أعادت قرية القراموص  التابعة  لمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، إحياء أقدم حكاية حضارة وتاريخ، بزراعة نبات البردى مرة أخرى، لتفتح صفحات جديدة  تستعيد بها أمجاد أجدادنا الفراعنة.

"جلباب وطاقية" ورائهما أسرار وثروة هائلة من المعلومات عن إبداع واحتراف مهنة من تاريخ أجدادنا، كشفها لـ "دار الهلال" الحاج عاطف محمد، أحد صناع أوراق البردى التاريخية فى "الجراموس" كما يطلق عليها أهلها.

في البداية، قال "محمد" إنقرية قراموس هي القرية الوحيدة على مستوى العالم التي تقوم بزراعة نبات البردي، مضيفًا: تفتحت عيني على هذه المهنة وممارستها فهي مهنة أجدادى، ويعمل بها رجال وسيدات وشباب وأطفال منذ 40 سنة.

وأضاف أن هذه المهنة هي مصدر قوت العديد من أسر وأهالي القرية، وتعد عملهم الوحيد الذين يعملون به، فقد زوج وعلم الأهالى أولادهم منها، ومن هنا نشأ الأطفال على حب "البردي" والرغبة في تعلم زراعته وصناعته، والتي يوجد بها أصغر طفلة عمرها 6 سنوات تعمل بهذه الحرفة.

أوضح صانع البرديات أن السبب في بداية زراعته الدكتور أنس مصطفى، حيث أتي بأول شتلة لنبات البردي في مصر، والذى يتمتع بخاصية زراعته مرة واحدة بالأرض الزراعية، في فصل الصيف، ويبقى بعدها من 10 إلى 20 سنة متواجد بالأرض نحصده، وينبت من جديد مرة أخرى وهكذا العديد من مرات الحصاد على مر العديد من السنوات الطوال .

 

مراحل تصنيع أوراق البردي

 

شرح "محمد" طريقة صناعة أوراق البردي مشيرا إلى أنهم يجمعون أعواد طويلة من النبات، ثم تقطيعها على حسب المقاس المطلوب من "المرسم "، ثم يتم شرخ العود إلى شرائح متساوية بفتلة مصنوعة من البلاستيك، وبعد ذلك يوضع في مادة كاوية "بطاس"، ليختمره فيه لمدة تتراوح تقريبا إلى 5 ساعات.

 

وتابع: من ثم نقوم بغسله، ونضع عليه الكلور، وذلك حسب رغبتنا في جعله ورقة فاتحة اللون أما داكنه، ونفرد قماشه على منضدة ونرص عليها شرائح البردي بالطول والعرض، ونفصل بين كل ورقة والأخرى بقطعة قماش لكي لا تلتصق الورقات ببعضها عند ضغطها "بالمكبس "وأخيرًا بعد فصل كل ورقة لوحدها نقوم بتنشيفه عن طريق ورق الكرتون، وبعد كل هذه المراحل تصبح الورقة صالحة للإستخدام من كتابة أو نقش عليها.

 

وعن المقاسات والأسعار، قال صانع أوراق البردي: تتراوح مقاسات ورق البردي من 20:30 /30:40 /40:60 /70:1 متر، والمقدرة بمبلغ من 3 إلى 4 إلى 7 جنيهات، والمقاس الأكبر من 1 :2 متر، بمبلغ 100 جنيه.

 

فوائد بالجملة لزراعة البردي

 

أشار "محمد" إلى أن البردي لا يقتصر فقط على تصنيع ورقة للكتابة والنقش عليه فقط، بل قال إذا تمت دراسات والعمل على هذا النبات سوف نحصل على العديد من المنتجات الأخرى منه، وهذا ما حدث بالفعل فقد جاء أطباء وخبراء يعملون دراسة على النبات، ليستخلصوا منه زيوت في تجميل البشرة وهذا ما يقوم بدراسته لاستخلاصه من الزهرة بالعود الذي نقوم بالتخلص منها، وأكد بأنه إذا تم دراسة هذا النبات والعمل عليه  سوف يتوصلون إلى كل ماهو جديد ومفيد.

 

"كورونا "تهدد البردي" بالانقراض

 

أوضح "محمد" أنه منذ انتشار جائحة كورونا التي أصبحت تهدد العالم بأكمله، كادت تقضي على زراعة البردي، بسبب أنها أوقفت حركة السياحة، والتي تلعب الدور الأساسي في بيع ما نصنعه من أعواد البردي، فعندما حلت هذه الجائحة، أصبح الأهالى يقومون بالتخلص من البردي وزراعة الأرض بالخضروات والمحاصيل، لكي يحصلوا منها على قوت يومهم.