تغيرت نظرة العالم لمصر منذ أن تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، فقد بات لها مكانتها الدولية، وصوتها المسموع في كل المحافل الدولية، وأثبتت أن مصر هي القوة الأولى في المنطقة، مما جعل العالم بأسره ينظر لمصر على أنها البوابة الأولى لإفريقيا.
وأوضح الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في حواره مع «دار الهلال»، أن مصر جمعت بين القوة الصلبة، والقوة الناعمة، بإدخال المكونات الاقتصادية، بما يسمي بالدبلوماسية الذكية، مشيرًا إلى أن مصر تحولت لصوت إفريقيا بالخارج، من خلال المؤتمرات المختلفة التي حضرها الرئيس السيسي، وإلى نص الحوار:
كيف ازدادت قوة مصر بالسياسة الخارجية بعد تولي الرئيس؟
يمكن التحدث عن ذلك من خلال محيطين من وجهة نظري، المحيط الأفريقي والمحيط العربي، فبعد 30 يونيو، تم تجديد عضوية مصر بمجلس الأمن والسلم الإفريقي، وخلال السبع سنوات منذ ثورة 30 يونيو، وحتى الآن انتقل الوضع من النقيض إلى النقيض، فمن تجديد العضوية إلى رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي.
وخلال السبع سنوات مارست مصر دورًا مكثفًا على مستويين، وهما توضيح الصورة بأن ما حدث في مصر في 30 يونيو كان ثورة شعبية واستجابة لمطالب الشعب، وأن دور مصر الإفريقي لا يمكن التنازل عنه، لأن مصر استخدمت من وجهة نظري خلال تلك الفترة، ما يمكن أن نطلق عليه الدبلوماسية الذكية.
ماذا تقصد بالدبلوماسية الذكية؟
الدبلوماسية الذكية تعني أن تجمع بين القوة الصلبة، والقوة الناعمة، بإدخال المكونات الاقتصادية، ولأوضح بشكل أفضل، فقد خلقت مصر على مدار 7 سنوات، شبكة مصالح وعلاقات مع الدول القارة الإفريقية، وجعلت التواصل والتفاهم بينها وبين تلك الدول أمرًا حتميًا.
وبمعنى آخر أصبح بينهم مصالح اقتصادية، وجاء ذلك من خلال مشروعات استثمارية في دول القارة، وخلق بنية تحتية، وشبكات طاقة وشبكات طرق، والمساعدات المختلفة التي قدمتها مصر للدول المحتاجة، وذلك ما خلق تلك المصالح، وجعلهم يعترفون بالدور الريادي لمصر أفريقيًا، وذلك مع تاريخية ذلك الدول، في مساندة حركات التحرر.
كيف بدأ دور مصر اتجاه القارة الإفريقية؟
تحولت مصر لصوت أفريقيا بالخارج، من خلال المؤتمرات المختلفة التي حضرها الرئيس باسم أفريقيا بوصفه رئيسًا لاتحاد الأفريقي.
وكان الرئيس السيسي ينقل الهم الإفريقي، ويقدم الخريطة الاستثمارية الأفريقية، فقد اعتبرت مصر بأنها بوابة أوروبا إلى أفريقيا، وبوابة الصادرات الأفريقية إلى الخارج.
ما غيّر في العلاقات ما بين مصر، والقارة الأفريقية، وأثبت أن مصر لها قوة سياسية ودبلوماسية لا يستهان بها، وأثبت أن التخطيط الذي وضعته القيادة السياسية في تأني وصبر آتي ثماره.
وكيف بدت السياسة المصرية على المستوى العربي؟
رغم انشغال مصر على مدار الـ6 سنوات الماضية بمعركة البناء والتنمية، والحد من الإرهاب، ولكنها لم تكن بعيدة عن الصراعات الإقليمية، وتمكنت من تشكيل دورها الإقليمي، لتصبح وسيطًا نزيهًا مجردًا، في كثير من الصراعات، والتي من بينها ملف المصالحة في ليبيا، ولم شمل الأطراف، وصولًا إلى التسوية السياسية وما شاهدناه من وجود حكومة، وبرلمان، وعمل انتخابات بنهاية العام.
وكان التدخل المصري حاسم، سواء على المستوى السياسي، أو حتى على المستوى العسكري، من خلال وضع خطوط حمراء للأطراف الإقليمية التي تسعى إلى تأليب الأمور وإثارة التوترات لاستعادة الدولة الوطنية في ليبيا.
وبالنظر لملف آخر، بما نراه في منطقة الخليج والعبث من أطراف إقليمية لتهديد أمن منطقة الخليج، وقد أكد الرئيس السيسي على أن أمن الخليج هو خط أحمر، وأن الأمن القومي العربي هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، حيث خلق مصلحة مشتركة بين الأطراف على امتدادها.
وأحدث التدخلات المصرية، عملية التهدئة في غزة، والتي كانت النموذج الأمثل، وتعد تتويج لنجاح القيادة السياسية، والدبلوماسية المصرية، في وقف أعمال التصعيد والممارسات الاستفزازية، وأعمال القصف التي مارستها سلطات الاحتلال في حق الفلسطينيين.
ولم تكتف مصر بذلك، بل سعت لتثبيت وقف إطلاق النار، ومن الجانب الاقتصادي فقد قدمت مصر مبادرة رائدة سبقت بها العالم كله، وهي إعادة إعمار غزة، وقد شدنا أمس دخول المساعدات، المعدات، والسواعد المصرية للقطاع للبدء في عملية الإعمار.
وأصبح العنوان الخاص بنا الآن بتعليمات الرئيس السيسي، سواعد ومعدات والخبرات المصرية في قلب غزة، وذلك يعني أن مصر استعادت تشكيل دورها الإقليمي.
وما انعكاس ذلك الدور على المكانة الدولية؟
لدينا مستويين، الطرف الأمريكي، والطرف الأوروبي، أما الأول فقد أقر واعترف أن مصر لها دور ريادي في تسوية الصراعات وأنها وسيط لا يمكن الاستغناء عنه، وأبرز مثال الاتصالين الهاتفين، الذي كان بينهم 4 أيام من الرئيس بايدن مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن التصعيد في غزة.
أما الطرف الأوروبي، وأبرزهم فرنسا وألمانيا، أما ألمانيا فقد كان الاتصال الهاتفي بين أنجلا ميركل، والرئيس السيسي، والذي عبرت فيه عن تثمينها لجهود مصر للتهدئة في غزة، وإقرارها، بأن مصر لها دور ريادي في مكافحة الإرهاب، وذلك نفس ما قيل أثناء زيارة الرئيس لفرنسا لحضوره المؤتمرين الخاصين بأفريقيا والسودان.
هل هناك عوامل أخرى تسببت في تعزيز المكانة الدولية مصر؟
تعززت المكانة الدولية لمصر أيضًا، من خلال ملفات مهمة مشتركة بين مصر وأوروبا، والتي كان أولها ملف الهجرة الغير شرعية والإتجار بالبشر، فقد كانت مصر حائط صد جيد جدًا أمام المهاجرين الغير شرعيين التي كانت تؤرق الأوروبيين، وكذلك كانت مصر حجر الزاوية في مكافحة الإرهاب، فيما يخص التنظيمات المتشددة وعبورها إلى أوروبا، وكل ذلك عكس الحقيقة الاعتراف بما نطلق عليه المكانة الدولية لمصر.
كيف تمكنت مصر من تحقيق تلك المكانة الدولية؟
ذلك تتويج لرؤية قيادة، وجهد قيادة من خلال وضع آليات التنفيذ، ومتابعة القيادة لهذه الرؤية وآلياتها، وأنت تلاحظ أن الرئيس السيسي يتابع بنفسه تطورات المكانة الدولية، لمصر في الخارج، والرحلات التي يقوم بها الرئيس، وكذلك اختياره، للجولات المختلفة عن العهود السابقة.
وهو يفتح آفاق للسياسة الخارجية المصرية، لم تطرأها مصر في السنوات السابقة، أو قد أهملت في سنوات سابقة، وبالتالي أصبح الجميع الآن يحترم مصر، ويحترم القيادة المصرية.
والدليل على ذلك الحفاوة التي لقاها الرئيس السيسي، خلال زياراته، بالكثير من دول العالم، ونستدل على ذلك من خلال اللافتات والشعارات المصرية التي نراها في شوارع قطاع غزة، حيث تشيد بالرئيس السيسي وبدور مصر.
وما رأيك بنظرة معارضي مصر من الدول؟
يحاول الجميع التودد لمصر حتى أعداء مصر، الذين كان بينهم توتر في فترة من الفترات، ومن بينهم تركيا وقطر، وقد أصبحتا الآن تسعيان لإحداث تقارب بينهما وبين مصر، اعترافًا منهما بأن مصر صاحبة اليد الأولى بتلك المنطقة، سواء بالمشاريع الاقتصادية أو غيرها، وذلك باعتراف الجميع.
برأيك هل تودد تركيا لمصر سببه قوة مصر بالسياسة الدولية؟
ليس فقط نجاح مصر في السياسة الخارجية، ويمكن أن نقول هو سبب، ضمن باقي الأسباب، ولكن ما أظهرته مصر من قدرة وقوة ردع وليس هجوم، بأن أي محاولات للخرق، ستواجه بكل عنف، لأن مصر لديها قوة الردع التي تستطيع من خلالها أن تحافظ على أمنها وأمن دول الجوار، بالنسبة للأطراف التي لا تحترم حق الجوار.
وتوجد مصالح لتركيا في التودد، لأن لديهم مشاكل سياسية واقتصادية، وداخلية، وتريد الخروج منها من خلال فتح إنجاز آخر بالتقرب إلى مصر.
أما الأمر الثاني، فقد أدركت تركيا أن القوة التي تستعملها، وما يحاوله من إثارة التوترات قد فشلت من خلال قوة الردع المصرية، والخطوط الحمراء التي وضعتها مصر، وكذلك أمام نجاح الدبلوماسية المصرية، بالمنطقة ككل.