يظل المسرح بكل مراحل التاريخ البشري أبو الفنون فهو بلا شك أقدمها، وسيظل أيقونة المقاومة المستمرة ووسيلة مهمة حرة لطرح الرؤى والأفكار لكل مشارك في رحلته وستبقى مكانته عالية شامخة في قلوب وعقول الملايين من البشر، وتبقى خشبات المسرح وكل فضاء مسرحي محرابا للمسرحيين في مصر وعالمنا العربي والعالم كله.
ومع بوابة "دار الهلال" نلتقي كل يوم مع إحدى خشبات أبو الفنون والفضاءات المسرحية من مصر والوطن العربي والعالم لنحاول أن نتعرف على بعض من ملامح تاريخها المهم.
إبيداوروس من أقدم مسارح العالم
مسرح إبيداوروس(Epidaurus) يقع في اليونان في أثينا ويعتبر الأكثر شهرة بين المسارح في العالم، وهو من أكثر المسارح الأثرية التي مازالت تحتفظ بكثير من شكلها القديم، ومن المسارح المُصانة بين المسارح اليونانية الأخرى،
كان مسرح إبيداوروس هو المركز الديني والسياسي في (إبيداوروس) وهي إحدى مدن اليونان القديمة، وبعد عمليات الترميم أصبح المسرح بمثابة النموذج الأكثر مثالية للمسرح اليوناني القديم.
أنشئ مسرح (إبيداوروس) على مرحلتين، واحدة خلال القرن الرابع قبل الميلاد والثانية في منتصف القرن الثاني - وقسم إلى جزأين: واحد للمواطنين وواحد للكهنة والسلطات وتقول أحد المصادر أنه بني تحديدًافي عام 340 قبل الميلاد .
وبني المسرح من قبل النحات اليوناني(بُولِيكِلَيْتُوس ( Polykleitos )، لا يزال المسرح القديم يُستخدم اليوم ، ولاسيما في إطار المهرجان السنوي ، وذلك نظرًا لتميز وحالة المسرح من خلال الإنشاء والبناء وخصوصًا من خلال استخدام الصوت فيه
وتصل سعة استيعاب المسرح من الجمهور من 13 حتى 14 ألف مشاهد، وعُرض على هذا المسرح الدراما والشعر والغناء وكثير من ألوان الفنون وقدمت علية أيضا المسرحيات في العصر الحديث، وخلال المهرجانات الصيفية يستضيف المسرح الحفلات الموسيقية.
لغز الصوت المحير
يعد مسرح إبيداوروس إضافة لأنه من الآثار الرائعة والمتميزة لليونان القديمة فهو إحدى روائع الهندسة المعمارية والصوتية فكان من المعروف من سمات المسرح أن المتفرجين جميعهم حتى في الصفوف الخلفية والذين قد يصل عددهم لأكثر من 14000 من الجلوس في المسرح يستطيعون الاستماع إلى أصوات الممثلين بوضوح ودون أي تضخيم أو الحاجة إلى أية مكبرات للصوت أو أدوات صوتية حتى مع أضعف الأصوات والهمسات بين الممثلين، وفي عام 2007، تم حل لغز الجودة الصوتية المحير بالمسرح.
وكان يعتقد في البداية أن موقع المبنى كان السبب - فقد تم بناؤه على منحدر جبل كينورتيو(Kynortio )عند ارتفاع 26 درجة، لكن الباحثين من معهد جورجيا للتكنولوجيا اكتشفوا أنه في حين أن هذا صحيح جزئيًا، فإن السبب الحقيقي هو المقاعد نفسها، حيث إن الحجر الجيري الذي تم استخدامه في بناء مقاعد المسرح لديه القدرة على تصفيه الصوت، وتخفيف الترددات الصوتية المنخفضة مما يقلل بشكل كبير من الضوضاء، ويساعد في ارتفاع وتيرة الصوت ليصل إلى المسرح بأكمله، وقد يكون هذا الأمر محض مصادفة في بناء المسرح حينذاك لأن هذه التقنية ليست معروفة حتى الآن.
وتعتبر هذه المقاعد بمثابة "الفخاخ الصوتية"، حيث تقوم بتصفية أي ضجيج في الخلفية أثناء خلق ظاهرة تسمى "الملعب الافتراضي"، مما يسمح بزيادة وضوح الصوت، مما يسهل على المتفرجين في الصف الخلفي سماع ما يحدث على المسرح.
وقد استخدم المسرح لعدة قرون، ودمر المسرح في 395م مع غزو القوط البيلوبونيس في وقت لاحق من عام 426 م، وأغلق (ثيودوسيوس الثاني) الحرم، وحظر جميع الأنشطة الوثنية في جميع أنحاء اليونان ، في حين كان الموقع معطلًا بشكل دائم بعد سلسلة من الزلازل.
وظل النصب المثير للإعجاب حيث بناء المسرح مغطى حتى عام 1881م عندما أجريت حفريات تحت إشراف جمعية الآثار اليونانية، وبينما وجد عملهم أن بناء المسرح لم يعد موجودًا ، فقد كشفوا القاعة، التي كانت لاتزال في حالة جيدة، الأخبار سرعان ما حصلت حولها ، وجذب انتباه الجمهور العام.
ارتبط اكتشاف امسرح (إبيداوروس ) القديم ارتباطًا وثيقًا بالمطالب المستمرة لاستخدام المرافق القديمة للأغراض الثقافية والتجارية. وهكذا في عام 1907، تم إجراء إصلاحات في الممر الغربي وحائط الاستبقاء استؤنفت استعادة بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة وركزت على جعل النصب آمن ومناسب للأداء.
ومنذ عام 1938 م، تم إجراء مئات المسرحيات المسرحية، وفي عام 1945، تم إطلاق مهرجان( إبيداوروس) الشهير، الذي يسمى الآن مهرجان أثينا - إبيدوراس ويقدم هذا الحدث، الذي يقام كل صيف، مسرحيات درامية مشهورة من الماضي والمسرحيات المعاصرة التي لا تتم في أثينا فحسب، بل في المسرح القديم أيضًا على مر السنين، واكتسب المهرجان شعبية في اليونان والخارج. بمختلف دول العالم.