الإثنين 20 مايو 2024

بعد جرائم رئيس وزراء إثيوبيا.. أستاذ قانون دولي يوضح مسئولية آبي أحمد الدولية عن تجويع شعبه (حوار)

الدكتور أيمن سلامة

تحقيقات6-6-2021 | 21:10

محمود بطيخ

أصبحت الجرائم، التي يقوم بها آبي أحمد، رئيس وزراء الحكومة الإثيوبية، في إقليم «تيغراي»، محط أنظار العالم كله، بدءا من  الدول و المنظمات الدولية الحكومية و في الصدارة منها منظمة الأمم المتحدة المنظمات غير الحكومية المختلفة، فقد وصل به الأمر إلى أنه يحاول منع وصول المساعدات الإنسانية، إلى السكان المدنيين الأبرياء العزل  في الإقليم، مما يشكل خطورة على السكان، ويجعلهم عرضة لمجاعة على وشك الحدوث.

وفي حوار خاص مع الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى العام، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أكد أن عدم رغبة  الحكومة الإثيوبية في السماح  للمجتمع الدولي بتعزيز وسائل الوصول السريع والمُستدام للمساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء تيغراي كان سببا في تفاقم الوضع السيئ الذي تعيشه المنطقة، موضحًا أن العنف الجنسي يستخدم في هذا الصراع كسلاح في الحرب.. وإلى نص الحوار:

 

هل يعاني إقليم «تيغراي»من مجاعة وشيكة؟

بالطبع، فقد حذر منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، "مارك لوكوك"، من أن المجاعة وشيكة في إقليم "تيغراي" المحاصر في إثيوبيا وشمالي البلاد، وأن هناك خطرًا لوفاة مئات الآلاف، وقال مارك إن الناس بدأوا يموتون من الجوع في منطقة تيغراي الشمالية التي ضربها الصراع في إثيوبيا، حيث تدهور الوضع الإنساني وما زال العنف الجنسي يستخدم كسلاح حرب.

وأردف مارك أنه ليس هناك شك في أن العنف الجنسي يستخدم في هذا الصراع كسلاح في الحرب، وكوسيلة لإذلال وترهيب وصدمة شعب بأكمله اليوم وكذلك للجيل القادم"، وطالب بأن يتوقف القتال، ودعا إلى زيادة حجم المساعدة الإنسانية بشكل كبير.

ووفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن سكان منطقة تيغراي يواجهون اليوم مجاعة محتملة، حيث يحتاج 2.3 مليون شخص إلى مُساعدات غذائية طارئة، وقد أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن 4.5 مليون شخص بنسبة 67% من سكان المنطقة، بحاجة إلى المساعدة.

هل تعيق الحكومة الإثيوبية وصول المساعدات لـ«تيغراي»؟

يجادل البعض أن قوات الحكومة الاتحادية الإثيوبية تعيق وصول المساعدات الإنسانية والمياه النظيفة، وهناك العديد من التقارير عن التدمير المُتعمد لمخازن الأغذية والأسواق التابعة للأمم المتحدة، مع وجود ما يصل إلى مليوني شخص مشردين داخليًا اليوم، وتشكل منطقة «تيغراي»عبئًا كبيرًا على الموارد الإنسانية في العالم في وقت تشتد فيه الحاجة إليها خاصة في منطقة شرق أفريقيا، وذلك راجع لاندلاع جائحة «كوفيد 19» وغزو الجراد وانعدام الأمن الغذائي.

ما هي مسؤولية الحكومة الإثيوبية في تأمين المساعدات الإنسانية لإقليم «تيغراي»؟

أحكام القانون الدولي الإنساني، المطبقة في أوقات النزاعات المسلحة الدولية، والتي تفرض التزامًا على الدول بأن تضمن إلى أقصى حد ممكن الغذاء والإمدادات الطبية للسكان، وكذلك الملابس ووسائل المأوى والإمدادات الأخرى، الضرورية لبقاء السكان المدنيين، قابلة للتطبيق على قدم المساواة في النزاعات المسلحة  غير الدولية وتنطبق على جميع الأطراف المتحاربة, بما في ذلك الجماعات المسلحة من غير الدول.

وبناء على ذلك، يجب على السلطات الإثيوبية أن تسمح وتسهل المرور السريع وبدون عوائق الإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين، وهي محايدة في طبيعتها ويتم دون أي تمييز ضار، كما أن السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق هو التزام وحاجة ملحة لدعم السكان الهش في إقليم تيغراي.

هل منع وصول المساعدات سببًا لتفاقم الوضع في المنطقة؟

بات جليا  أن عدم رغبة  الحكومة الإثيوبية في السماح  للمجتمع الدولي بتعزيز وسائل الوصول السريع وغير المشروط وغير المُقيد والمُستدام للمساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء تيغراي كان سببا في تفاقم الوضع السيئ الذي تعيشه المنطقة، وتشير بعض تقارير الأمم المتحدة ومُنظمات أخرى في تيغراي إلى احتمال وقوع انتهاكات خطيرة لاتفاقيات جنيف عام 1949 والبروتوكول الثاني لجينيف عام 1977 وغيرها من جوانب القانون الإنساني الدولي التي تحظر تجويع المدنيين والعقاب الجماعي.

فهناك أيضا تقارير بأن ذلك يمكن أن يُشكل جريمة التطهير العرقي في تيغراي، فضلاً عن عدد كبير من جرائم الاغتصاب الجماعي.

هل يوجد دور للجهات المانحة يمكن أن تقوم به؟

يجب أن تبذل الجهات المانحة الدولية الحكومية وغير الحكومية، ووكالات الأمم المتحدة كل جهد ممكن للعمل مع الحكومة الإثيوبية  لإتاحة الوصول دون عوائق للعاملين في مجال المساعدة والرعاية الصحية كأولوية لحماية السكان المدنيين الضعفاء بالفعل، في تيغراي ويتطلب القيام بذلك احترام المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

وتذكر أن الرفض التام لتوزيع المساعدات الإنسانية، ووصول عمال الإغاثة إلي  المدنيين الأبرياء  العزل في تيغراي  يؤدي إلى تفاقم الوضع السيء للمدنيين هناك ويشكل انتهاكاً صارخاً للحق في الغذاء والحق في الحياة،  وقد يؤدي هذا الرفض إلى انتهاك أحكام القانون الدولي الإنساني ذات الصلة بأعمال الإغاثة ويمكن أن ترقى إلى جرائم حرب.

ما هي مسؤولية إثيوبيا برأيك؟

وفقًا لقواعد المسئولية الدولية، فإن المسئولية الدولية في الحالة الإثيوبية، كما في حالات أخرى مسئولية ثنائية مزدوجة، وذلك يعني أن مسئولية الدولة، أو الحكومة الإثيوبية، مسئولية مدنية تعويضية، أما المسئولية الجنائية الدولية الفردية، فتنعقد بحق كبار المسئولين الذين ارتكبوا جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، سواء كانوا مسئولين مدنيين، مثل رئيس الوزراء الإثيوبي، أو عسكريين ارتكبوا تلك الجرائم المشار إليها في إقليم «تغراي»، وإقرار أي من المسئوليتين، لا يعدم المسئولية الأخرى.

حدثني عن حق الغذاء الذي تكفله الأمم المتحدة؟

يجب أن تعلم أن الحق في الغذاء هو معيار حقوق الإنسان الأكثر صلة مباشرة بمعوقات وصول المساعدات الإنسانية في السياق الحاصل في تيجراي ، وهذا الحق هو حق أساسي من حقوق الإنسان المعترف بها في كل من المادة (25) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

والحق في الغذاء مصطلح شامل يشمل الحق في الغذاء الكافي والحق في التحرر من الجوع، وتعترف المادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالحق في "الغذاء الكافي"، كجزء من "حق كل فرد في مستوى معيشي لائق وكذلك الحق الأساسي لكل فرد في التحرر من الجوع، كما تم الاعتراف بالحق في الغذاء كعنصر جوهري للحق في الحياة.

ولا تنسي أن الحق في التحرر من الجوع هو التزام أساسي لا غنى عنه وهو الحد الأدنى من الحق في الغذاء، ويخضع للإعمال الفوري.

هل توجد التزامات لفرض حق الغذاء؟

بالطبع فكما هو الحال مع جميع حقوق الإنسان، يفرض الحق في الغذاء ثلاث التزامات مختلفة على الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وهي التزامات الاحترام، الحماية، والوفاء.
وقد أوضحت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها رقم (12) أن "الدول عليها التزام أساسي باتخاذ الإجراءات اللازمة للتخفيف من حدة الجوع وآثاره حتى في أوقات الكوارث الطبيعية أو غيرها من الكوارث والإعمال الفوري لها".

ماذا إن لم تتمكن دولة ما من الالتزام بتلك الفروض؟

عندما تكون الدولة غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها بموجب الحق في الغذاء، يفرض التعليق العام رقم (12) على هذه الدولة التماس الدعم الدولي، بما في ذلك المساعدة الأجنبية، لضمان توافر الغذاء الضروري وإمكانية الوصول إليه.

وتصبح التزامات الدول في مثل هذه الظروف الصعبة أكثر صلة بحماية واحترام الحق في الغذاء، وخاصة الحق الأساسي في التحرر من الجوع.

هل تسري تلك الالتزامات على الجماعات المتمردة؟

تقع تلك الالتزامات على أي جهة فاعلة أو جماعة متمردة تمارس سيطرة فعلية على إقليم دولة أو جزء منها، إذ أنه بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان فإن هذا الكيان ملزم ببذل جهود بحسن نية لإعمال واحترام وحماية الحق في الغذاء، دون تمييز وكذلك اتخاذ الخطوات اللازمة على الفور، مثل إجراء تقييم بالاحتياجات الرئيسية المطلوبة، لتحديد المجموعات التي تعاني من انعدام الأمن تو الغذائي.