الإثنين 6 مايو 2024

الطريق إلى السد

مقالات27-6-2021 | 17:03

كلما تفاقمت أزمة سد النهضة بتعنت الجانب الإثيوبي في المفاوضات مع مصر والسودان، تذكرت مشهدا من فيلم «ناصر 56» عندما تسيطر السلطات المصرية على تشغيل وإدارة قناة السويس أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، حتى تصبح إدارتها تحت السيادة المصرية، ويجول في خاطري سيناريو أن نصحو في يوم على نبأ أن قوات خاصة من الجيش المصري سيطرت على سد النهضة للعمل على إدارته بالتنسيق مع عدة جهات دولية، بعد رفض إثيوبيا أي حلول.

من الممكن أن يكون هذا حلم أو أمنية أو مراودة من تفكير، بأن ذلك من الممكن أن يحدث إذا ما واصل الجانب الإثيوبي تعنته ورفضه لكل الحلول التي توضع على طاولة المفاوضات، في محاولة لانتقاص حصتيَ مصر والسودان من مياه النيل بداعي عملية الملء الثاني لسد النهضة الذي ظهر لنا فجأة وبدون أي مقدمات تذكر.

جاء تأميم القناة بعدما اتخذ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قراره بتأميم قناة السويس، وقال عبارته المشهورة من مدينة الإسكندرية أثناء خطاب له من ميدان المنشية: "تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس شركة مساهمة مصرية"، وذلك في 26 يوليو 1956.

كثيرا ما حاولت مصر والسودان التوافق مع إثيوبيا على اتفاق موحد، إلا أن الجانب الإثيوبي دائما ما كان موقفه يتسم بالتعنت والرفض لكل محاولات حل الأزمة أو التوافق على صيغة موحدة لكيفية بدء المرحلة الثانية لملء وتشغيل السد.

مصر كانت ولا تزال تمضي قدما في التوصل إلى حل لهذه الأزمة المستعصية من خلال حوار الدبلوماسية، وطرق الأبواب الدولية التي ترفض جميعها تعنت الموقف الإثيوبي الذي لا يستجيب لأي إرادة إقليمية أو عربية أو دولية، في تمسك غريب يشوبه الرفض من أجل الرفض، أو كأنه يستمد قوة من جهة تدفعه إلى الانجرار وراء مواقف – غبية ــ لا يعي نتائجها.

 من هنا فإن إدانة الموقف الإثيوبي من عدة جهات دولية مؤثرة من الممكن أن تفرض عليه عزلة دولية أو حصارا اقتصاديا أو سياسيا، أو إذا ما استخدمت مصر جميع إمكانياتها لفرض رأي عام دولي يجبر إثيوبيا على التراجع، أو تشكيل تحالف اقتصادي قوي يفرض أيضا شروطا عليهم لقبول المفاوضات والاستماع لجميع الأطراف بدلا من الذهاب لمنطقة اللاعودة والتي نخشى أن يكون قد فات أوانها.

المتتبع للتصريحات العنجهية لرئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد علي، لا يجد مبررا لاستعداء أكثر من طرف، خاصة بعد تصريحه مؤخرا بأن إثيوبيا تسعى إلى بناء 100 سد وليس سد النهضة فقط، ليس من حق آبي أحمد أن يعتقد بأن مياه النيل منحة إلهية لبلاده فقط توزعها كيفما تشاء، أو تبني سدودا لحجبها عن من تشاء، أو لتقليل حصة مصر التي تقدر بـ 55 مليار متر مكعب لمجرد إرضاء أهواءهم.

Dr.Randa
Egypt Air