الأحد 2 فبراير 2025

ثقافة

تماضر توفيق.. حكاية أول سيدة تتولى رئاسة التليفزيون

  • 8-6-2021 | 21:26

تماضر توفيق

طباعة
  • أبانوب أنور

لم تكن السيدة تماضر توفيق مجرد رئيسة للتلفزيون، يعنيها شأن الإدارة وترتب أمورها داخل إطارها، إنما كانت نجما من نجوم الإذاعة، وبثت روحا في التلفزيون خلال بداية حياته ونشأته، وكانت تعرف ما الذي يعنيه التليفزيون، وأي قدرة تتمثل في شاشته الصغيرة، هكذا رثاها الصحفي الراحل أحمد بهجت في عموده اليومي "صندوق الدنيا".

وإذا اتصلت برقم 150 على الهاتف الأرضي، سوف تسمع صوتًا يُخبرك كم الساعة بالضبط، إنه صوت أول امرأة تُشرف على القسم الأوروبي بالإذاعة، وأول سيدة تقلدت رئاسة التلفزيون المصري، وأول مخرجة في تاريخه، إنه صوت الإعلامية الكبيرة، تماضر توفيق، والتي رحلت عن عالمنا، في مثل هذا اليوم من عام 2001.

 وفي ذكرى وفاتها، تقدم بوابة دار الهلال، لمحة سريعة عن مشوارها الإعلامي، نُلقي من خلالها الضوء على أبرز الإنجازات التي حققتها، كإعلامية أثبتت نجاح تجربة القيادة النسائية في مجال العمل بالراديو والتلفزيون، فصارت إحدى رائدات الإعلام المصري والعربي.

ولدت تماضر توفيق، في 9 فبراير عام 1920، في السنبلاوين بالدقهلية، وحصلت على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية، من جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا)، وكانت تهوى المسرح فانضمت إلى فريق مسرح الكلية ومثلت مع الفريق في مسرح دار الأوبرا المصرية القديمة، تنتمي تماضر توفيق إلى أسرة تضم اثنتين من أهم المبدعات المصريات، في تاريخ الفن والإعلام، فشقيقتها الأولى، هي الفنانة الكبيرة محسنة توفيق، وهي ممثلة قديرة، لها أعمال درامية خالدة في أرشيف السينما المصرية، وكذلك في تاريخ التلفزيون والمسرح، ومن أبرز أعمالها، فيلم “إسكندرية ليه”، ومسلسل “ليالي الحلمية"، وشقيقتها الثانية، هي مذيعة الراديو الشهيرة، فضيلة توفيق، المعروفة لدى المُستمعين باسم “أبلة فضيلة”، وهو الاسم الذي قدمت به برنامجها الإذاعي الشهير، “غنوة وحدوتة”، أيقونة برامج الأطفال، الذي قدمته على مدار عشرات السنوات، ويُمثل هذا البرنامج، علامة مُضيئة في تاريخ البرامج الإذاعية المصرية، وُصِفت “فضيلة” بسبب نجاحه الكبير، بأعظم حكائة في تاريخ الإذاعة المصرية.

وبدأت تماضر توفيق مسيرتها الإعلامية الحافلة من الإذاعة، حيث دفعها شغفها بالمسرح والتمثيل إلى الالتحاق بالإذاعة، في ‏1946‏، لتُصبح من أوائل الأصوات التي قدمت نشرات الأخبار، ومن أكثرهن حضورًا وشخصية‏، لذلك سرعان ما كونت مع زملائها في الإذاعة فريقًا للتمثيل،‏ كما دفعها عشقها للدراما والتمثيل إلى السفر في بعثة لدراسة الفن الإذاعي، في هيئة الإذاعة البريطانية، لتكون بذلك من أوائل الإذاعيات المصريات، اللاتي سافرن في بعثات دراسية خارج مصر، وسطع نجمها في سماء الإذاعة، كما برزت ملامح شخصيتها القيادية، خلال عملها الإذاعي، الأمر الذي جعلها تتقلد العديد من المناصب في الإذاعة المصرية، فكانت بمثابة أول سيدة تقوم بالعديد من المهام الإذاعية الشاقة، بفضل موهبتها وكفاءتها، وقدراتها الإذاعية، فعملت رئيسًا لقسم التمثيليات، ومُراقبًا للتنفيذ الإذاعي، كما عملت مُشرفًا على البرنامج الأوروبي والبرامج الأجنبية بالإذاعة‏، وبهذا كانت أول امرأة تُشرف على القسم الأوروبي بالإذاعة المصرية.

كما أشرفت تماضر توفيق على القناة الثالثة، التي سُميت بالثقافية، وبادرت بابتكار الكثير من الأفكار لبرامج تلفزيونية، جعلت هذه من القناة ، منافسًا قويًا للقناتين الأولي والثانية،‏ وبفضل ثقافة تماضر توفيق، وقدرتها على الاختيار، استقطبت القناة الثالثة، الكثيرين من الكُتَّاب والأدباء والمفكرين والعلماء‏،‏ ليكونوا هم مُعدِّي برامجها ومقدميها وضيوفها، بل والمسؤولين عنها، تألقت “توفيق” في عملها بالتلفزيون، خاصةً في دورها كمُراقب عام للبرامج الثقافية، وتدرجت في مناصب عدة به، فعملت مُشرفًا على البرامج التعليمية، ومديرًا للمراقبة العامة للتخطيط والمتابعة، كما صارت وكيلًا للتلفزيون لشئون البرامج‏،‏ لينتهي بها المطاف رئيسًا للتلفزيون، عام ‏1977، أي بعد مرور نحو 17 عامًا على تأسيسه، وبتوليها ذلك المنصب، حملت تماضر توفيق لقب أول امرأة تترأس التلفزيون المصري، وظلت تماضر تقود التلفزيون المصري، في الفترة 1977، وحتى 1985، وبتوليها هذا المنصب، أعادت تماضر توفيق الروح من جديد إلى التلفزيون المصري، ومن خلال طموحها الذي كان يملأ أرجاء مبنى الإذاعة والتلفزيون، بشهادة كل الإعلاميين والإعلاميات الذين عاصروها، استطاعت توفيق أن تكسر حاجز الخوف لكونها قيادة نسائية، مُحاطة بأساتذة كبار من الإعلاميين الرجال.

إذا اتصلت برقم  150على الهاتف الأرضي، سوف تسمع صوتًا يُخبرك كم الساعة بالضبط، إنه صوت تماضر توفيق، التي انتدبتها هيئة التليفونات المصرية الإذاعية، بالإذاعة المصرية، عام 1951، لتسجيل الساعة، ساعة بساعة، ودقيقة بدقيقة، وثانية بثانية، في السويد، وبعد عمل شاق، وجهد دقيق، استمر لمدة شهرين، وكان مشروع الساعة الناطقة خطوة ضمن مشروع طَموح لهيئة التليفونات، عملت عليه، منذ عام 1951، وحتى عام 1959، وكان يتضمن رقم دليل لمعرفة الطقس، ورقم دليل للأخبار باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية، لكن مثلما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، تعثر المشروع، بسبب عدم كفاية الميزانية، ولم يبقَ منه سوى الساعة الناطقة في التليفون الأرضي، بصوت تماضر توفيق، حتى الآن.

تُوفيت سيدة ماسبيرو الأولى، في 8 يونيو 2001، عن عمر ناهز الثمانين عامًا، لترحل الإعلامية القديرة، تماضر توفيق، عن عالمنا، كاتبةً كلمة النهاية لتجربة إعلامية ونسائية مُشرفة، ألهمت العديد من الإعلاميين بشكل عام، والإعلاميات بشكل خاص، وسطرت اسم صاحبتها بحروف من نور، في تاريخ العمل الإذاعي والتلفزيوني.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة