السبت 23 نوفمبر 2024

ثقافة

«على أنقاض المنازل».. قصيدة لـ حسن علي العزازي

  • 1-6-2021 | 13:56

حسن علي العزازي

طباعة

على أنقاض المنازل وسط أصوات القذائف المدوية
وجوه اختلط فيها دموع الفرح و الحزن 
وقلوب تشاجر فيها الفزع والفرح 
يسير موكبُ زفافي على حبيبة عمرى
على وجهها أرى سعادة أستطيع فهم سيبها 
وعلى وجهي يُرى الفزع وترقب الموت 
هى سعيدة بقربها منى 
وأنا خائف أن تفرقنا قذيفة
هى سعيدة بحياة تأملها بين يدى
وأنا مذعورٌ أن نفقد حياتنا بقذيفة طائشة
هنا فى غزة لا تأمل أن تعيش حياة سعيدة بل يجب تدعوا الله أن تعيش 
منذ أسبوع توفيت عروس تحت أنقاض منزل والدها كان يتبقى على زفافها أيام 
ومنذ يومين تم تدمير منزل صديقى الذى كان فيه مشروع عمره الذى وضع فيه كل مدخراته 
تخيلت لو أننى مكان خطيب هذه الفتاه أو مكان صديقي
أفقد أعز الأشياء إلى قلبى ولا أستطيع فعل شيء سوى البكاء على أنقاضه دون جدوى
"حبيبى" نادتنى ريحان
نظرت لها لوجهها الهادئ الجميل ملامحها العذبة عذوبة الفرات 
لا تستحق ريحان زفافًا مثل هذا
قالت : فيماذا تفكر 
أنا سعيدة جدًّا 
انظر كل هؤلاء خاطروا بأرواحهم ليحضروا زفافنا 
لحسن الحظ فستان أمى كان مقاسه ملائمًا
لم أحتج أن أعدل فيها شيء
نظرت لى مضيقة عينيها ونكزتنى بأصبعها ثم تحدثت بصوت تتصنع فيه الخبث
لقد جائت الغارت هذه المرة لصالحك 
لم تشترى لى فستان ولم تنفق أى مال على الزفاف 
محظوظ انت كنت انوى أن تنفق الكثير
ونظرة للإمام وحركت يديها باستنكار " الله ياخدن الصهاينة"
ضحكت أنا بصوت عالٍ 
ومالت هى على كتفى مبتسمة 
---------------------------------------------------------------------
ثالث أيام الزفاف 
رن تليفونى المحمول
تعال الآن بسرعه قصف منزل يعقوب 
لم أغير ملابسى قفزت السلم
فى ثوانٍ كنت أمام منزل يعقوب 
صوت صراخ والده 
لقد توفى كل الأولاد تحت الأنقاض يعقوب وإخوته 
توفى الاربعة
يبكى والدهم صارخًا 
"بيعوض الله يابا بيعوض الله يابا"
لم أستطع البكاء يبدو أن عينى قد جفتا وقلبى اعتاد على الحزن
عندما هدم منزل صديقى يوسف واسيته فى نفسه وواسانى فيه
لكن الآن من أواسي فقدت اخي 
رفيق دربي
وعشرة عمري 
وضع أحدهم يده على كتفي
نظرت له وضممته إلى وبكيت "راح يعقوب راح صديقنا يا محمود"
بكيت وبكى كثيرًا لكن بلا جدوى 
ما الفائدة صورت الكاميرات كل شيء لكن ماذا بعد 
أشعر أننا للعالم مثل النمل 
يصرحون عن وفايتنا على أنها أرقام 
توفى اليوم عشرون وأصيب خمسين 
ألسنا بشر لنا أحلام الا نستحق الحياة 
ماذا أجرم صديقي يعقوب لكى يموت هكذا 
وماذا فعلت هذه العروس 
ماذا فعل الأطفال والنساء 
بحق الله ماذا فعلنا
بكيتهم وبكيت نفسى وبكيت حبيبتى
عدت للمنزل واشعر أنى احمل كل الحزن والعجز اللذين فى العالم على صدري
ألقيت بجسدى على السرير
كأنى ألقي كل هذا العجز 
وكل هذا الحزن عن نفسي 
-------------------
بعد عدة أيام امسكت تليفونى قرأت عن قرار وقف إطلاق النار 
لم أعرف أأبكى أم أفرح 
لم تُفرض اية شروط على الأحتلال
إذاً لم نسترد أى ارض وراحت الأرواح سُداً 
ولكن طلب الأحتلال وقف إطلاق نار من طرف واحد إذاً أعلن هزيمته 
سمعت صوت التكبيرات يملؤ الشوارع 
أصوات المكبرات تصدع بتكبيرات العيد فى كل غزة 
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر كبيراً الحمدلله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلة
هل هذه احتفالات النصر هل انتصرنا
الله أكبر كبيراً
وموتانا 
والحمد لله بكرة وأصيلا 
هل هذه بداية التحرير 
وسبحان الله بكرة وأصيلا
كم أتمنى لو أنها كذلك
كبرت معهم 
صرخت بكل صوتى الله أكبر 
صرخت بكل قلبى الله أكبر 
من كل معتد
الله أكبر من كل قوي 
الله أكبر من كل ملك 
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً

الاكثر قراءة