الجمعة 5 يوليو 2024

سالم عبدالجليل.. الحقيقة الغائبة

14-5-2017 | 16:36

لم يضبط الدكتور سالم عبدالجليل يوما متلبسا بالتطرف أو التشدد أو التكفير أو الترهيب، دخل عبد الجليل ديوان عام وزارة الأوقاف عام 2002 من أوسع الأبواب ، ودفع به العالم الكبير المستنير الدكتور محمود حمدى زقزوق إلى مقدمة الصفوف ، وتلمس فيه زقزوق الداعية الشاب المستنير الذى يستطيع أن يقود الدعوة بفكر جديد، ويساهم فى تطوير الخطاب الدينى وتجديده.

وأبلى عبد الجليل بلاء حسانا فى عمله بديوان عام الوزارة، لم تعرقله البيروقراطية أو الروتين عن أداء دوره، واستطاع أن يحرك المياه الراكدة فى وزارة الأوقاف.

وللإنصاف كان أول من استخدم تعبير تجديد الخطاب الديني وضرورة إحداث تغيير في الخطاب الدعوى هو الدكتور زقزوق وأوكل بهذه المهمة إلى الداعية الشاب النشيط الدكتور سالم عبدالجليل.

كان عبدالجليل من دعاة التجديد ، لم يكن أبدا من دعاة الإنغلاق والتطرف والإرهاب، كان دائما ما يتحدث عن احترام الآخر واحترام عقديته، وفكر المواطنة،

وعلى طريق تجديد الخطاب الدينى أصدر المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية دراسة في كتاب بعنوان تجديد الخطاب الديني للدكتور سالم عبدالجليل أكد ان التجديد في الخطاب الديني ليس المقصود به تغيير معالم الدين، فالاسلام هو الدين الذي كتب الله عز وجل له البقاء وارتضاه للبشرية جمعاء من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة وتمامه وكماله صفتان لازمتان له لقول الله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا .

 

وأوضح أن الدعوة إلى التجديد ليست موجهة إلى الاسلام الذي هو دين الله تعالى إنما هي دعوة إلى أصحاب العقول وبالذات الدعاة ـ الذين يدعون إلى الدين ـ إلى مراجعة أنفسهم في مدى فهمهم لكتاب الله عز وجل واستمساكهم بشرع الله وترتيب الأولويات مما يجب عليهم فعله وما يجب أن يبدأوا به، وهذه المراجعة هي بمثابة إعادة ترتيب عقل الداعية الذي بدوره يجدد للأمة دينها ويبعث فيهم روح الاخلاص لله والعمل بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالتجديد هو تجديد لأمر الدين ومكانته وسلطانه وليس تجديدا للدين نفسه، والمسلمون في حاجة الى هذا التجديد وللتجديد في كل ميدان، فمن رحمة الله بالمسلمين أنه يبعث مجددا على رأس كل مائة سنة كما ورد في الحديث النبوي، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها .

وتحت عنوان ضرورة التجديد في أسلوب الخطاب الديني يشير الدكتور سالم محمود عبد الجليل إلى أن استمرار الداعية في مسجده أو في مكان دعوته يعتبر من أهم الأسباب لنجاح دعوته بشرط أن يجدد في خطابه وينوع في أسلوبه ويحسن اختيار موضوعه وإلا أصبح مملا.

وينصح الدكتور سالم محمود عبد الجليل بأن يلتزم الداعية التجديد دائما في خطابه، وهذا يقتضي منه القراءة المتواصلة ومراجعة أحداث المناسبة التي سيتحدث عنها، وأن يحاول الربط والتحليل المنطقي السليم للاحداث الجارية وان يربط الماضي بالحاضر والحاضر بالمستقبل ثم ينتقل للحديث عن أنماط التجديد، ويؤكد ان التجديد ليس مطلوبا في الإيمان كما يكون في الوضوء.

وفي القسم الثاني من الدراسة يتحدث الكاتب عن أساليب الدعوة، مؤكدا أن أنجح داعية على الإطلاق هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فالله سبحانه وتعالى علمه من الأساليب الدعوية ما استطاع بها أن يشد انتباه السامعين وأمره سبحانه وتعالى باستعمال ثلاثة أساليب على وجه التحديد وإن كانت في معانيها شاملة متجددة لكل عصر وجيل قال تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن وأول هذه الأساليب: الحكمة، ثانيها الموعظة الحسنة، وثالثها الجدال بالتي هي أحسن.

ويعقب الدكتور سالم عبد الجليل ليس معنى هذا أن الأساليب محصورة في هذه الثلاثة بل هناك أساليب أخرى استعملها القرآن الكريم مثل القصة والمثل.

وتحت عنوان وسائل الدعوة يقسم الكاتب الوسائل التي بها يستطيع الداعية تبليغ دعوته للناس إلى قسمين معنوية ومادية، وعن الوسائل المعنوية يوضح الكاتب إنها تتمثل في الأخلاق الحميدة التي لا غنى للداعية عنها حتى يستجاب له ويقتدى به، ويضيف الدكتور سالم محمود عبد الجليل القصد بالوسائل المادية تلك الوسائل المحسوسة من الأقوال والحركات والأدوات.

هكذا كان عبدالجليل أول من استخدم مصطلح تجديد الخطاب الدينى منذ أكثر من 10 سنوات.

وعندما أرادت وزارة الأوقاف أن تبين الحكم الشرعى للنقاب ، وأن تحمل موظفات الوزارة على خلع النقاب استعانت بالدكتور سالم عبدالجليل وأعدت الوزارة كتيب " النقاب عادة وليس عبادة" وأكد عبدالجليل  فى وقتها أن الوزارة مهتمة بالتصدى لجميع التيارات والتوجهات الموجودة على الساحة، ومنها التيار الوهابى،  

 

وقال  إننا نبدأ بأنفسنا أولا بأن نصحح المفاهيم داخل الوزارة، ثم عقد ندوات توعية جماهيرية لمحاربة جميع التيارات الوافدة.

ولم يتوقف الأمر عند حدود وزارة الأوقاف بل طلبت وزارة التربية والعليم مساعدة الأوقاف فى إقناع المدرسات بأن النقاب ليس فرضا ، وبالفعل شارك الدكتور سالم فى عدد من الندوات ووزعت خلالها كتاب " النقاب عادة وليس عبادة" .

وما لا يعرفه الكثيرون أن الدكتور سالم عبدالجليل كان يشارك فى العمل الوعظي بالقوات المسلحة ، نظرا لخبرته الدعوية الكبيرة ووسطيته المعروفة عنه ، والمشهودة له.

بل أن كثيرا من خطط العمل الدعوى التى تعمل عليها وزارة الأوقاف الآن هى من نتاج عمل الدكتور سالم عبدالجليل ، وكما أسلفنا كان هو أول من تبنى قضية تجديد الخطاب الدينى فى ظل رعاية الدكتور حمدى زقزوق، أيضا أول من تبنى فكرة تصحيح المفاهيم الخاطئة، وأول من عمل على تحسين أوضاع الأئمة وإدخال التكنولوجيا إلى وزارة الأوقاف ، واعتماد الدعاة على الحاسب الآلى.

كانت شعبية سالم عبدالجليل داخل ديوان عام الوزارة طاغية ، كان محبوبا من الجميع مشهورا بابتسامته العذبة الرقراقة ، لا يغلق باب مكتبه فى وجه أحد ، بابه مفتوح دائما.

كان عبدالجليل خطيبا بارعا وكان مسجد " قاهر التتار قطز الذى يخطب فيه ويؤم المصلين ، يكتظ عن بكرة ابيه ، كان يصلى وراءه أكثر من 200 ألف مصل ، يمزج فى خطبته بين تأصيل الفكرة، وضرب الأمثال، وتفصيل المجمل، ووضع منهجا عمليا للمستمع في مقدوره تحمله وعمله لحظة خروجه من الخطبة في كلمات رشيقة ولغة عربية مفهومة تخرج من القلب لتصل إلى القلب فتنطبع على الجوارح دون أدنى لبس في الفهم.

حول عبدالجليل مسجده إلى منارة للعمل أسس معهد للدعاة تابع لوزارة الأوقاف وعمل دورات الحاسب الآلي والنشاط الصيفي للأبناء والصغار وتحفيظ القرآن للكبار والنساء ، وبفضل مجهوده اففتح مستشفى خيرى بجوار المسجد  .

الخلاصة أن سالم عبدالجيل وإن كان أخطأ فى التعبير وإثارة قضايا عقائدية على الملأ إلا أنه من المؤكد يبقى من اكثر علماء الأزهر وسطية وانفتاحا على الآخر ، لا يجب أن يذبح أو تنصب له المشانق ، وتسن له السكاكين.

ومواقف سالم عبدالجليل من الأقباط واضحة وحينما كان وكيلا لوزارة الأوقاف لشؤون الدعوة اشترك مع الكنيسة المصرية لمدة 10 سنوات فى ندوات ومؤتمرات.

ودائما ما يؤكد أن الأقباط فى الوضع المعاصر مواطنون، ولا يوجد شىء اسمه جزية ولا أهل ذمة، وهذه المصطلحات كانت زمان، عندما كانت الحروب على أساس دينى، فلم يكن المسيحى مضطرا لخوض حرب من أجل "محمد رسول الله" وهو لا يعترف بأنه رسول الله، فكانت القاعدة ألا يشارك فى الجندية مقابل أداء الجزية، وهذه  القضية انتهت وأصبحت لدينا دول مدنية معاصرة لديها جيوش تضم المسلم والمسيحى، والكل يدافع عن وطنه. 

ودائما ما يؤكد أنه  يذهب إلى  الكنيسة فى الأعيثاد ليهنئ  الأقباط، كما أنه يشارك الهيئة القبطية الإنجيلية فى العديد من الفاعليات والمؤتمرات.

 

 سالم عبدالجليل فى سطور:

ولد في ٣٠-١-١٩٦٧م محافظة الدقهلية .

التحق بالأزهر الشريف في سن مبكرة وحصل على الإعدادية الازهرية في عام ١٩٨٠ م وحصل على الثانوية الازهرية قسم علمي عام ١٩٨٤م. بمعهد منية النصر الازهري.

انتقل الى القاهرة ليلتحق بكلية الدعوة الاسلامية وحصل على الليسانس في عام ١٩٨٨م بتقدير مرتبة الشرف.

أنهى الخدمة العسكرية بسلاح الشئون المعنوية في عام ١٩٩٠.

أنهى الدراسات العليا ( تمهيدي ماجستير ) في الدعوة ومقارنة الأديان في عام ١٩٩٢م.

حصل على الماجستير في الدعوة ومقارنة الأديان من كلية الدعوة جامعة الازهر في عام ١٩٩٧م. وموضوع الرسالة : الجماعات الاسلامية دراسة تحليلية نقدية.

حصل على الدكتوراه في الدعوة ومقارنة الأديان من كلية الدعوة جامعة الازهر في عام ٢٠٠١ م. وموضوع الرسالة : طائفة اليزيدية وعبادة الشيطان.

عمل إمامًا وخطيبًا بمساجد وزارة الأوقاف لمدة ١٣ سنة من عام ١٩٩٠حتى اواخر عام ٢٠٠٢ م. من اهمها مسجد قاهر التتار ( قطز ) لمدة عشر سنوات.

عمل مديرًا عامًا للإرشاد الديني والمكتبات بوزارة الأوقاف. في الفترة من ٢٠٠٣ حتى عام ٢٠٠٧.

عمل رئيسًا للادارة المركزية لشئون الدعوة بوزارة الأوقاف . في الفترة من ٢٠٠٧م حتى سبتمبر ٢٠١٢م.

أسندت اليه رئاسة قناة ازهري ( شرفيًا ).

قدم العديد من البرامج التليفزيونية والإذاعية والافتائية .

شارك في العديد من البرامج الحوارية .

مثل مصر والمؤسسة الدينية في العديد من المؤتمرات المحلية والدولية.

شارك في تدريب الأئمة والدعاة على الخطابة وتجديد الخطاب الديني والقضايا المعاصرة.

درس الخطابة والسيرة النبوية والحديث الشريف لطلاب المراكز الثقافية بوزارة الأوقاف.

عمل كخبير في المركز الدولي للدراسات السكانية بجامعة الازهر.

عمل كخبير في المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية .

عمل كخبير بالمجلس القومي للسكان.

عضو المجلس الاعلى للشئون الاسلامية.

عضو المحكمة العليا للقيم. كشخصية عامة.

الف العديد من الكتب في مجال الدعوة الاسلامية.

كتب العديد من المقالات بالصحف والمجلات.

شارك في الكثير من المناظرات بمصر وخارجها.

زار العديد من الدول كداعية الى الله تعالى.

سجل المصحف الشريف بصوته مرتلاً برواية حفص عن عاصم.