قضت المحكمة الإدارية العليا، دائرة فحص الطعون في الطعن رقم 63130 لسنة 62 ق عليا بإجماع الآراء برفض الطعن المقام من المجلس الأعلى للجامعات، وألزمته المصروفات، وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة في الدعوى لصالح الأبطال الرياضيين من طلاب الثانوية العامة والدبلومات الفنية.
وأرسى الحكم عدة مبادئ قانونية جديدة لربط الرياضة بالتعليم ويمثل وثيقة حضارية لمفاهيم حديثة للشأن الرياضي في مجال التعليم للارتقاء بهما بين الأمم، وأصبح هذا الحكم نهائيا وباتا.
وكانت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية قضت برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار وزير التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات بجلسته رقم 640 المنعقدة بتاريخ 12/12/2015 بقصر منح طلاب الثانوية العامة وما يعادلها ودبلومات المدارس الفنية لدرجات الحافز الرياضي على الطلاب المشاركين في البطولات الدولية (العالمية) أو الأولمبية أو الأفريقية أو العربية فقط دون البطولات المحلية على مستوى الجمهورية التي قرر لها حوافز بديلة لا يتمخض عنها إضافة ثمة درجات، وذلك لصدوره من جهة غير منوط بها إصداره قانوناً مما يمثل افتئاتا على سلطة جهة أخرى لها شخصيتها المستقلة المتمثلة فى وزير التربية والتعليم والمجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي الذي لا يجوز له أن يتنازل أو يتخلى عنه لتعلق قواعد الاختصاص بالنظام العام وما يترتب على ذلك من أثار أخصها:
أولا: إلزام وزير التربية والتعليم بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي بإعادة تنظيم القرار رقم 14 لسنة 1997 بحوافز التفوق الرياضي لطلاب مدارس الثانوية العامة ودبلومات المدارس الفنية بحسبانها حوافز تشجيعية للطلاب وبما يكفل منح درجات الحافز الرياضي لكافة البطولات المحلية والدولية بدرجات تتنوع حسب نوع البطولة دون حرمان.
ثانيا: إلزامه بوضع قواعد موضوعية تكفل تلافى العيوب التي كشف عنها الواقع العملي نتيجة غل يد وزارة الرياضة والاتحادات الرياضية للألعاب المختلفة والعمل على تغيير سلطتها من مجرد سلطة الاعتماد إلى سلطة التقرير بحسبانها الأقدر على تقويم وتقييم البطولة الرياضية على مستوى الجمهورية وهى من صميم تخصصها العلمي والعملي بحكم اضطلاعها وخبرتها ودرايتها سداً للذرائع وغلقا لباب الفساد الذى لا تكون محاربته بإلغاء الحقوق وإنما بتطهير القواعد من أدرانها المعيبة مما نجم عنه حصول طلاب فيما مضى على درجات عن الحافز الرياضي لا يستحقونها لغياب المعايير الموضوعية وحرمان غيرهم من المستحقين لها من أبناء عوام الشعب، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان.
قالت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية إن التعليم قبل الجامعي يقوم عليه وزير التربية والتعليم وفقا للقانون رقم 139 لسنة 1981 بشأن التعليم الذى نظم كافة الاختصاصات للتعليم قبل الجامعي لكافة ما يتصل بالمدارس بجميع مراحلها المختلفة ونوعياتها برئاسة وزير التعليم ويدخل في ضمنها الحافز الرياضي لطلاب الثانوية العامة وطلاب الدبلومات الفنية، أما التعليم الجامعي فيقوم عليه وزير التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات وفقا للقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات الذى يختص بكافة المسائل الجامعية لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم والطلاب ويخرج عن اختصاصه شئون طلاب الثانوية العامة والدبلومات الفنية التي تخضع لاختصاص وزير التربية والتعليم دون أن يكون له الحق في التنازل عن اختصاصه فلا يجوز للوزراء الاتفاق على تعديل قواعد الاختصاص مالم يخول القانون ذلك لتعلق قواعد الاختصاص بالنظام العام لأن قواعد الاختصاص شرعت في الأصل تحقيقا للصالح العام.
وأضافت المحكمة أن طلاب الثانوية العامة لا سلطان لوزير التعليم العالي ولا للمجلس الأعلى للجامعات عليهم إلا بعد اعلان نتيجة الثانوية العامة بكامل درجاتها فليس من المقبول أو المعقول إجازة تبعيض كامل درجات الثانوية العامة تارة لوزير التربية والتعليم والمجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي وتارة أخرى لوزير التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات ولا اجتهاد في مورد النص طبقا للقاعدة الأصولية، ولا يجوز لوزير التربية والتعليم أن يتنازل عن اختصاصه الذى ناطه القانون به ولا أن يتخلى عنه ويتركه دون أن يدافع عنه ممن سلبه هذا الاختصاص فى غيبة من قواعد القانون، مما يهوى بقرار وزير التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات إلى الدرك الأسفل من الانعدام ويجعله من قبيل الفعل المادي ويضحى معدوما ولا عاصم له مهما طال عليه الزمن، إذ العدم لا يولد إلا عدماً مثله. أفمن أسس قراره على بنيان عتيد من الدستور والقانون خير أم من أسس قراره على عدوان يبيد على الدستور والقانون، فأضحى على شفا جُرف هار فانهار به في نار العدم والعدم موات لا تقوم له قيامة مما يستنهض عدل القضاء الإداري العاصم من القواصم ليزنه فى ميزان المشروعية الذى لا يحيد أو يميد .
وأشارت المحكمة أن الدستور جعل التعليم حقاً لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، كي ترتقى مراحل التعليم وتتصل حلقاتها، وتتضافر مكوناتها، ليكون قوامها جميعا بنياناً صلباً متماسكا، نفاذاً إلى آفاق العلوم واقتحاما لدور بها، وارتباطاً بحقائق العصر ومعطياته، كما ارتقى الدستور في ذات الوقت بممارسة الرياضة وجعلها حقا للجميع والزم كافة مؤسسات الدولة والمجتمع اكتشاف الموهوبين رياضيا ورعايتهم واتخاذ ما يلزم من تدابير لتشجيع ممارسة الرياضة لا وأدها , والزم الدستور المشرع العادي بأن ينظم شئون الرياضة والهيئات الرياضية الأهلية وفقا للمعايير الدولية لقناعته بأن الرياضة من الحقوق الدولية التي تمس سائر حقوق البشر الذين يتبارون فيما بينهم بأسماء دولهم للارتقاء بها شأنا ورفعة , ومن ثم صارت الرياضة جنباً إلى جنب مع التعليم حقا دستوريا لكلاهما .
وذكرت المحكمة أن الحق في التعليم والحق فى الرياضة صنوان لا ينفصلان ويتعين النفاذ إليهما وفق الشروط الموضوعية التي تتحدد على ضوئها تكافؤ الفرص بين الطلاب والطالبات بالمدارس فللتفوق العلمي مجاله وللتفوق الرياضي مجاله الموازي له ، ولمرافق المؤسسات التعليمية وخدماتها دور إيجابي كتلك التي هيأتها لدعم النواحي الرياضية والترويحية والصحية لطلابها ، وكذلك تلك التي أنشأتها لاستثارة مواهبهم نهوضاً برسالتها، إذ لا تستقيم أغراض التعليم لغير الأسوياء الأصحاء القادرين بدنيا ونفسيا على النظر في العلوم وتدبرها وإنشاء علائق اجتماعية مع زملائهم، والاندماج في محيطهم على نحو يكفل الارتقاء بالنشء والشباب.
وأوضحت المحكمة أن إلغاء درجات الحافز الرياضي للبطولات المحلية يصيب الطلاب بالإحباط وقطع أوصال روح الأمل، لأن المدارس هي المنبع الحقيقي الخصب للرياضة في مصر والارتقاء بها تعليميا ورياضيا هو بداية الوقوف على الطريق الصحيح لمسار الرياضة والتعليم ، والمواهب الحقيقية تكتشف داخل المدارس الحكومية خاصة أن المواهب تكون من الطبقات الشعبية الفقيرة غير القادرة على الاشتراك في الأندية الرياضية المنتمي إليها غيرهم من الأثرياء ، فالرياضة المدرسية هي البوتقة التي تنصهر فيها صناعة الموهبة والأبطال من القاع، فأضحى الحافز الرياضي هو النافذة التي يطل فيها طلاب المدارس على أحلامهم المشروعة بمختلف طبقاتهم التي تؤهلهم للمشاركة في البطولات الدولية والقارية والعربية والأفريقية والوصول للعالمية وخدمة بلادهم لتزهو بهم من بين الأمم لرفع اسم مصر في المحافل الدولية بعد اتخذت كثير من الدول طريقا لتنمية مواردها فى مجال السياحة الرياضية , وبدون تصحيح هذا المسار وتغيير النظرة إلى الرياضة المدرسية ووضعها في بؤرة الاهتمام فسيظل الجسد المدرسي الرياضي مليئا بالعلل والآثام.
ونوهت المحكمة أن تهميش دور وزارة الرياضة واتحادات اللعبة وجعل سلطتها مجرد اعتماد وليس تقرير ساعد على انتشار فساد التطبيق واَية ذلك أن قرار وزير التربية والتعليم رقم 14 لسنة 1997 نص في مادته الخامسة قد جعل سلطة جهاز الرياضة مجرد سلطة اعتماد أي سلطة شكلية بالاعتماد دون أدنى سلطة فعلية على الرغم من أنها الأقدر على تقويم وتقييم البطولة الرياضية على مستوى الجمهورية في مسألة هي من صميم تخصصها العلمي والعملي بحكم اضطلاعها وخبرتها ودرايتها وهى الجهة التي يجب أن يناط بها تقرير ذلك الأمر سدا للذرائع وغلقا لباب الفساد الذى نجم عنه حصول طلاب فيما مضى على درجات عن الحافز الرياضي لا يستحقونها لغياب المعايير الموضوعية وعلى قمتها تهميش دور الأجهزة الرياضية والاتحادات الرياضية المعنية لمختلف الألعاب.