الأربعاء 15 مايو 2024

رسالة لمن أراد أن يفهم

مقالات20-6-2021 | 21:55

على مدار السنوات القليلة الماضية، شهدت العلاقات بين الدول العربية تطورات ملحوظة لاستقرار الأوضاع في المنطقة العربية، خاصة وبعد أن حدث احتقان سياسي ودبلوماسي بين بعض الدول، نجم عن الأحداث التي أعقبت أحداث ما كان يسمى بـ«الربيع العربي»، صمدت مصر أمام تيارات وأمواج عاتية، ولولا فطنة القيادة السياسية الحكيمة، ونضج الشعب المصري، لهلكت المنطقة بمن فيها أمام المؤامرات التي كانت تُحاكى ضد المنطقة العربية عامة ومصر خاصة.

أظهرت مصر في العديد من الملفات الداخلية والخارجية، حجمها وثقلها في المنطقة ودورها المحوري إقليميًا وعالميًا، من خلال الدور الذي لعبته في ملفات مثل الأزمة الليبية، والعمل على استقرار الوضع والمضي في تثبيت أركان الدولة الليبية، حفاظًا على سيادة الدولة وحماية للأمن القومي المصري، وبالفعل نجحت الدولة الليبية في تشكيل حكومة توافقية جديدة تعمل على استقرار الدولة والعمل على استكمال مؤسسات الدولة، وعملت أيضًا الدولة المصرية دون أن تكل أو تمل على ترميم البيت الفلسطيني من الداخل في محاولة جادة لإنهاء حالة الانقسام بين الفصائل الفلسطينية بالدعوة للحوار في القاهرة لإنهاء هذه الأزمة.

وإذا نظرنا إلى سياسة مصر الخارجية، مع الدول الصديقة كانت أكثر من رائعة، وحتى مع الدول التي كانت لها مع القاهرة مشاحنات وفي ظل الأزمة تعاملت مصر بشيء من الفطنة السياسية والدبلوماسية، حتى تبين لتلك الدول أن مصر هي بالفعل «رمانة ميزان المنطقة»، ومن منطلق ذلك تغير الوضع وأصبح اليوم هناك علاقات طيبة مع هذه الدول.

تعاملت الدولة المصرية على مدار السنوات الماضية مع ملفات عدة، أبرزها محاربة ومكافحة الإرهاب، والفكر المتطرف، والمثابرة بكل السبل التفاوضية حتى أخر نفس، فيما يخص أزمة سد النهضة -ولكن أكدت الدولة المصرية، أن (جميع الخيارات مفتوحة) بشأن التعامل مع أزمة السد، في حال انسداد كل الأفق التفاوضية مع الجانب الإثيوبي-.

اليوم نرى ترابط عربي دبلوماسيًا وسياسيا، وتوافق عربي حول دعم الأمن المائي القومي لدولتي المصب «مصر والسودان»، والذي تبين مؤخرًا في اجتماع وزراء الخارجية العرب في العاصمة القطرية الدوحة، ويعد هذا «الحفل العربي» في الدوحة رسالة قوي إلى من أراد أن يفهم بأن الوطن العربي له «درع وسيف» رادع لمن يفكر بالمساس من أمنه وتهديد استقراره.

لجأت مصر إلى المحافل الدولية لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي في نطاق مفاوضات دبلوماسية، بهدف الوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف من دون المساس بحصة دولتي المصب «مصر والسودان» خلال فترة ملء سد النهضة الإثيوبي، ولكن على الجانب الأخر يماطل الجانب الإثيوبي، ولا يحترم الاتفاقيات الدولية ولا المؤسسات والمنظمات الدولية التي تدخلت في المفاوضات بهدف الوصول إلى حل يرضي الجميع.

شغلت المناورات العسكرية التي أقامتها مصر مع السودان، والتي حملت اسم «حماة النيل» الرأيين العالمي والمحلي، وفسرها البعض على أنها رسالة قوية للجانب الإثيوبي بشأن تعنته في مسار المفاوضات بشأن سد النهضة، هنا الأمر ليس بغريب على الرأي العام المحلي أو العالمي بشأن اللجوء إلى عمل عسكري بشأن «السد» - ولكن مثابرة مصر في اللجوء لهذا الحل- ينبع من عقيدة جيشها بأنه ليس عدواني، ولكن درع رادع لحماية الأمن القومي المصري، ولم تكن تصريحات الجانب المصري تجاه أزمة السد عبثية على الإطلاق ولكن على الجانب الإثيوبي الأخذ في الاعتبار بأن كل الخيارات مفتوحة تجاه هذا الملف الهام.

 

Dr.Radwa
Egypt Air