ذكرت شبكة (سي إن إن) الإخبارية أن أزمة فيروس "كورونا" تدفع بالاقتصاد البرازيلي نحو الانهيار بعد أن تسبب في فقدان اكثر من 450 ألف شخص لحياتهم فضلا عن فقدان البلاد لأكثر من 8 ملايين وظيفة، وتدمير سبل عيش الكثيرين غيرهم.
وأوردت الشبكة - في تقرير اليوم - أن البرازيليين يواجهون في خلال هذه الفترة واحدة من أسوأ حالات الركود الاقتصادي في تاريخ البلاد، حيث أن الملايين لا يزالون عاطلين عن العمل، والتضخم آخذ في الارتفاع، وعدد لا يحصى من الأعمال التجارية تنهار، والناس يعانون من الجوع.
ونقلت (سي إن إن) عن كلاوديو كونسيديرا، الاقتصادي ومنسق مركز الحسابات القومية في مؤسسة جيتوليو فاراجاس قوله إن الأوضاع الحالية أسوأ مما كان عليه البرازيل في ثمانينيات القرن الماضي والتي سادت بعد عدة عقود من الازدهار الاقتصادي، حيث أصابت تخمة النفط في الثمانينيات البرازيل بالديون الخارجية المتزايدة، وانخفاض قيمة العملة بشكل كبير والتضخم المفرط إلى أكثر من 200٪، ليعاني البرازيليون من تجميد الأجور والارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية ورفوف السوق الفارغة.
وأشارت الشبكة إلى أنه بعد فترة من الانتعاش بفضل الإصلاحات الاقتصادية وحكومة أكثر استقرارًا وديمقراطية ، عادت البرازيل إلى الركود الأطول والأعمق من عام 2014 إلى عام 2016 في ظل إدارة الرئيسة السابقة ديلما روسيف، التي تم عزلها بعد أن أدى الإنفاق العام الفاشل إلى إغراق الاقتصاد وإذكاء التضخم، ومن وقتها لم تتمكن البرازيل من استعادة النمو، ليأتي وباء كورونا في عام 2020 ليلقى بالبرازيل في سيناريو أسوأ.
ولفتت إلى أن انتخاب جاير بولسونارو في عام 2019 رئيسا جديدا للبلاد لم يؤد إلى تحسين مسار البرازيل نحو النمو الاقتصادي، وفشلت الإصلاحات الاقتصادية، بما في ذلك خصخصة الصناعات التي تديرها الدولة، وإصلاحات العمل والمعاشات التقاعدية في معالجة البطالة المتفشية والتضخم.
ونوهت "سي إن إن" بأنه منذ وصول "كورونا" إلى البرازيل في العام الماضي، فقد اتبعت الحكومة الفيدرالية سياسة تجنب القيود بشدة "بأي ثمن"، على أمل التخلص من عدوى الفيروس دون آثار جذرية على النشاط الاقتصادي.
وفي 15 مايو 2020، عقد الرئيس بولسونارو مؤتمرًا صحفيًا أعلن فيه أن إجراءات الإغلاق ستكون "طريقًا إلى الفشل الاقتصادي، ولكن بعد ما يقرب من عام وبالتحديد في 23 فبراير الماضي، عاد وأكد أن "إغلاق كل شيء"، ليست هي الطريقة المثلى لحل الأزمة وأنها الطريق إلى الفشل وسوف يكسر البرازيل.
وطلب بولسونارو من المدعي العام في البرازيل تقديم طلب إلى المحكمة العليا في البلاد لمنع المحافظين والمسؤولين المحليين من فرض الإغلاق، وعندما رفضت المحكمة القضية، أخبر بولسونارو مؤيديه أن "الفوضى قادمة وأن الجوع سيدفع الناس خارج منازلهم، وسوف نواجه مشاكل لم نتوقع حدوثها، مشاكل اجتماعية خطيرة للغاية.
وواجه العديد من البرازيليين عواقب اقتصادية وخيمة بسبب الوباء، حيث فقد أكثر من 8.1 مليون شخص في البرازيل وظائفهم بين يناير 2020 ويناير 2021، ووصل معدل البطالة في البرازيل إلى 14.7٪ من السكان في سن العمل، وفقًا للمعهد البرازيلي للجغرافيا والإحصاء (IBGE)، وهو أعلى معدل بطالة منذ 2012.
لكن العديد من الخبراء يقولون إن الاقتصاد قد تضرر من السماح لفيروس كورونا بالانتشار دون رقابة معتقدين أن حكومة بولسونارو كان بإمكانها تجنب بعض الألم الاقتصادي من خلال بذل جهد أكبر لوقف الفيروس.
ويقول توماس كونتي ، الخبير الاقتصادي في معهد إنسبير وعضو مجموعة إنفوكوفيد التي تعمل على نشر المعلومات العلمية في البرازيل إن إنكار الحكومة ورفضها اعتماد تدابير الإغلاق والفشل في الحصول على مخازن اللقاحات المبكرة، خلق إحساسًا خطيرًا بعدم اليقين في الاقتصاد.
وأضاف أن دور الحكومة في مثل هذه الحالة هو محاولة السيطرة على المخاطر أو تخفيفها ، لكنها قررت ألا تفعل شيئًا لمكافحة الوباء كما لو كان سيختفي بطريقة سحرية، وقد خلق ذلك شعوراً بعدم اليقين وانعدام الأمن وعدم القدرة على التنبؤ، ما شكل خطرا كبيرا على رواد الأعمال ، وجعل الشركات تطرد الموظفين، وتقلل من إنفاق الناس للادخار وتوقف الاستثمارات وأغلقت عشرات الآلاف من متاجر البيع بالتجزئة.
وأقر الكونجرس البرازيلي مساعدات طارئة للأفراد الأكثر تضررًا من الوباء، مع برنامج دفع خمسة أقساط شهرية تعادل 110 دولارات أمريكية لكل مستلم مؤهل بين أبريل وأغسطس 2020 ، وأربعة أقساط بقيمة 50 دولارًا أمريكيًا بين سبتمبر وديسمبر، كما أعلنت عن برنامج لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في محاولة لوقف فقد الوظائف واستفاد ما يقرب من 70 مليون برازيلي من تلك البرامج ، بحسب وزارة الاقتصاد البرازيلية.