الخميس 27 يونيو 2024

طريقة فهمهنا لما يحدث هو سبب راحتنا أو تعبنا

مقالات30-5-2021 | 20:10

لحظة استيقاظنا من النوم صباحا مع بداية يوم جديد، نبدأ بالتفاعل والتعامل مع أفراد الأسرة، ومع المحيط المعلوم والمجهول في الشارع أو العمل أو أي مكان آخر.
 

نتعرض حتميا خلال يوم طويل لعشرات المواقف والتفاعلات الاجتماعية، وبالتالي هذه المواقف والتفاعلات تختلف في حياتنا من يوم لآخر فيتولد لدينا إدراك خاص يسمي المشاع ـ الانفعالات الإيجابية والسلبية التي تؤثر على سلوكنا بالإيجاب والسلب، كالفرح أو الحزن، كالرضا أو الإحباط، هذه التأثيرات الإيجابية والسلبية تتوقف على "فهمنا وتفسيرنا نحن لما يحدث لنا".

وعليه يقدم علم النفس الإيجابي من ضمن إسهاماته فهما وتفسيرا لطريقة تفكيرنا حتى يساعدنا علي بلورة وتحسين تصرفاتنا بشكل أفضل بهدف أن نعيش حياة صحية سوية من خلال نظرية تسمي "أسلوب التفسير explanatory style"بدون الدخول بالتعقيدات النظرية فتفسيرنا للأحداث (الألفاظ، الأقوال، الأفعال) يشير إلى عدد من العوامل والتي نستعرض منها الآن فقط عاملين أساسيين:

1) عامل الموقف الثابت أو غير الثابت ) stabilityبمعنى أنه موقف يتكرر مرتبط أو غير مرتبط بما هو شخصي أو ذاتي.

2) عامل الشمولية generability (موقف عام أو موقف خاص بمعنى أن فهمي وتفسيري لهذا الموقف يمكن أن يتكرر بجميع المواقف الأخرى المتشابهة سواء كانت في البيت  أو في  الشارع أو  في مجال العمل أم هو تفسير خاص فقط بموقف وانتهى.

 على سبيل التبسيط  للنظرية فلنفترض أن أحد الزملاء بالعمل اعتدى لفظياً على   الآخر، أو تصرف معه بأسلوب غير لائق، يمكنه تفسير هذا  الموقف بأنه ناتج عن سلوك عابر من الشخص المعتدي (غير ثابت وخاص) وقد لا يتكرر.

 

وهنا يكون هذا الشخص المعتدى عليه  يعيش حالة من التفسيرات غير السلبية أو غير العدائية وهذه الحالة نسميها  "تفسير تفاؤلي" يعطي حججا تخفيفية للمعتدي بشكل أن المعتدى عليه في هذه الحالة لديه استعداد لتقبل الاعتذار إذا حصل.

هذه النفحة الإيجابية في تفسير الاعتداء والتخفيف من قيمته المعنوية يعطي شعورا بالراحة والتصالح مع الذات من قبل المعتدى عليه.

وبالمقابل إذا فسر المعتدى عليه تصرف هذا الزميل أنه تعمد الإساءة له لفظا أو سلوكاً مع سابق إصرار وهذا الاعتداء يتكرر، أي أنه ثابت stable وعام general  بمواقف أخرى، إذن فإن طريقه التفكير والتفسير تميل للانفعال السلبي التشاؤمي والذي قد يتجه للعدوانية اللفظية أو البدنية ويصبح سلوكاً مزعجاً وغير صحي لكلا الطرفين .
 

باختصار من خلال هذين العاملين الذين تم التطرق لهما فإن اختلاف طريقة فهمنا وتفسيرنا للموقف تختلف معه طريقه ونوع انفعالنا positive or negative affect (الإيجابي أو السلبي)، وبالتالي شكل ردة فعلنا تختلف حسب أسلوب تفسيرنا، تفكيرنا الإيجابي أو السلبي.
 

لقد قدم علم النفس الايجابي من خلال عدد من البرامج والتدخلات العلمية إسهاما آخر عبر "التعديل"  لطريقة فهمنا وتفسيرنا للموقف بما يسمى تعلم التفاؤل learned optimism) لنصبح أكثر تفاؤلا بفهمنا وتفسيرنا لما يحدث لنا وحولنا.

مرعي سلامة يونس ـ الخبير في علم النفس الإيجابي