الإثنين 13 مايو 2024

فستان حبيبة.. والمايوه الشرعى

مقالات27-6-2021 | 12:20

 

ماذا يحدث؟.. هل بات أمن الأسرة المصرية هدفاً اليوم؟.. لماذا نتلقى يوماً بعد يوم حوادث لا تعطى معنى إلا أننا نعانى انقساماً مجتمعياً ينذر باتخاذ بعضنا مجتمعا خاصا يناسب أفكاره وما اعتاده كقيم وأخلاق، ويبدو أن فشل محاولات زرع فتنة دينية فى مصر طوال عقود سابقة دعا البعض إلى أن ينشئ صراعاً من نوع جديد.

 

من "حنين فتاة التيك توك" إلى "فستان حبيبة" إلى "مايوه الفتاة المحجبة الشرعى" تضربنا موجات أظنها مصطنعة لكسر لُحمة المجتمع تحت أجندات مختلفة؛ أولها دينية وأصحابها يدعون أن المتمسكة بدينها مضطهدة مهضومة الجناح، وثانيها يرى أصحابها أن الفتاة المستقلة على النموذج الغربى مضطهدة أيضاً، وهنا يجد علماء الاجتماع ودعاة النسوية وبينهما يجد أصحاب الدعوات الوسطية الداعية إلى رفع الظلم عن المرأة وتمكينها ودعمها مجتمعيا أنفسهم فى حيص بيص، فالكل هذه المرة من نسيج واحد ويتحدث بلسان واحد، لكن هناك من يلعب على استغلال فجوات فى يقظتنا المجتمعية ليحقق من خلالها هدفه الأكبر وهو أن يكون أهل مصر فرق وطوائف دون أن يدروا، وتزيد مساحات الغربة بيننا، وهنا يفتح الباب على مصراعيه لإنتاج متطرفين جدد ومواطنين يجدون الانتماء للوطن عبثا.. جيل جديد يجنى ثمار التطرف فى كل تلك الأصوات التى يرضى بعضها أن تسير المرأة فى كفن ويرضى البعض الآخر أن تسيرعارية صادمة ويرضى البعض الآخر الذى يريدها مستقلة استقلالا غير منضبط أن تكسر بناءها المجتمعى من أصله.. ما هذا العبث؟!

 

والسؤال الأهم هنا..لماذا يحاول البعض فى كل تلك المسارات أن يغض الطرف عن مدنية الدولة القائمة بل ينكر وجودها بالتجرؤ على تركيبتها القائمة على المواطنة وإعلاء القانون.. أين القانون وسلطانه فى كل تلك الحوادث لماذا يصر الخبثاء إلى أخذنا لزقاق الصراع المميت المظلم ويرفض أن يسير بنا فى درب القانون المنير الذى ينشد العدالة ويعلى القيم التى اتفق عليها المجتمع فى زحفه المقدس فى إقرار دستوره دون محاباة أو خجل.

 

لماذا تقدم لنا تلك الصور المنحرفة الخاضعة للأهواء الصادرة من خلفيات عكرة على أنها نوع من محاولة اجيتاح مجتمعى من فئة تجاه أخرى يجب أن نحشد لها وندشن حربا من أجلها..لا يا سادة من يتجاوز خطوط القانون لابد أن نجبره جمعيا على العودة إليها مرغما أو مخيرا أما أن نقدم فستان حبيبة على أنه حرب مقدسة على حرية المرأة أو حرب شيطانية على ثوابت الدين فهو لعب بالنار لن يسفر إلا عن احتراق المجتمع ومحاولة الفئة التى تظم أنها الأكثر عددا على كسر النظام المجتمعى خطوة خطوة وهو ما فشل فيه أعداء مصر منذ ثورة الثلاثين من يونيو وحتى اليوم.

 

إن انتفاض المصريين فى الثلاثين من يونيو كان من أهم بواعثه الإحساس العميق بأن قوة ما تحاول أن تقهرهم وتغير ثوابتهم وتشق رسوخ مجتمع وقناعات استقرت لقرون طويلة وهنا اشتعل الغضب وبات فى درجته القصوى التى أنست الجميع الفوارق ليصطف الكل كتفا فى كتف ليسقطوا تلك القوة الفاجرة التى حاولت المساس بطبيعة شعب وأمان مجتمع.

 

لذلك لا أرى الإلحاح بجدل تلك الحوادث إلا التفافا من البعض على البعض فهناك من يرغب أن يؤكد أن مصر فرعونية ويستميت الآخر ليقول إنها إسلامية ويقاتل الآخر ليثبت أنها قبطية ويجادل رابع بأنها يجب أن تكون علمانية ونسى هؤلاء جميعا أن مصر ما هى إلا ضفيرة عظيمة التعشيق بين هذا كله من حاول فك ضفائرها مفقود مفقود مفقود..كما تغنى العندليب.. إن الجدل اليوم ليس حربا عقدية بل هو اجتراء من البعض على البعض لا سبيل لوقفه إلا سلطان الدولة.

 

إذن ما الحل لفض هذا الاشتباك والتعامل الرشيد مع منع مايوه شرعى أو انتقاد فستان أو التعليق على تصفيفة شعر وهى كلها انشغالات وانحراف لمجتمع فى حالة استنفار وبناء مجتمعى متسارع.. إن الحل أبسط وأكثر خيرا من مجرد التجادل وهو إعلاء القانون فليقدم كل مثيرى تلك الحالات على أنهم خارقون للقانون وليس أصحاب مذاهب مقدسة فى أرض الاضطهاد فإن ذلك خطر لو تعلمون عظيم.

Dr.Radwa
Egypt Air