حياة قاسية عاشها العندليب الأسمر الذي حرمته الدنيا من والدته التي توفيت بعد ولادته بأيام قليلة، وقبل أن يتم عامه الأول توفي والده ليعيش يتيمًا في منزل خاله الحاج متولي عماشة، لكن لم تقف الصدمات في طفولته، إذ نالت البلهارسيا من جسده النحيل نتيجة لعبه مع الأطفال بترعة القرية، وعاش سنوات مع المرض ومنعه الأطباء من الزواج خوفا على صحته.

نشرت مجلة الكواكب في عددها الصادر بتاريخ 29 مارس 1994 حوارا مع فاطمة عبد السلام، تحت عنوان "طاطا.. أول قصة حب والخطيبة الوحيدة لـ عبد الحليم"، وروت "فاطمة" ذكريات طفولتها مع عبد الحليم حافظ فتقول "عشت مع عبد الحليم وإخواته أكثر مما عشت بين إخواتي فقد أخذتني خالتي وأنا رضيعة حتى وصلت إلي الرابعة عشر وكان عبد الحليم يلازمني بصفة دائمة ويقول لخالتي زينب "عهد يا ماما زينب تخطبي لي بطة"، وهو الذي سماني "طاطا" وكنت دلوعة البيت، كنت أضع "عيديتي" في حصالة ويأخذها مني عبد الحليم ويقول "هاتي الفلوس علشان اجيب لك فستان الفرح" ويشتري لي منها الشيكولاتة والبنبون ويأخذني للفسحة في الزقازيق لنركب الدراجات".

وتحكي "فاطمة" عن علاقتها بـ "حليم" بعد أن أصبح مطربا مشهورا "عندما بدأ يمثل في فيلم "لحن الوفاء" وفيلم "أيامنا الحلوة" كنت طالبة في المدرسة وكان يلح علي وعلى إخوتي أن نزوره وهو يمثل في الأستوديو ولكني لم أذهب، ثم أرادني أن أمثل معه وأختي شريفة ورفضت أيضا، وكنا عندما نذهب إلى الزقازيق أو "الحلوات" نغني ونمثل معا "أنت ليلى وأنا قيس" وكنا نغني دويتو "لحن الوفاء" و"تعال أقولك".

وفاطمة عبد السلام تزوجت من محمود فتحي حسنين، وتقول: "جاءني خطاب كثيرون من مصر ومن البلد وكنت أرفض حتى جاء النصيب عدما جاءت لي سيدة من "هربيط" لتخطبني للأستاذ محمود وكان جدي يعرف والده عمدة البلد أيام كان مفتشا للري هناك فوافق على الفور"، ما إن علم عبد الحليم بخطبتها بارك لها وتمنى لها السعادة وفي حفل الزفاف أرسل لها ورد مع أشقائه "علية وإسماعيل ومحمد شبانة".

الحاج محمود فتحي زوج "فاطمة" يحكى قصة التعارف بين زوجته وعائلة عبد الحليم حافظ، ويقول "عندما تزوج الحاج متولي عماشة من السيدة زينب محمد كامل تبنى أولاد شقيقته آل شبانة ولأن زوجته لم تنجب فقد أخذت بنت شقيقته فاطمة عبد السلام لتربيتها وكان طبيعيا لكي يكسب "الأشقاء شبانة" حب وعطف زوجة خالهم أن يتفقوا على أن يتزوج شقيقهم الأصغر عبد الحليم من "بطة" حبيبة خالتها ودلوعتها رغم أنها تصغره بـ 9 سنوات".

الحاج محمود حسنين تزوج من فاطمة عبد السلام أول خطيبة لـ عبد الحليم في مارس 1966، وأنجا "مصطفى ودينا وعلا" تقول "فاطمة" أنها علمت بنبأ وفاة عبد الحليم من ابنتها "علا" عند عودتها من المدرسة: "جاءت لي علا تقول إن عبد الحليم مات ولم أصدق حتى عندما جاء زوجي من العمل يحمل الجريدة التي نشرت الخبر وانهرت وانخرطت في حالة من البكاء الشديد وطلبت من زوجي أن يسمح لي بالسفر إلى القاهرة وسافر معي ولكني لم أستطع استقبال الجثة في المطار مع باقي أفراد أسرته وانهرت ودخلت غرفة الإنعاش فقد كان أخي الذي عاشرته أكثر مما عاشرت أخوتي والعشرة والعيش والملح لا تهون أبد". 

الحاج محمود فتحي زوج الحاجة فاطمة عبد السلام أو "طاطا" كما كان يناديها العندليب يستمع إلى أغاني عبد الحليم ويقول "تعجبني بعض أغنياته منها "تحت الماء، قارئة الفنجان، صافيني مرة" فهو مطرب قل أن يجود الزمان بمثله".