول العالم، في الجامعات الأوربية والأمريكية، وسيروا حملة مستخدمين فيها خبرات دولية، ومراكز عالمية، وشركات دعائية، وفرت للحداد فيما بعد سبل اختراق مراكز الأبحاث الأمريكية وصولا إلي صانع القرار الأمريكي .
كان مصدر ثقة للمعزول، ومن الندرة اليسيرة من الأشخاص الذين يتشاور معهم «مرسي» جيدا بعيدا عن الجماعة، فهو يثق فيه ثقة عمياء، وثقته مستمدة من ثقة «الشاطر» فيه، وعندما دخل «مرسي» القصر للمرة الأولي، اصطحب معه «الحداد» حتي مكتبه بالقصر الجمهوري، مما أثار لغطا سياسيا كون الحداد عضوا بمكتب الإرشاد، وكان هذا خلطا فاضحا بين مؤسسة الرئاسة والجماعة، ولكنه كان مخططا بقاء الحداد في القصر حيث رأس الحكم الذي سيتخابر علي أمنه القومي.
«الحداد» رجل تنظيمي، ولا يحب الإعلام كثيرا، حتي في القفص كامش علي نفسه، متخفيا وراء نظارته السوداء، مستغرقا في أهميته المدعاة، ناعيا مكوثه متهما بالتخابر علي الأمن القومي، الحداد لا يصدق أنه في قبضة الأمن القومي، وأن هناك من عد عليه أنفاسه واتصالاته المجرمة، وأمسك عليه وهو الحذر الأدلة علي عمالته وخيانته، يجهر بمنصبه في وجه العدالة، ومثله يجهر الجاسوس مرسي بمنصبه في وجه العدالة، والعدالة لاتري سوي متهم خان بلده ووطنه علي درجة نائب رئيس جمهورية، اعدموا الخائن.
كتب : حمدى رزق