تحقيق: بسمة أبو العزم - هانى موسى
أيام قليلة وتنتهى نصف المدة المحددة لتوريد القمح للدولة دون أن تكسر معدلات التوريد حاجز المليون طن فى ظل أحلام كشف عنها وزير التموين على المصيلحى متمنيًا توريد أربعة ملايين طن فى ظل تسهيلات كبرى قدمتها الحكومة للفلاحين وتخصيص اعتمادات مفتوحة للشراء والصرف خلال ٧٢ ساعة للفلاحين، إلا أن الخبراء تخوفوا من تحقيق تلك المعدلات، مؤكدين أنها لن تتجاوز ثلاثة ملايين طن فى ظل تكالب التجار على الشراء من الفلاحين وإغرائهم بأسعار أعلى.
وأعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى (خطة الوزارة) عن استعدادها لموسم حصاد وتوريد القمح للموسم الجديد، وقال الدكتور عبد المنعم البنا وزير الزراعة إنه تم التنسيق مع وزارة التموين والتجارة الداخلية لإنشاء نقاط ومراكز تجميع قريبة من المزارعين والحقول، لاستلام المحصول من المزارعين لفترة مؤقتة يتم نقل الأقماح التى تم استلامها إلى الشون والصوامع، من خلال اللجان المشكلة بالقرار الوزارى المشترك، والخاص بتوريد القمح، وذلك للتيسير والتسهيل على المزارعين وأنهم سيحصلون على مستحقاتهم بعد تسليم القمح خلال ٧٢ ساعة.
مضيفا: أن هذا العام تم إطلاق الحملة القومية لتدقيق المساحات المزروعة بمحصول القمح للموسم الحالى، من خلال تقنية الاستشعار عن بُعد ومطابقة التصوير الجوى للأقمار الصناعية على أرض الواقع، وذلك بكافة محافظات الجمهورية مما يضمن وجود بيانات حقيقية وكاملة حول المساحات المزروعة بالمحصول لهذا الموسم، كذلك الإنتاجية المتوقعة، لافتًا إلى أن إجمالى المساحة المزروعة بلغت ٣ ملايين و١٣٦ ألف فدان، موضحًا أن عمليات توريد المحصول لحساب الهيئة العامة للسلع التموينية تتم وفقًا للضوابط المعلنة بالقرار الوزارى المشترك، لوزارات التموين والزراعة والمالية، وبالأسعار التى تم الإعلان عنها، وهى ٥٧٥ جنيها للأردب بدرجة نظافة ٢٣.٥ قيراط، و٥٦٥ جنيها للأردب بدرجة نظافة ٢٣ قيراطا، و٥٥٥ جنيها للأردب بدرجة نظافة ٢٢.٥ قيراط.
فى ذات السياق، أضاف محمد العقارى، نقيب عام الفلاحين، أنه لا توجد مشاكل تواجه الفلاحين فى توريد القمح حتى الآن سوى أشياء بسيطة تتعلق بالإجراءات الروتينية من موظفى الاستلام بالشون، وإن إجراءات تسليم القمح تكون من خلال الحيازة الزراعية حاليا، لافتًا إلى أنه تم إرسال لجنة من نقابة الفلاحين للقاء الدكتور على مصيلحى وزير التموين بهدف التوصل إلى حل فى توريد أقماح مزارعى أراضى وضع اليد، حيث إن هذه الأراضى لا توجد لها حيازات زراعية، والهدف تجميع أكبر كميات ممكنة من المزارعين.
وأشار محمد قاسم، مزارع، إلى أن هناك عددا كبيرا من التجار يقومون بتجميع القمح من الفلاحين بسعر ٦٤٠ جنيها للأردب وزن ١٨٠ كيلوجراما، وأن التجار يحققون مكاسب كبيرة من القمح الذى يتم جمعه من المزارعين بما يقارب ٥٠ جنيها فى كل أردب يتم توريده، ويلجأ الفلاحون للتجار من أجل تخفيف الأعباء عليهم من الانتظار لفترات كبيرة أمام الشون والإجراءات الروتينية من موظفى الاستلام، ومنها على سبيل المثال الأجولة التى يتم التوريد فيها وإيجار السيارة التى يتم نقل القمح بها، فضلا عن أن التجار يقومون بدفع المبلغ كاملا بعد التعبئة من أرض المزارع وتحميله على نفقتهم الخاصة.
فى غضون ذلك، قال الدكتور صفوت الحداد نائب وزير الزراعة لقطاع الخدمات والمتابعة، إن توريد القمح ليس تابعا لوزارة الزراعة، وأن منظومة توريد القمح كلها تابعة لوزارة التموين، وهناك تعليمات مشددة من وزيرى الزراعة والتموين أن الجهة الوحيدة المسئولة عن إصدار بيانات عن الكميات التى يتم توريدها تكون عن طريق وزارة التموين، حيث إنها جهة الاستلام بسبب أنه مع بدء موسم توريد القمح قامت مديريات الزراعة والتموين بمنح أرقام عن الكميات التى تم توريدها.. وتبين عدم تطابق هذه الأرقام بين الوزارتين، وأن المنظومة بموجب القرار الوزارى المشترك والمسئول عن الأرقام وبياناتها هى وزارة التموين.
فى ذات السياق، تحدث خبراء عما أعلنته وزارة الزراعة حول المساحة المزروعة من القمح، وقال الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة إن موسم التوريد الحالى ضعيف، ويرجع ذلك إلى هطول الأمطار خلال الأسبوع الأول من التوريد بما أخر نضج السنابل، فالتوريد الحقيقى يبدأ أول مايو وتشتد الذروة حتى منتصف يونيو، ثم تتراجع مرة أخرى مُعدلات التوريد وصولا إلى منتصف يونيه.
متوقعًا عدم قدرة وزارة التموين على تحقيق المستهدف وهو توريد أربعة ملايين طن قمح بسبب تكالب التجار على الشراء من الفلاحين، فسعر الأردب المستورد الدرجة الثانية يعادل ٦٥٠ جنيها، فى حين يصل سعر الأردب المحلى ٥٥٥ جنيها، وبالتالى هناك توفير ١٠٠ جنيه عن كل أردب بإجمالى ٦٧٠ جنيها للطن بخلاف توفير مجهود تدبير العملة الصعبة للاستيراد, أيضا مصانع المكرونة بدأت فى الشراء خاصة من الصعيد، وبالتالى هناك أطراف عديدة تتصارع على المحصول بما يؤدى إلى نقص حصة الحكومة وعدم تجاوزها ثلاثة ملايين طن، خاصة أن المساحة المزروعة ٢,٧ مليون فدان وبالتالى ستضطر الدولة لتعويض هذا النقص بالاستيراد والضغط على العملة الصعبة.
مضيفًا: للأسف توريد القمح اختيارى وليس إجباريا، كما أنه لا يوجد قرار يمنع تداول القمح بين المحافظات، وبالتالى مصانع المكرونة الأهلية تخزن كميات كبيرة من القمح حاليا، وللأسف لم تتخذ وزارة التموين أى إجراءات لمنع وصول التجار إلى قمح الفلاحين.
من جهته، أكد الدكتور محمد أبو شادى وزير التموين والتجارة الداخلية، أن تواضع الكميات الموردة حتى الآن أمر طبيعى فى ظل الظروف المناخية المتقلبة والمعروف أن الحصاد يبدأ فى الوجه القبلى أولا ثم البحرى, أيضا الفلاح يحتاج إلى وقت للحصول على الأجولة من الجمعيات الزراعية، ثم يحصد ويعود بالمحصول لتوريده، وبالتالى لا داعى للقلق فالتوريد مستمر لمدة شهرين، والموسم مُبشر خاصة مع تنبه الحكومة لأهميته وعقد اجتماعات مستمرة لحل أى مشكلات، كما أن اللجان الحالية تعلمت جيدا من درس العام الماضى، بدليل رفض كميات كبيرة مخالفة للمواصفات، وبالتالى لا يوجد أى مجال للتلاعب.
ويقول ممدوح رمضان، المتحدث باسم وزارة التموين، إن انخفاض مُعدلات التوريد أمر طبيعى فى بداية الموسم، خاصة أنه بدأ متأخرا نسبيا هذا العام بسبب الظروف المناخية المتقلبة, فشهدت الأيام الخمسة الأولى من بدء موسم التوريد تغيرات ما بين أمطار ورطوبة، وبالتالى تأخر الحصاد، لكن بدأت عمليات التوريد تنتظم نسبيا بعد ٢٠ أبريل الماضى.
موضحًا أننا لا يجب أن نُقارن أرقامنا الحالية بالعام الماضى، والذى شابه توريد وهمى ومحل تحقيق حاليا.. لكننا بدأنا منذ بضعة أيام الدخول فى ذروة الموسم ا، ويتراوح معدل التوريد اليومى ١٠٥ ألف طن، حيث إن الوزارة استلمت ٨٠٣ ألف طن خلال ثلاثة أسابيع مقابل ٨٦٤ ألف طن خلال نفس الفترة من العام الماضى ، كما رفضت لجان الفرز ألفين وثلاثة أطنان بسبب الشوائب وعدم مطابقتها لدرجات النظافة.
ونفى المتحدث الرسمى قدرة التجار على حجب سلعة القمح عن الحكومة، وتكرار مأساة الأرز، مُستدلا بأن مطاحن القطاع الخاص التى تعمل بدقيق استخراج ٧٢٪ محظور عليها التعامل حاليا مع القمح المحلى فى إنتاج الدقيق.. وبالتالى مهما رفع التجار سعره فأين يُخزن القمح فى ظل رقابتنا المشددة على المطاحن؟, وبالفعل عقد وزير التموين المصيلحى اجتماعا مع مباحث التموين قبل مؤتمر الإسماعيلية، وتم تأكيد ضرورة مداهمة المطاحن للتفتيش عن القمح.
أكد «رمضان» أن فتح باب الاستيراد خلال موسم التوريد لن يتسبب فى تكرار ظاهرة خلط القمح المحلى بالمستورد، لأنه لا يوجد فارق سعر مغر، فخلال السنوات الماضية كان هناك ألف جنيه فارق فى السعر، أما بعد التعويم فيصل سعر الطن المستورد نحو ٣ آلاف و٧٠٠ جنيه, أما المحلى فيقترب من ٣ آلاف و٨٠٠ جنيه، وبالتالى لا توجد فائدة من التحايل, كما أن الوزارة اشترطت إخطارها بأى كميات متعاقد على استيرادها من الخارج وأماكن نقلها من الميناء إلى المخازن، من خلال معرفة خط سيرها يمكن السيطرة وضمان عدم تسريبها للخلط.
وأوضح «رمضان» أن وزارة التموين على استعداد لشراء أى كميات من القمح المحلى، وفقا للأسعار الرسمية المعلنة فهناك اعتماد مفتوح لصالح القمح، وبالفعل إذا تم توريد أربعة ملايين طن كما نتوقع فلن تقل تكلفتها عن ١٤ مليار جنيه, والجهات المسوقة الثلاث لديها سعات تخزينية تكفى استلام ٤.٢ مليون طن قمح من خلال ٣٤٢ موقعا تخزينيا ما بين صومعة أو شونة مطورة كذلك البناكر، وبالطبع هناك غرفة عمليات لمتابعة أى مشكلات تواجه الفلاحين وحلها مباشرة.
واشتكى تجار من محافظة الدقهلية من شروط تسليم القمح إلى الصوامع، مؤكدين تضرر الفلاحين من تلك الإجراءات التي تمثلت في تحديد ١٠ جنيهات كفرق بين درجات النقاء، حيث يقول فتحي السيد، تاجر بالسنبلاوين، إن قرار وزير التموين بجعل فرق درجة النقاء بـ ١٠ جنيهات عبء على المزارع والتاجر، فبعدما كانت بـ ٥ جنيهات خلال السنوات الماضية تم رفعها هذا الموسم، وهذا تسبب في خسارة كبيرة على الفلاح في المقام الأول.