عند مدخل حي باب تدمر في محافظة حمص، التي كانت في وقت ما معقلا للمعارضة، عُلقت لافتة انتخابية عليها صورة الرئيس السوري بشار الأسد مبتسما على جدار مبنى تعرض للقصف.
وتعرضت حمص، التي تبعد 160 كيلومترا شمالي دمشق، لدمار شديد خلال الحرب الأهلية السورية التي امتدت عشرة أعوام. ودمرت الحرب وسط المدينة وعدة أحياء تماما تقريبا بعد أعوام من الضربات الجوية وقذائف البراميل المتفجرة، ولا تزال هذه المناطق مهجورة وينتشر بها الخراب.
وكُتب على اللافتة عبارة "نقولها نعم للسيد الرئيس بشار الأسد".
وتجرى انتخابات الرئاسة في حمص في 26 مايو أيار لأول مرة منذ اندلاع الحرب.
وفوز الأسد مؤكد حيث ينافسه مرشحان مجهولان في انتخابات يعتبرها معارضوه والغرب مسرحية هزلية لإحكام قبضته على السلطة.
وفي الطريق إلى حي الوعر، آخر الأحياء التي استردتها القوات الحكومية في مايو أيار 2017، علقت الحكومة لافتات تحث الناخبين على التصويت.
وكُتب على لافتة معلقة أمام مبنى مهدم "صوتك في الصندوق.. رصاصة في صدر المعتدي".
وفي 2011 خرج آلاف السكان إلى شوارع حمص في احتجاجات مناهضة للأسد في تحد غير مسبوق، لكن قوات الأمن تصدت للاحتجاجات بعنف.
وحملت جماعات المعارضة السلاح وانتشر القتال في أنحاء المدينة بينما اختبأ السكان في الأقبية.
وفي منزلها بحي الوعر جلست أم علي (38 عاما) وأم لستة أطفال تستعيد ذكريات المعاناة خلال هذه الأعوام حيث قالت "عايشين ع الحمص ع البرغل ع الرز ع المي (المياه)، لا غسيل مثل الخلق ولا أكل ولا
شرب، كتير الوضع كان سيء معنا".
وفي هذا الوقت فرت لفترة قصيرة من حمص عندما أصبحت الأحوال شديدة السوء واتجهت شمالا إلى بلدة جرابلس على الحدود الشمالية لسوريا مع تركيا.
وقالت أم علي إنها ستنتخب الرئيس بشار الأسد. لكن بينما تمكنت من العودة إلى منزلها، لم يستطع الكثيرون فعل ذلك خشية الانتقام. وفر الآلاف من مقاتلي المعارضة وعائلاتهم من عدة أحياء في حمص مع استعادة القوات الحكومية سيطرتها على الأحياء الواحد تلو الآخر فيما وصفته الحكومة باتفاقات المصالحة.
وانتقدت المعارضة والأمم المتحدة هذه الاتفاقات ووصفوها بأنها إجلاء قسري لمعارضي الأسد يتم عادة بعد شهور أو أعوام من الحصار والقصف.
ومن بين العائدين إلى حمص محمد خلف وهو ميكانيكي سيارات غادر حي الوعر لخمسة أعوام بين 2013 و2018.
وبعدما أصلح منزله ومتجره يقول إنه أيضا سينتخب الأسد أملا في تحسن الأحوال المعيشية.
وقال "شو عم بنعيش مثل العالم مدبرين حالنا الحمد لله رب العالمين متأقلمين مع الوضع يعني لحين يبعد الله عنا هذه الظروف الاقتصادية".
ويستقبل حي النزهة المؤيد للأسد زواره بلافتة ضخمة تعرض صور الرجال الذين قتلوا أثناء القتال مع الجيش.
وفي حي شارع الستين المؤيد للأسد أيضا فقد محمد شملص، ويعمل خياطا، ابنه علي في الحرب.
وفي غرفة المعيشة، حيث جلس يعزف العود ويشدو بأغان تمدح الرئيس الحالي، علق شملص صورة ابنه الذي قضى نحبه خلال القتال مع الجيش في 2015 جنبا إلى جنب مع العلم السوري وصورة للرئيس الراحل حافظ الأسد.
ويقول شملص إنه يأمل أن تكون الحرب انتهت بلا رجعة.
وأضاف "الحرب... جرح يظل في القلب، بننسى بإذن الله بننسى، لازم ننسى، بدك تعيش معي وبدي أعيش معك، البلد بيت كبير بيوسع كل الناس".