الإثنين 29 ابريل 2024

صاحب كتاب التاريخ الحرام: الفاطميون سبب نشر التشيع في إيران.. وحل مشاكلنا مرتبط بفهم الماضي (حوار)

أحمد متاريك

ثقافة27-6-2021 | 21:54

فوزية عبيد

صدر حديثًا عن دار الوطن للنشر والتوزيع، كتاب "التاريخ الحرام"، للكاتب الصحفي والباحث التاريخي أحمد متاريك، والذي يتناول المسكوت عنه في التاريخ، والمعلومات التي حرمت علينا طبقًا لوصف الكاتب.

وأجرت "دار الهلال"، حوارًا مع الكاتب الصحفي أحمد متاريك للتعرف على تفاصيل الكتاب، والمعلومات التي حُرمت علينا، ولماذا تم حجبها؟.. وإليكم نص الحوار.. 

من أين جاءت إليك فكرة الكتاب؟

 من واقع عملي، أنا بنتج قطع تاريخية بسبب تعاوني بشكل منتظم مع منصات عربية كثيرة، وبالتالي جاءت فكرة أني طول الوقت وأنا بشتغل بحكم الاطلاع على العديد من المؤلفات والمراجع التاريخية أجد زوايا لم أكن أعلمها وبحس من واقع احتكاكي مع الكثير من الزملاء في الوسط الصحفي أنها ليست معروفة مع أنها في الحقيقة مهمة جدًا.

 وكان لديَّ استفسار وتعجب كيف لا نعلم وقائع تاريخية بمثل هذا الحجم، وكأنها تم تحريمها علينا، فلم يتم تدريسها في الكتب المدرسية، والمؤرخون لم يتناولوها في برامجهم، ولم نعلم عنها أي شيء، ومن هنا جاءت فكرة الكتاب والاسم "التاريخ الحرام"، الذي حرم علينا معرفته لأسباب متباينة، وذلك أيضًا سؤال هام.. "إحنا ليه معرفناش؟".

لماذا حجبت عنا هذه المعلومات من وجهة نظرك؟

 هناك أسباب كثيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية، فعلى مدار تاريخ الأمة الإسلامية تم صياغة الوعي بشكل أو بآخر وفق مقتضيات الوضع السياسي والاجتماعي العام، بمعنى أن كل ما يريده الحاكم يتم صياغته ليس فقط بالتعبير عنه في وسائل الإعلام الرئيسية كالتلفزيون حاليًا، أو منابر المساجد قديمًا التي كانت وسيلة الإعلام الأولى وقتها؛ فكان يتم إعادة صياغة وعي الناس، فلو أنك تعيش بعصر معاوية ابن أبي سفيان سترى أنه قرر أن يعلن الحرب على علي ابن أبي طالب ليس فقط عسكريًا ولكن اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، فكل المنابر التي تؤيد معاوية ستسب في علي وفي ذريته، وستأتي بأحاديث تسب فيه، وتختلق وقائع ضده أو تسلط الضوء على أخطاء موجودة لكي تكبرها، فستجد أن ذلك أحد منابع التحريم.

والمعلومات حرمت علينا معرفتها وفقًا للظروف السياسية والحكام الذين كانوا يريدون ذلك، وشيء آخر وهو الأبعاد الفقهية فنحن على سبيل المثال دولة سنية سنريد أن تكون الصورة التي يتم تصديرها من أحاديث أو مرويات مؤيدة لوجهة النظر السنية وعلى سبيل المثال  الحديث الشهير "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا كتاب الله وسنتي".

ما هي مصادر الحصول على معلوماتك؟

كتب التاريخ الإسلامي الأساسية من أول صحيح البخاري ومسلم حتى كتب السيرة النبوية، وكتب التاريخ الإسلامي مثل تاريخ الذهبي وغيرها.

وكيف تأكدت من مصداقيتها؟

أن تكون مكررة في أكثر من مرجع، والكتب ذاتها تكون مصدر ثقة.

ما أبرز الموضوعات التي يتاولها الكتاب؟

الكتاب يناقش موضوعات مختلفة، وقضايا تاريخية غير مطروحة، ويقدمها بشكل منفصل مثل الصور القديمة التي رسمها المسلمون للرسول صلّ الله عليه وسلم، ومنعت من التداول، وكذلك الصحابة المصريون الذين تعاملوا مع الرسول، والدور التاريخي لحجرة السيدة عائشة بعد وفاة النبي.

ما المدة التي استغرقها الكتاب؟

الكتاب استغرق 5 أعوام، بحث في كتب التاريخ الإسلامي الأساسية؛ ابتداء من البخاري ومسلم حتى السيرة النبوية، وكتب التاريخ الإسلامي مثل تاريخ الذهبي وغيرها.

 ما هي أغرب معلومة تاريخية صادفتك؟

 الكتاب بأكمله متعلق تحديدًا بالمعلومات الغريبة، ولكن يمكن القول أن أغرب معلومتين؛ أن الدولة العباسية  قبل تدميرها على أيدي المغول كان لها علاقة عظيمة بالمغول؛ فكان هناك علاقات دبلوماسية وتبادل سفراء والزيارات، والمعلومة الثانية أن مصر لعبت دورا كبيرا خلال عهد الدولة الفاطمية في نشر التشيع داخل إيران، وذلك كان مسار استغراب؛ لأن الواقع حاليًا أن مصر بعد انهيارالدولة الفاطمية تحولت للمذهب السني، بينما بقي الإيرانيون على المذهب الشيعي الذي قمنا بنشره بفضل الدعاة الفاطميين في القاهرة.

هل واجهتك صعوبة في نشر الكتاب؟

لم تواجهني أي صعوبات؛ فبعد الانتهاء من الكتاب عرضته على دار الوطن للنشر والتوزيع وتم الموافقة على الكتاب مباشرة، وذلك لأنهم على دراية سابقة بكتاباتي.

متى بدأت علاقتك بالتاريخ؟ ولماذا اتجهت له؟

منذ الصغر، كان لديَّ شغف بمعرفة كيف عاش الأولون سواء في العصور القديمة مثل الدولة العباسية، والفرعونية وخلافه، وكنت دائم السؤال "كيف عاش الناس في هذه العصور.. وكيف كانت حياتهم؟

وببساطة شديدة اتجهت للتاريخ لأني بحبه، وأرى أن جزء كبير من فهمنا للحاضر الذي نعيشه مرتبط بشكل مباشر بالكتابة التاريخية، أو بفهم التاريخ، وبالتالي تبين ليّ أشياء كثيرة؛ فالعديد من الأحداث التاريخية لعبت دورا مؤثرا في صياغة الواقع الذي نعيشه؛ لذا فأنا على قناعة مطلقة أن فهمنا جميعًا لحاضرنا وقدرتنا على حل مشاكله ستكون مرتبطة بشكل كبير بفهمنا للتاريخ بشكل صحيح ومحاولتنا تفسير وتحليل وتبرير الوقائع وفهمها بشكل صحيح.

من هو أكثر مؤرخ تثق في كتاباته ومعلوماته؟

 لديَّ أزمة كبيرة، وهي أني مقتنع أن التاريخ أهم بكثير مما نُقل لنا، بمعنى لو فتحنا "تاريخ الطبري"، سنجد أنه في العام كذا حدث كذا.. هذا صحيح ولا نقدر أن نقول إنه خطأ، ولكن الفكرة في "الميكانيزم" نفسه، ولأني مقتنع بالنظرة الخلدونية "النظرة الاجتماعية للتاريخ"، ودائم السؤال لنفسي أن التاريخ لا يُصنع إذ فجاءة، وذلك بمعنى أن المذهب المنتشر في معظم كتب التاريخ الإسلامي يقول: "في العام كذا انتشر التشيع في إيران".. هو صحيح ولكن الأصح أن يتم دراسة تحليلة شاملة "كيف انتشر؟، وما هي نتائجه؟"، والتطورات العظيمة بالأمم لا تحدث بين يوم وليلة، وتحتاج لعشرات السنين.

ما الذي تفضله في الكتابات التاريخية؟

ما أفضله في الكتابات التاريخية وللأسف غير شائع فكرة ما وراء الحدث؛ فما هي التعقيدات والتركيبات والأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تدفع لحدوث الأشياء؟، ولابد أن يكون لدينا رؤية شاملة لمسببات الحدث قبل حدوثه، وهناك مجال كبير للنقاش بالتحديد في الأحداث الكبرى كحادث الفتنة في عهد عثمان ابن عفان؛ "فلا يشغلني مين عمل إيه ومين راح فين"، ولكن الأهم مواقف الناس الأخرى والتحليل المنطقي لكل تفصيلة فهذا الذي أحبه، بالرغم أنه غير شائع، المدرسة الاجتماعية في التاريخ لا أظن أنها منتشرة بشكل كبير لأنها تتطلب وقتا كبيرا، واتقانا لعلوم كثيرة لتحليلها اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، ولابد أن يكون لديك قدرة ناقدة لتفحيص وتمحيص الروايات إن لزم الأمر، فذلك غير منتشر.

هل هناك كتب أخرى تعمل عليها حاليًا؟

 هناك أفكار كثيرة، ولكني منتظر نزول الكتاب وكيف ستكون النتيجة، وأتمنى أن يكون الكتاب بداية تعارف لي في مجال الكتابة التاريخية؛ سواء كتاب تاريخي بالشكل الكلاسيكي أو رواية تاريخية سيتم التفكير فيها بعد نزول الكتاب.

Dr.Randa
Dr.Radwa