الجمعة 26 ابريل 2024

أنا أرتدى الفستان

مقالات27-6-2021 | 13:17

"خلونى فرجة فى الجامعة كلها".. "أنا كنت أرتدى فستانا طويلا".. "التريقة وصلت على حد سب مدينتى الساحلية".. "سألونى إنت مسلمة أم مسيحية؟".. هذه بعضا من كلمات الطالبة "حبيبة طارق زهران" بكلية الآداب، جامعة طنطا.

وفى نهاية يوم كانت تؤدى الامتحان به الأسبوع الماضى حدث التنمر وخطاب الكراهية العنصرى، حينما ذهبت لاستلام بطاقتها من المراقبين كما تنص تعليمات الجامعة. وفى طريقها لاستلام البطاقة سألها المراقب: هل أنت مسلمة أم مسيحية؟!

وهذا هو مربط الفرس فى الموضوع الذى أراده تيار الإسلام السياسى فى البداية بأن يكون دعوى الزى والإيشارب هو للتمييز بين المصريات. وأن عدم ارتداء قطعة القماش الألوان التى تتناسب مع الملابس أو تغطية الرأس أو الحجاب أصبح العنوان الكبير للتمييز على أساس الدين أو أنها خرجت من الملة؟

وكأن الايشارب هو رمز الإسلام والمسلمين أو أم المعارك مع أن أركان الإسلام خمس ليس بينها غطاء الرأس إجباريا .

 

حينما كتبنا مرارا وتكرارا أن هذا الإيشارب هو معركة سياسية رمزها الدين وهدفها المرأة لم يصدق الكثيرون من العامة أوالمثقفون أيضاً سواء رجالا ونساء!

 لم يصدقون علنا ما نقول وصمتوا حتى وحينما اعترف محمد البلتاجى بمعركة فرض الحجاب لإبراز القوة والهيمنة على المجتمع (انظروا إلى كم الحجاب فى الشارع لتعرفوا قوتنا هكذا قال البلتاجي)

 

 وكان فى إطار إبراز قوتهم وصراعهم للوصول إلى السلطة السياسية والحكم وهو ما حدث بوصول الإخوان للحكم.

 وحينما تقول مذكرات قادة الإخوان أنفسهم بالخارج عن تمويل إرسال الآلاف من الإيشاربات التى كانت ترسل فى شنط لحجاب المصريات ونشر وفرض الايشارب على النساء كجزء من تعليمات التنظيم الدولى أيضاً .

 

وفى إطار صراعهم السياسى للسيطرة على المجتمع فى السبعينيات لم ينتبه أحد أن ذلك من أجل قسمة وتميز بين المصريات بالملابس والدلالة الدينية والذى لم يستطع اللورد كرومر نفسه التفرقة بين المصريين بالزى.

 

 إن معركة التميز بالزى قديمة جدا فكان يجبر غير المسلمين فى الماضى على ارتداء زى ولون مخالف.والتاريخ يقول ذلك بأنه كان يفرض فى بعض الأزمنة ذلك على أصحاب الديانة المختلفة مثل ارتداء حزام أو غيره من الأحكام التعسفية.

 

لن أعيد ما قاله الرئيس عبد الناصر عما طلبه مرشد الإخوان المسلمين منه فى اللقاء الذى تم بينهما فى الخمسينيات وهو فرض الحجاب والايشارب على النساء، وهو ما رفضه الرئيس عبد الناصر وقتها وتهكم عليه بأن بنات المرشد فى الجامعة لا يرتدين الايشارب أو الحجاب،

 

وحينما تحالفوا مع الرئيس السادات وخرجوا من السجون وتمكنوا من الجامعات والسيطرة عليها، كانت أحد أبرز ادواتهم هو فرض الحجاب على طالبات الجامعة، واقرأوا مذكرات عبد المنعم أبو الفتوح، وما حدث منهم للسيطرة على الجامعات بدءا من الإخوان والجماعات الإسلامية وانتهاء بالسلفيين الذين طالبوا بالنقاب ونشروا ذلك بالفعل فى المجتمع.

 

حينما نبهنا لخطورة تقسيم المجتمع دينيا والرمز بالزى وغطاء الرأس وأنه سيتحول إلى معركة واضطهاد للنساء أو تنكر وتنمر واحيانا تحرش (كما يحدث الآن) لم نكن نضرب الودع والبخت وإنما كنا ننبه لخطورة اقتران الحجاب والزى بالإسلام أو المسلمين وربطهم زى محدد، وحينما نبهنا لخطورة النقاب ليس لخطورته أمنيا فقط وانما أنه أيضاً أصبح زيا للتمييز بين أبناء الوطن الواحد وبين الأكثر تدينا عن حتى الحجاب ودليل على الديانة. تم الترويج والرد أنه إعمالا لمبدأ الحرية الشخصية.

 

نعم مبدأ الحرية الشخصية مصان وحق ولكنه الحق الذى يراد به باطل لأنه أصبح حقهم فى التمييز أنهم مسلمين والأكثر تدينا بل والتنمر كما حدث مع حبيبة وغيرها.

وكان سؤالى دائما. أليس الرجل لديه شعر وإذا كان الشعر مصدر إثارة فلماذا لا يرتدى الحجاب أو النقاب هو أيضا!

لقد نقلوا أحاديث عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) وعائشة رضى الله عنها حديث عن الملابس وأغلبها أحاديث أحاد أو ضعيفة الإسناد.

فالرسول عليه أفضل الصلوات والسلام لم يأت بزى جديد عن زى قومه فى مكة ثم المدينة.

وحينما قالوا إن عمر بن الخطاب قال بأن تطيل المرأة فستانها حتى لا تعرف،

كان ذلك بسبب أنها تخرج لقضاء حاجتها (الحمام) فى الخلاء ولكلا تعرف بجانب أنه ميز الحرائر عن الإماء بالزى.

 

وهذا فى مجتمعنا الحالى وبعد إلغاء العبيد والاماء أصبح غير مقبول انسانيا تمييز المرأة بزى كفارق بين الطبقات وأن يكون للفقراء زيهم الخاص كما كان يحدث فى عصور الحرملك والحريم والخلافة العثمانية وغيرها،بينما يكون هناك زى مخالف لاغنياء وابناء الطبقات الأخرى.

 

عفوا يا سادة فالله جل جلاله لن يدخل الجنة أو النار طبقا للزى وشكله ولونه تماما كما لن يحاسب بدرجات متفاوتة بناء على اختلاف الجنس أو العرق.

فالجميع خلقنا الله متساو الحقوق والواجبات ولكل امرىء رجلا كان أو امرأة ما عمل وكسبت يداه.

 ما يحدث وحدث فى الجامعة وأراهم أى المراقبين رجالا ونساء ضحايا لخطاب عنصرى للغاية توطن وربط بين الدين والايشارب وبين العمل الصالح والحجاب.

 

وهكذا تتحول المعركة لإدخال الجميع فى حظيرة واحدة متشابهات اما بالحجاب أو الخمار أو النقاب، وحتى لايشعرن بالاغتراب أو أن هناك من ليس منهن أو مثلهن وربط الأنوثة بالزى حتى أصبح غطاء الرأس أو الحجاب هو جزء من الزى المدرسى رغم حكم المحكمة الدستورية عام ١٩٩٦ برئاسة د. عوض المر بعدم صحة ارتداء النقاب والذى صدر لصالح د حسين كامل بهاء الدين فيما عرف وقتها بمعركة الايشارب أو الحجاب.

 

والآن الوزارة صامتة ومشغولة بالتابلت والغائه حتى أصبح الزى والايشارب والحجاب معركة التمييز الكبرى الآن داخل المجتمع عنوانها دينى اجتماعى لكن مضمونها صراع سياسى إقصائى عنصرى.

 

نعم أنا أرتدى الفستان مثل طالبة الجامعة حبيبة ومنذ سنوات وسأظل أرتديه ولن اغطى رأسى بإيشارب أو غيره، ولست ممن يقبلوا الابتزاز أو أننى سلعة أو من يسأل عن دينى مسلمة أو مسيحية، فهذا لا يهم البشر رجلا أو امرأة إلا عند الزواج أو الوفاة لمراسم الدفن .

عفوا سارتدى الفستان واستمر فى ذلك،لأنى أعرف أن جوهر الدين هو المساواة والحق والعدل وأن الله خلق الجميع.

Dr.Randa
Dr.Radwa