الجمعة 22 نوفمبر 2024

مقالات

الثلاثين من يونيو بمذاق مختلف

  • 30-6-2021 | 21:59
طباعة

للثلاثين من يونيو هذا العام مذاق مختلف، يجعل من تلك المناسبة حدثاً لا ينسى، بالقياس على ما تحقق ونحصد ثماره بينما نحتفل بالذكرى الثامنة لثورة عظيمة استعادت الهوية، وصححت المسار، وأطلقت قطار التنمية الذي يواصل المضي دون توقف من أجل بناء مصر الحديثة. 
 
 ثلاثة أسباب تجعل من الثلاثين من يونيو لعام ٢٠٢١ ذكرى مميزة، لعل السبب الأهم هو الحدث الذي تم اختيار توقيته ليتزامن مع تلك الذكرى الغالية، وهو قيام الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بتفقد "اصطفاف" لمعدات مشاركة في مبادرة "حياة كريمة" التي تمتد بيد التطوير وتحسين جودة الحياة في القرى المصرية، عبر تحسين خدمات المرافق والبنية الأساسية، وتوفير السكن الكريم، والنهوض بقطاعات الصحة والتعليم في القرى المستهدفة.
هذه المبادرة نتيجة مباشرة لثورة الثلاثين من يونيو التي تحل ذكراها الثامنة، حيث كانت مصر قبل يونيو ٢٠١٣ في مهب ريح غادرة كادت تجعل من هذا البلد "عزبة" لأنصار التيارات الإسلامية المتطرفة، التي اتبعت دائماً نهج "الإقصاء" بتكريس جهودها واهتمامها بتنفيذ خطة التمكين، واقتصار العائد على من ينتمي إلى تلك التيارات، وينضوي تحت لواءها، ويعتنق مذاهبها، ثم تفجرت الثورة العظيمة لتعود مصر كعهدها وطن لكل المصريين.
 
السبب الثاني هو قرار جرئ اتخذته الدولة المصرية بافتتاح الدورة 52 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، رغم ظروف أدت إلى تأجيل انعقادها من يناير حتى نهاية يونيو، وكادت أن تدفع لمرور العام 2021 دون أن يقام هذا الحدث الثقافي الأبرز، والحقيقة أن أرباب صناعة النشر في مصر وحدهم يدركون كم نزل هذا القرار على قلوبهم كالمطر في الصحراء، فهو قبلة حياة لقطاع يقاسي ظروف شديدة القسوة تعصف بالصناعة وتؤثر على مستقبل الثقافة والفكر.
 
إقامة المعرض هذا العام تتم في ظل ظروف "استثنائية" بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فجائحة فيروس كورونا دفعت إلى تقليص أعداد الزوار يوميا بشكل ملحوظ، وعقد فعاليات البرامج الثقافية والفنية عن بعد، ولكن يتيح المعرض الفرصة لدور النشر للعودة لاستقبال الزوار في أجنحة هذا الحدث البارز، وتحقيق قدر من المبيعات يساعد على إستمرار هذه الصناعة حتى وإن لم تكن الأرباح مرضية، فكما يقول المثل الشعبي : "نصف العمى ولا العمى كله" ومن هذا المنطلق يبتهج صناع الكتب باقامة المعرض هذا العام.
 
ثالث الأسباب التي تدفعني لإعتبار الثلاثين من يونيو ٢٠٢١ مناسبة خاصة، هو حالة التألق والزهو التي تعيشها الدولة المصرية، وهي تسترد مكانتها عالمياً من خلال ممارسة تأثير فاعل وايجابي في القضايا الإقليمية، كما تمد أذرع إعادة الإعمار غربا في ليبيا وشرقا في العراق كجزء من رد الجميل لدولتين كان لهما فضل في استيعاب العمالة المصرية لسنوات طويلة قبل دمار الحرب والربيع العربي، ولابد لتأثير مصر أن ينهي قريباً قصة أزمة سد النهضة بالصورة التي تضمن الحفاظ على حقوق مصر المائية، دون تهاون أو تفريط.
 
تأثير مصر في الدائرتين الاقليمية والعالمية لم يتوقف عند حل الأزمات وتنسيق المواقف مع الدول العظمى والمنظمات الدولية، بل ساهم في تبديل مواقف بلدان إقليمية تجاه مصر، ووضع حد للمنصات المعادية التي حظيت بالتمويل لسنوات شريطة ان تكون منابر تناصب مصر العداء، وتزيف الحقائق، وتروج للإدعاءات، في سلوك يقارب حد الخيانة باعتبار أن الأبواق في تلك المنصات كانت تحمل الجنسية المصرية، لينالوا جزاء خيانتهم غدراً من الايدي الخفية التي طالما استعملت هؤلاء الإعلاميبن وحركتهم كعرائس الماريونت.
 
عاشت مصر لعقود طويلة تستسلم للواقع، تؤجل المواجهة، وترتكن لسياسة المسكنات، غير أنها إختارت لنفسها منذ ٣٠ يونيو ٢٠١٣ نهجاً مغايراً من اقتحام المشكلات، تتوغل بيدها في عش الدبابير، تتحمل لدغتها، بيقين من يدرك أنه سينتصر، وأن الحق حليفه، والمستقبل ملك يمينه، وأن مصر ستظل باقية عزيزة حتى يفنى الكون.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة