تنشر بوابة دار الهلال قصيدة جديدة للشاعر أحمد فضل شبلول، بعنوان "الحوتُ الأزرق".
وجاءت كلمات القصيدة كالتالي:
روحي فوق الماءِ ترفرفُ
تنظرُ في عينِ السمكةِ
أثناءَ تَنفُّسِها
تسألُها
عن بيتِ الحوتِ الأزرقِ
اضطربتْ تلك السمكةُ
غابتْ في قاعِ البحرِ
اضطربَ الماءُ
وسقطَ الصخرُ
طَفَا الإسفنجُ
وماجَ الطُّحْلُب
جاءتْ أفواجٌ من أمواجٍ
تحملُ روحي للأسفلِ
صارتْ روحي مائيّة
لا طيَّبةَ .. ولا شِرِّيرةْ
لا مُلْحدةَ .. ولا مُؤمنةَ ..
ولا سِكِّيرة
كانت إحدى الموجاتِ العائمةِ جواري
تحملُ رِيشَةْ
قالتْ: لو روحُكَ كانتْ في وزنِ الرِّيشَة
سوفَ تُلاقي الحوتَ الأزرقَ
لو كانتْ روحُك أثقلَ من روحِ الماءِ
ستدخلُ في جسدِ الضِّفْدع
تتقافزُ وسطَ طحالب سامّة
لو كانتْ روحُك نِسمةَ عشقٍ
سوف تحلِّقُ حول العرشْ
فتحسَّستُ الرأسَ
وجدتُ قواقعَ
ورأيتُ زعانفَ تنبُتَ في جنبيَّ
وجدتُ خياشيمَ على وجهي لتُراقِبَنِي
كان الذيلُ طويلا يُربِكُنِي
جَذبتني إحدى الموجاتِ الحمراواتِ
إلى الأسفلْ
كانتْ روحي تصعدُ
جسدي يَثقُلْ
ويذوبُ مع المِلحِ
وكأنَّ البحرَ يُعمِّدُني
بمياهِ القِديسين
يغادرُني الخوفُ ووجعُ الجسدِ الفُخَّاريّ
ورائحةُ اللحم البشريّ
أشمُّ روائحَ مَن في البحر
أتنفَّس مثلَ الحوتِ الأزرقِ
لكنْ ما زالت أقدامُ الإنسانِ
تدبُّ على رأسي
فأعودُ إلى يَأسي
شاهدتُ رفاتَ الصيادينْ
وهياكلَ سُفنٍ وضحايا بَحريين
شاهدتُ نبيًّا يبكي في اليَمِّ
نبيًّا يدعو في بطنِ الحوت
صوتي المخنوقُ بزبَدِ البحر
لا يصلُ إلى الأعلى
هل ثمة صوتٌ آخرَ للأحياءِ المائيّة
هل ثمةَ صوتٌ أزرق
ينقلُني للطبقاتِ العلويّة
روحي بجوارِ العرشِ ترفرفُ
وأنا في أعماقِ البحرِ أصارعُ
أنزفُ ..
أنزفُ ..
أنزفْ.