أزمات الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية متتالية، جددتها المعمودية، كانت آخرها التي اشتعلت منذ أيام في محافظة المنيا، حيث تبادل الطرفان دعوات التبشير من جديد بعد أن قام خدام كاثوليك بجذب عدد من الأطفال الأرثوذكس لحضور مدارس الأحد.
وتواصلت الكنيسة الأرثوذكسية مع نظيرتها الكاثوليكية بعد احتدام الخلاف وإشتعال الاتهامات بتقديم هدايا ورشاوي و قبول إغراءات مادية وعينية كوسيلة للتبشير لرعايا الكنيستين خوفًا من تصاعد الفتنة.
ولم يقم مجلس الكنائس الذي يضم الخمس طوائف الكبرى في مصر، بدوره المنوط به لحل تلك الأزمات.
"مجلس كنائس مصر" الغائب في الأزمات المسيحية
وقال القمص سرجيوس سرجيوس، وكيل بطريركية الأقباط الأرثوذكس، إن المجلس هو في الأساس اقتراح من البابا شنودة قبل نياحته –وفاته- لتجميع كنائس مصر في كيان واحد، لافتًا إلى أن المجلس قائم بصورة شكلية وودية ليس له قرار على أي أحد من الكنائس المشتركة فيه، وحين فكر البابا شنودة في إنشائه كان مضاهاة لصورة مجلس الكنائس العالمي أو مجلس كنائس الشرق الأوسط.
وأكد القس رفعت فكري، رئيس لجنة الحوار والعلاقات المسكونية بمجمع القاهرة، أن سبب عدم قيام مجلس كنائس مصر بدوره المنوط به هو آفة العصر وهو التعصب الديني وعدم قبول الآخر، لأن ذلك الأمر يتطلب مجهودًا كبيرًا ليصل إلى أغراضه القائم من أجلها، لافتًا إلى أن المجلس ليس له دور واضح على كل الأصعدة لأن كل كنيسة لها عقائدها المستقلة والمؤمنة بها لكن يتفاعل المجلس فيما هو مشترك بين الكنائس وبعضها من خلال عقد اجتماعات وندوات بين كل الطوائف ويمثلهم قسوس وأباء كهنة خلال اجتماعات مستمرة بين لجان المجلس.
وأوضح أن مفهوم الوحدة بين الكنائس لايعني أن تتوحد جميعها في كنيسة واحدة لأن ذلك أمر مستحيل لأن كلًا منهم له عقيدته وفكره وإيمانه، لكن الوحدة المقصودة تتمثل في التعامل والتعاون فيما بينهم مستغلين الكيان المشترك بينهم وهو مجلس كنائس مصر.
ومن ناحية أخرى، أكد لوقا راضي، كاهن الكنيسة الأرثوذكسية، أن البابا شنودة المتنيح حين فكر في تشكيل مجلس كنائس مصر لم يكن ذلك تصوره عن الكيان، لأن سر أزمات أي كيان ينشأ حديثًا في مصر هو أننا ننشئ ثم نضع آليات العمل والاختصاصات وهو حال مجلس كنائس مصر الذي لم يقوم بدوره المنوط به.
وأوضح راضي، أن المجلس يكاد يكون روحي أو اجتماعي أكثر من تصنيفه إلزامي حسب لائحته التنظيمية لذلك هو ليس له تأثير واضح على قرارات الكنائس في مصر، ناصحًا بوضع آليات لعمل المجلس وخطط واضحة للعمل من خلالها في الفترات المقبلة لتنشيط إنتاج المجلس وإظهار دوره كما كان يرتأي قداسة البابا شنودة المتنيح.
وقال القس رفعت فتحي، أمين عام مجلس كنائس مصر، إن كل كنيسة لها الحرية التامة في قراراتها التي تتخذها لأن ذلك شأنها الداخلي ولا سلطان لمجلس كنائس مصر على أحد، وليس بديلًا عن الأسرة الكنسية الواحدة، ولن يدمج الكنائس جميعها في كنيسة واحدة فهو أمر من المستحيلات، مضيفًا أن المجلس تكون بناءًا على حرية العقيدة والإيمان التي لادخل لأحد فيها ولا يتناولها المجلس خلال جلساته لأنها ليست ضمن اختصاصاته.
وأضاف، أن أي أزمات تحدث على الكنائس منفردة حلها مالم تطلب مساعدة المجلس خاصةً مشكلة توقيع اتفاقية المعمودية، فالبعض ردد أن دور المجلس غائبًا رغم أن الأزمة لم تكن بين الخمس كنائس التي يشملها مجلس كنائس مصر بل كان أحد أطرافها الفاتيكان وهو غير خاضع لمجلس كنائس مصر، لافتًا إلى أنه هناك حوارًا سيبدأ قريبًا بين الكنيسة الإنجيلية والأرثوذكسية حول المعمودية المشتركة وهو أحد الأدوار الفاعلة للحوار بين كنائس المجلس.
وأوضح فتحي، أن هدف المجلس هو التكامل بين الكنائس الخمسة رغم الإختلاف العقائدي بينهم الذي لا يتم التطرق إليه وفقًا للائحة المجلس التي تشدد على عدم مناقشة الخلافات العقائدية داخل جلساته ومن حق أي كنيسة الانسحاب في حال ترآى لها ذلك، ومن ثم المجلس ليس له صلاحيات لفرض عقوبات على الكنائس المكونه له لكنه أشبه بمجلس كنائس الشرق الأوسط والمجالس المسكونية التي تعد تشاورية وليست إشرافية في تجميع الكنائس في دائرة حوار واحدة وتطور أفكارها لتخدم المجتمع المصري، لذلك فليس معنى مجلس كنائس مصر أن يذوب الجزء في الكل فيصبح الجميع واحدًا.
وأوضح أن وقوع أي حوادث بين الكنائس لم تحل من خلال المجلس لكن على كل طرف أن يراجع نفسه، وخير مثال أزمة توقيع الاتفاقية فلم يطلع المجلس على محتوى ما وقعته الكنيستان حتى الآن لكن كل ما يعلمه هو اجتهادات صحفية فقط.
وذكر فتحي، إن المجلس يتكون من 13 لجنة لدراسات اللاهوتية والحوار وهم لجنة الدياكونية أي الخدمة الاجتماعية، لجنة الطفولة، لجنة الشباب، لجنة المرأة، لجنة التربية الكنسية، لجنة الطوارئ، لجنة خدام الرعايا أي الكهنة والقسوس، اللجنة المالية، اللجنة القانونية، لجنة الرؤى والتخطيط والمتابعة، لجنة العلاقات، لجنة الإعلام والنشر، مشيرًا إلى أن كل لجنة تتكون من 15 عضوًا بالتساوي بين الكنائس الخمس، ويتكون مكتب كل لجنة من خمسة أعضاء من الكنائس الخمس وهم الرئيس ونائب الرئيس والسكرتير وأمين الصندوق وعضوًا.