السبت 18 مايو 2024

سقوط دراما المجاملات والمحسوبيات

مقالات25-5-2021 | 22:45

في زمن الفن الجميل، صنع منتجون عظام نجومية فنانات كثيرات، لكن لم يستغل أحد أموال الدولة في دعم هذه النجومية، أو تثبيت أركانها، بل اعتمدوا على تمويلهم الذاتي في إنتاج أعمال فنية، كانت تحمل إضافات مهمة للسينما والدراما، وفي نفس الوقت كانت تجتهد في تقديم مجموعة من القيم الفنية الأصيلة، والأمثلة على ذلك كثيرة، لكنها معبرة عما وصلنا إليه الآن من تخبط واضطراب.

رأينا تجارب إنتاج إيجابية على امتداد حياتنا الفنية المصرية، ومنها تجربة المخرج حسين فوزي مع الفنانة الراحلة نعيمة عاكف، فعندما كان في زيارة للسيرك الذي كانت تعمل به، واقتنع بموهبتها، وقرر أن ينتج ويخرج لها، في مغامرة يتحمل نتائجها وحده، دون أن يقحم معه القطاع العام.

 وأنتج أنور وجدي للفنانة ليلى مراد بـ"فلوسه"، وكذلك فعل عز الدين ذو الفقار مع الفنانة الراحلة فاتن حمامة، رغم أنها كانت "سيدة الشاشة العربية"، وكانت تملك الموهبة، والاسم الفني الذي صنعته، وكبر معها، منذ أن كان عمرها 4 سنوات، وسار على نفس النهج محمد فوزي، ومديحة يسري، وكان لدى كل منهما شركة إنتاج، وتتنافس فيما بينها لتقديم الأفضل، ولم يقترب أي من هؤلاء من أموال الدولة أو يديرها وفق مصالحه الشخصية، رغم أنهم كانوا فنانين كبارا، عظيمي النفوذ، والحضور والأسماء.

وقد شهدنا خلال السنوات الماضية، نموذج النجمة المفروضة علينا، تلك النجمة "الملاكي" التي تمثل بـ"فلوسها"، ولا "يفرق" معها سقوط العمل أو نجاحه، وكان هدف هؤلاء النجمات هو مجرد التواجد، على قمة النجومية، دون أن يزعجن أحدا، أو ينزعج بهن أحد، سواء كانت نادية الجندي أو ريهام حجاج أو غيرهن.

وفي النهاية لسنا ضد أن ينتج مخرج لشريكة حياته، أو رجل أعمال لزوجته، لكننا ضد تنجيم أنصاف المواهب على حساب المال العام، لذلك نطالب أن يستقل هذا الإنتاج بتمويله، وأفكاره، فلا يحمل الدولة فشله أو خسارته، ولا يجعلها مسؤولة عن آرائه أيا كانت حتى لا تتحول المسلسلات إلى "سبوبة"، والأفلام إلى "مشاهد دعائية" تمجد البطلة إياها أو النجمة الفلانية .

من هنا.. لابد من وقفة مع النفس، نعيد بها حساباتنا، نتأمل فيها عيوب الموسم الدرامي الماضي، ونحاول التخلص منها، ونضع مجموعة من القوانين الرادعة، وننظم بها حياتنا الفنية؛ إبداعا وإنتاجا، حتى تتجاوز الدراما محنة المجاملات والمحسوبيات، ولا تسقط في النهاية سقوطا فنيا.