عند ترشُح المشير عبد الفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية فى مارس من العام 2014، أطلق عليه أستاذنا الكبير الراحل محمد حسنين هيكل وقتها أنه "المرشح الضرورة"، فلقد كانت مصر تمر بظروفٍ غاية فى الصعوبة محليًا ودوليًا لم يسبق لها أن واجهتها فى تاريخها الحديث؛ فعلى الصعيد المحلى كانت قد مضت عدة شهور على الإطاحة بجماعة "الإخوان" الإرهابية من الحكم بعد أن قضت مصر عامًا هو الأكثر سوادًا فى تاريخها ترزح تحت حكم هذه الجماعة، التى لم يكن يهمها مصر كوطنٍ ودولة بل كان يهمها أعضاء الجماعة وتنظيمها الدولي، وبعد إزاحتها عن الحكم قضت مصر أيامًا وأسابيع قلقة ومتوترة أثناء اعتصامى "رابعة" و"النهضة" واللذيْن كانت تُبث فعالياتهما على الهواء مباشرة من خلال قناة "الجزيرة" العميلة والقنوات الأخرى الموالية للجماعة، وبثت الجماعة قدرًا كبيرًا من الذعر والرعب فى قلوب المصريين من خلال التهديد والوعيد من على منصة "رابعة"، وهو ما قاموا بتنفيذه من خلال عمليات إرهابية موسعة فى أرجاء البلاد ولا زلنا نعانى من بعضها حتى الآن.
وعلى الصعيد الدولي، كانت الجماعة تلقى التأييد من بعض الدول الغربية، ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، علاوة على الدول الموالية لها وخاصةً قطر وتركيا، بالإضافة إلى تأييد تنظيمها الدولي، وهو ما كان يمثل ضغوطًا على الدولة المصرية سيُعلن عنه فى حينه عندما يتم الإفراج عن الوثائق المتعلقة بتلك الفترة الملتبسة من تاريخ مصر فى قادم السنوات.
من هنا، كان المشير عبد الفتاح السيسى هو "الرئيس الضرورة" الذى لا يوجد له بديل؛ فهو الذى كان يشغل منصب وزير الدفاع عندما اندلعت ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو 2013، وحمل رأسه على كفه، عندما ساند ثورة الشعب المصرى ضد الجماعة الغاصبة، ولم يخشَ إلا الله، ولم يكن طامعًا فى سلطة، ولا طامحًا لها، بل إن الشعب المصرى هو الذى نزل بالملايين يطالبه بالترشح للرئاسة وقال له "كمل جميلك"، ولم يكن أمامه إلا أن يستجيبَ لنداءِ الشعب.
وكان الشعب واعيًا بأن المشير السيسى هو "الرئيس الضرورة" فى هذه المرحلة الفارقة فى عمر الوطن، وذلك لمواجهة إرهاب جماعة "الإخوان" ومؤيديها من أطياف الإسلام السياسى الأخرى وقطعان الإرهابيين الذين أفرج عنهم مرسى من السجون أو أتى بهم من كل حَدْبٍ وصَوْب ليكونوا سنده فى مواجهة الشعب المصرى إذا ثار عليه.
والدليل على ذلك أن الشعب المصرى نزل بالملايين إلى الميادين بناءً على طلب الرئيس السيسى فى السادس والعشرين من يوليو 2013 لكى يفوضه فى مواجهة الإرهاب، وكلنا كنا نعلم أن أى رئيس مدنى لم يتربى فى المؤسسة العسكرية مؤسسة الوطنية المصرية لم يكن ليستطيع مواجهة هذا الفصيل المجرم من الإرهابيين الذين يحاربوننا باسم الدين والإسلامُ منهم بَرَاء. كذلك لم يكن سوى الرئيس السيسى الذى يستطيع أن يواجه التحديات الدولية التى وضعت فيها مصر لأن له خبرة بأساليب مواجهتها ويعلم بواطن ملفاتها منذ أن كان مديرًا للمخابرات الحربية.
وفى رأينا أن الأمور رغم صيرورتها الظاهرة إلا أنها جميعًا لا زالت تقول ليس فقط بأن السيسى هو "الرئيس الضرورة" بل الأكثر من ذلك فإننا يمكن أن نؤسس لنظرية كنتاج لكل المشاهدات والأحداث والمعطيات والمستجدات خلال السنوات الأربع الماضية التى تمثل الفترة الرئاسية الأولى للرئيس، وهذه النظرية عنوانها الأبرز هو "حتمية الرئيس السيسي"؛ حيث يمثل انتخاب الرئيس لفترة رئاسية ثانية حتمية تاريخية فى مسيرة الدولة المصرية.
وتنبع هذه "الحتمية" من أمريْن مهميْن: أولهما ضرورة استمرار الرئيس لكى يستكمل حربَه على الإرهاب، ولعل العملية "سيناء 2018" هى خيرُ شاهد على أن الدولة المصرية تخوض حربًا شرسة على الإرهاب بقيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة لتطهير سيناء من قُطَعان الإرهابيين، لكى تبدأ عملية تعمير سيناء، وثانيهما أن الرئيس بدأ فى عددٍ من المشروعات القومية التنموية الكبرى التى ستغيرُ وجهَ الحياة فى مصر خلالَ العقودِ القادمة، لذا يجب استمرار الرئيس لكى يستكمل ما بدأه من مشروعات بدأ المواطن المصرى يشعر بأهميتها له ولأولاده وأحفاده.
وفى يوم السبت الموافق الثانى من يونيو عام 2018 كان المصريون جميعًا يرنون بأبصارهم نحو القاعة الرئيسة التاريخية بمجلس النواب انتظارًا لوصول موكب الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى مقر المجلس ليقوم بحلف اليمين الدستورية لتولى رئاسة الدولة المصرية لفترةٍ جديدة، وهو المشهدُ الذى لم نره منذ سنواتٍ بعيدة تعودُ إلى العام 2005، حيث شهدت مصر بعد ذلك أجواءً استثنائية لم يتمكن فيها أى رئيس أن يذهب إلى المجلس فى هذا الموكب المهيب الذى يعبر عن استعادة هيبة الدولة المصرية لكى يحلف اليمين فى ظل ظروفٍ طبيعية غير استثنائية.
إن هذا المشهدَ هو أحدُ الإنجازاتِ الكُبرى للرئيس السيسى الذى شهدت فترتُه الرئاسية الأولى أمريْن مهميْن؛ أولهما استعادة الدولة المصرية بعد أن كادت تجرفُها الرمالُ الناعمة المتحركة والانفلاتُ الأمنى إلى المجهول، وثانيهما إعادة بناء مؤسسات الدولة المصرية؛ فالآن أصبحَ لدينا دستورٌ ومجلسُ نوابٍ ووزاراتٌ تُباشِرَ عملَها فى ظلِ رقابةٍ شعبية وتشريعية ورقابةٍ من أجهزةِ الدولة الرقابية وعلى رأسِها هيئة الرقابة الإدارية، منعًا لأيةِ شُبْهَةِ فسادٍ تعترى أيةَ مؤسسةٍ من مؤسساتِ الدولة، كما تم تحديثُ القوات المسلحة المصرية لتكون درعَ الوطنِ وسيفَه أمامَ أيةِ أنواءٍ قد تتعرض لها الدولة المصرية فى ظل الاضطراب العالمى واضطراب إقليم الشرق الأوسط، وتم تدعيمُ الشرطةِ المصرية وأصبحت حصنَ الأمانِ للمصريين بعد الانفلات الأمنى الذى شهدته مصر فى ظلِ حكمِ جماعةِ "الإخوان" ومحاولتهم تفكيك الشرطة المصرية لمصلحة جماعتهم واستبدالها بالعناصر المسلحة للجماعة الإرهابية.
وعلاوةً على ذلك كله، فإن "المشير" السيسى باعتباره مقاتلاً فى المقامِ الأول، فإنه إذا أراد الوصولَ إلى هدفٍ وضعه على "لوحةِ التنشين" ولا يمكن أن يخطئه، لذا فإنه وضع نُصْبَ عينيْه أن يكون مقاتلاً من طرازٍ خاص يحملُ السلاحَ فى يدٍ يحارب بها الإرهابَ والفساد، ويحملُ فى اليدِ الأخرى كلَ أدواتِ البناء باعتباره رئيسًا لمِصْرَ الكبيرة التى يجب أن تعودَ لها إرادةُ الحياة والبناء بعد أن أرادَ أعداؤها أن يُوردوها مواردَ الموتِ والخراب. ولعل ما ذكره د. على عبد العال رئيس مجلس النواب فى جلسةِ حَلِفِ اليمين من إنجازاتِ الرئيس فى فترته الأولى لخيرُ شاهد على ما أصابته مصر من خيرٍ ونماءٍ فى أربعِ سنواتٍ فقط هى كلُ عمرِ الفترة الرئاسية الأولى للرئيس، ورغم قِصَرِ مدةِ الفترة الرئاسية فإن إنجازاتِ الرئيسِ حاضرةٌ بقوة فى مجالات الاقتصاد والزراعة والثروة السمكية والحيوانية والنقل والمواصلات والسياسة الخارجية.
لقد خاضَ المقاتلُ عبد الفتاح السيسى فى فترته الرئاسية السابقة معركةَ بناءِ الدولة من خلال كل ماتم إنجازُه من مشروعاتٍ تنمويةٍ كُبرى غيرت وجهَ الحياةِ فى مصر، وكان خطابُ الولايةِ الجديدة للرئيس يُؤَشِرُ إلى المعركةِ الجديدة التى سيخوضُها الرئيس – وكلنا معه – وهى معركةُ بناءِ الأمةِ المصرية لكى تسترجعَ هُويَتُهَا ومكانتَهَا الطبيعية كأمةٍ فاعلة ذات تنوعٍ ثقافى وسياسي، وذات مستوى لائق فى مجالات التعليم والصحة، أمةٍ لها ثِقَلُهَا ووزنُهَا على المستوى الدولى وعلى مستوى الإقليم.
إن الولايةَ الجديدةَ للرئيس تستكملُ مشروعَ البناءِ العملاق الذى سنباهى به العالمين.. دولةٌ حديثة وأمةٌ فاعلة. إن "حتمية الرئيس السيسي" لكى يكون يكون رئيسًا لمصر خلال السنوات العشر القادمة تدعونا جميعًا كمصريين أن نصطفَ صفًا واحدًا من أجل الوطن ومستقبله خلف الرئيس والقائد الذى آمنّا به ووضعنا أمننا واقتصادنا وحاضرنا ومستقبلنا بين يديه فكان على قدر المسئولية الملقاة على عاتقه.
يجب أن نقول للعالم ولكل أعداء الوطن الذين لا يريدون الخير لمصر أننا خلف القائد جنودًا نزودُ عن الوطن، ولن نسمحَ لأحدٍ أن يَمَسَ هذا الوطن أو قائدَه بسوء.
حمى الله مصر.. وحمى قائدها.. وحمى شعبها وجيشها.. وجعلها حصنًا آمنًا لأهلها ولكلِ من يلجأ إليها.. إنه سميعٌ مجيب.