الأحد 16 يونيو 2024

هل أغش أعز أصدقائى؟! « 1 »

12-5-2017 | 11:16

بقلم: سكينة السادات

عندما جاءنى صوته عبر الهاتف طالبا موعدا لمقابلتى تذكرته فهو جار قديم لنا وإنسان فاضل ورب أسرة محترمة وأب لأبناء غاية فى الأدب والكمال وقابلته وعرفت بصراحة تامة سبب حزنه وتدهور صحته!

لا شك أن الصداقة شيء مهم جدا فى حياة الإنسان، فرب صديق أهم فى حياتك من أخ شقيق هو ابن أمك وأبيك، ورغم ندرة الصداقة الحقيقية هذه الأيام، إلا أنه ما زال هناك من يعتبر الصديق جزءا لا يتجرأ من حياته وربما يكون الصديق الوفى خير معن للإنسان على نوائب الدهر أكثر من أى إنسان آخر، قلت لك فى عدة حكايات سابقة أننى أتأثر كثيرا عندما يبكى أمامى رجل كبير السن وأستشعر حرقة دموعه وعدم قدرته على اتخاذ القرار السليم لشدة حزنه وتوتره وتوقف عقله عن التفكير الصحيح، وعندما جاءنى صوته عبر الهاتف طالبا موعدا لمقابلتى تذكرته فهو جار قديم لنا وإنسان فاضل ورب أسرة محترمة وأب لأبناء غاية فى الأدب والكمال وقابلته وعرفت بصراحة تامة سبب حزنه وتدهور صحته!

***

قال الحاج حسن 59 سنة سألت عنك كثيرا فقالوا لى أنك كنت «بعافية شوية » والآن أراك بخير والحمد لله، وربما تعرفن أن زوجتى الحاجة سميرة قد اختارها الله إلى جواره منذ حوالى أربع سنوات، وقد رأيتك وأنت تقدمن العزاء لسيدات الأسرة وقمت بتعزيتى، بعد ذلك عندما تقابلنا فى الطريق ومن يومها يا سيدتى وكأنها أخذت معها كل خير وسعادة فى حياتى، فقد كانت الحاجة سميرة هى الزوجة والصديقة والحبيبة وأم العيال التى كانت تتفانى فى إسعاد زوجها وأولادها، وتعرفن أن لى ثلاثة أولاد البنت الكبيرة وولدين كانوا ولا يزالوا من أصلح البشر خلقا وأدبا، وتخرجت ابنتى الكبرى في الجامعة، وتزوجت من شاب محترم من أسرة صديقة وأنجبت طفلن هما قرة عينى، أما ولداى فقد تخرج الأوسط من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وأدى امتحانا صعبا جدا فى وزارة الخارجية ونجح بتفوق والتحق بالسلك الدبلوماسى وتزوج منذ حوالى عامين، يبقى الابن الأصغر الذى كان مقربا جدا من أمه والذى كان متعلقا بها تعلقا شديدا وهذا هو الموضوع الذى جئتك من أجله اليوم.

***

واستطرد الحاج حسن .. كان ابنى سامر يجلس معظم فترة وجوده فى البيت مع أمه يرحمها الله يحكى لها كل شىء عن يومه فى عمله! وكنت أسمع ضحكاتهما عندما يحكى لها عن مغامراته العاطفية وكيف تبوء بالفشل كثيرا كأن يقول لها عن إحداهما ضاحكا.. لقيتها يا ماما زى مصارع الثيران عضات وقوة ورجولة وسرعة فى كل شىء وكأنها فى سباق! وتضحك الأم من كلامه، ويقول عن أخرى.. يا ماما البنت حلوة )مزة يعنى(، لكن عندما أردت أن أكلمها شخطت في شخطة فظيعة وجريت من أمامها انتِ عارفة العبد لله خواف وجبان شوية ومش عاوز مشاكل، وتقول الأم.. ما تستعجلش يا حبيبى بكرة تقابل اللى تحبها وتحبك ربنا يوفقك ويبخت لك.

***

واستطرد الحاج حسن.. لم أقل لك أن لى توأما فى هذه الحياة هو صديقى الحاج أحمد الذى هو أقرب إلى قلبى وحياتى من إخوتى أولاد أمى وأبى وإليه يرجع الفضل فى تحمل مأساة فقدان زوجتى رحمها الله، فقد كان معى لا يفارقنى وكان يواسينى من قلبه، وأحب أن أقول لك أنه لم يجمع بيننا أية مصالح مالية أو مشروعات، فنحن موظفان فى شركة واحدة فقط لكنها محبة فى الله والدين وألفة زرعها الله فى قلبينا منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما !

وصديقى الحاج أحمد زوجته -أطال الله عمرها- من خيرة السيدات وقد أنجبت له ثلاثة بنات مثل الأقمار المضيئة تزوجت واحدة منهن والاثنتان لا تزالا فى الجامعة وكانت زوجتى رحمها الله تحب أسرة الحاج أحمد مثل أهلها تماما، وفكرت فى أن أمأ فراغ ابنى الأصغر بعد وفاة أمه وكان قد بدأ فى الشرود والانطواء، فدبرت لقاء أسريا مع أسرة صديقى أحمد «وليس لى غيره فى هذه الدنيا »، وفوجئت بإقبال ابنى سامر على الحديث مع ابنة صديقى الصغرى وإعجابه بها وكانت فرحتى غامرة عندما أحسست أنهما ممكن أن يتوافقا، وفعا تمت الخطوبة لكن السعادة لا تدوم فقد حدثت المفاجأة التى حطمت حياتى !

الأسبوع المقبل أكمل لك الحكاية.