الخميس 23 مايو 2024

من قاطع طريق لـ«قديس».. تعرف على قصة موسى الأسود

الانبا موسى الاسود

تحقيقات1-7-2021 | 19:17

حازم رفعت

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الخميس، بذكرى رحيل القديس الأنبا موسى الأسود، إذ أقام دير الأنبا موسي الأسود للأقباط الأرثوذكس، بطريق العلمين اليوم، صلوات القداسات احتفالًا بتذكار وتطيب جسد القديس.

قاطع طريق

لا يعرف الكثيرون عن نشأته، إلا أنه يرجح مولده مابين عامي 330 -340 ميلاديا، كما تعود أصوله للنوبة أقصى جنوب مصر، إذ كان عبدًا لرئيس قبيلة تعبد الشمس، وكانت عبادة شائعة في مصر القديمة، لكن من فرط شروره عاقبه بقسوة فهرب وذهب ينتقم من كل سيد وغنى طرده سيده، فاشتغل بأعمال النهب والسطو والقتل، وكان ذا جسم ضخم جبار يُساعده على ذلك، وقيل أنه بسبب تلك المؤهلات صار رئيسًا لعصابة قطاع طرق و أشاع الذعر حتى لقبه الناس بالشيطان الأسود.

وقال عنه القديس بلاديوس الذي كتب سيرته بين ما كتب من سير الآباء: "إن القليل المعروف عن شبابه ليس فيه ما يعجب به، ولشدة قوته يروى أنه أراد ذات يوم الاقتراب من قطيع أغنام، لكن الراعي أطلق كلابه على موسى، فغضب موسى ولاحقا رأى الراعي والقطيع على الجانب الآخر من النهر فقفز في المياه وسيفه في فمه، وقيل أنه سبح لمسافة 1700 مترا، وما أن لمحه الراعي حتى فر هاربًا، فتحول انتقام موسى من الراعي إلى الخراف، حيث انتقى أفضل أربعة خراف ليذبحها ويحملها كلها معه عائدًا كما جاء، وعلى الجانب الآخر جلس يأكل أفضل لحمها، ثم قام فباع البقية والجلود ليحصل من ثمنها على الخمر ولم يفق من سكره إلاّ اليوم التالي حين عاد إلى رفقائه".

دخوله الدير واعتناقه المسيحية

مع كثرة مراقبته للشمس تنامى لديه شعور أن الشمس إله ناقص لأنه يغيب نصف اليوم و ليس مطلق القوة فصار يكلمها قائلا: «أيتها الشمس إن كنتِ أنتِ الإله فعرّفيني، وإن لم تكوني فيا أيها الإله الذي لا أعرفه عرفني ذاتك», ولا حقًا سمع شخصًا يقول له: «إن رهبان برية شيهيت يعرفون الله فاذهب إليهم وهم يعرفونك، فقام لوقته وتقلد سيفه وأتي إلى البرية، وقيل أنه انتقل أيضًا بسبب رؤية رآها إضافة لمطاردة السلطات له.

مقابلته مع الرهبان

في برية شيهيت الأسقيط، تقابل مع القديس أيسيذورُس قس القلالي خارجًا من قلايته ليذهب إلى الكنيسة، فارتعب من منظره، فسأله الشيخ: ماذا تريد يا أخي هنا؟، أجابه موسى: «قد سمعت أنك عبد الله الصالح، ومن أجل هذا هربت وأتيت إليك لكي ما يخلصني الإله الذي خلصك»، وكان يطلب منه بإلحاح وخشوع: «أريد أن أكون معك، ولو أني قد صنعت خطايا كثيرة وشرورًا عظيمة»، فأخذ أيسيذوروس يسأله عن حياته، فاعترف له موسى بكل ما صنع من شرور، وعندما رأى أنبا ايسيذورُس صراحته أخذ يعلمه ويعظه كثيرًا بكلام عن الله وكلمه عن الدينونة العتيدة، وتركه لتأملاته.

التوبة والدموع

أخذ موسى يذرف الدموع الغزيرة، إذ كره الشر وعزم على التخلص منه، وكان الندم الحار يجتاح نفسه ويُقلق نومه مثل شبح مخيف، فجاء إلى أنبا ايسيذورس وركع أمامه واعترف بصوت عال بشروره وجرائمه في انسحاق يدعو إلى الشفقة وسط دموع غزيرة، فاصطحبه إلى الأنبا مقاريوس الذي وضعه تحت رعايته وأخذ يعلمه ويرشده برفقٍ، ثم منحه نعمة العماد، وسلمه إلى أنبا ايسيذورس لكي يعلّمه.

رهبنته
بعد مدة طلب موسى من الأب ايسيذورُس أن يصير راهبًا، فأخذ ايسيذورُس يشرح له متاعب حياة الرهبنة من جهة تعب البرية ومحاربات الشياطين والاحتياجات الجسدية، وقال له: الأفضل لك يا ابني أن تذهب إلى أرض مصر لتحيا هناك، وكان هذا على سبيل اختبار موسى، لكن بعد أن رأى ثباته وصدق نيته أرسله ثانية إلى القديس مقاريوس الكبير أب البرية.

حياته الجديدة

سكن في بادئ الأمر مع باقى الرهبان في الدير، لكنه بسبب كثرة الزائرين طلب من الأنبا مقاريوس مكانًا منعزلًا، فأرشده إلى قلاية منفردة وعاش فيها مثابرًا على الصلوات والأصوام والعبادة ليقاوم كل فكر شرير أو محاربة من الشهوات تعيده لارتكاب الشرور.

الجهاد

وبناء على نصيحة أب اعترافه كان يحاول موسى أن ينهك جسده القوي بالوقوف في الصلاة والصوم والمطانيات، ومن أجل قمع جسده كان يطوف بالليل بقلالي الرهبان الشيوخ ويأخذ جرارهم ويملأها ماءً، ضجر الشيطان من فرط جهاده، فالتقى به عند البئر في إحدى المرات وضربه ضربًا موجعًا وتركه غير قادرٍ على الحركة، إلى أن جاء بعض الإخوة إلى البئر وحملوه إلى الكنيسة عند الأب ايسيذورُس، وظل في الكنيسة ثلاثة أيام إلى أن استرد قوته على الحركة.

لصوص يقتحموا قلايته

ذات مرة سطا على قلايته أربعة لصوص فربطهم جميعًا وحملهم وأتى بهم إلى الكنيسة، وعندما علم هؤلاء اللصوص أنه موسى الذي كان رئيسًا لعصابة لصوص، أرادوا أن يتوبوا ويترهّبوا، فوعظهم بكلام كثير محركًا قلوبهم.

رسامته قسًا

بسبب جهاده وفضائله أرادوا أن يرسموه قسًا، وعندما أراد البطريرك أن يمتحنه قبل رسامته أمر الكهنة أن يطردوه بمجرد دخوله الهيكل ويقولون له: أخرج من هنا يا أسود اللون، وعندما طردوه أرسل البطريرك وراءه شماسًا فسمعه يقول لنفسه: لقد فعلوا بك ما تستحقه لأنك لست إنسانًا، وقد تجرأت على مخالطة الناس، فلماذا تجلس معهم؟، وتمت رسامته قسًا بمدينة الإسكندرية بيد البابا ثيؤفيلس البطريرك الـ23، وسُمِع صوتًا يقول أكسيوس أكسيوس أكسيوس، أي تعني مستحق مستحق مستحق، وبعد أن ألبسوه التونية البيضاء قالوا له: ها قد صرت كلك أبيضًا يا موسى، أما هو فأجاب في تواضع وقال: ليت هذا يكون من الداخل كما من الخارج.

فضائله
عاش موسى منكرًا لنفسه حتى أن حاكمًا سمع بفضائله فاشتاق أن يراه، وإذ علم موسى بهذه الزيارة هرب، وفي أثناء هروبه تقابل معه الحاكم وسأله عن قلاية الأب موسى فقال له: وماذا تريد أن تسأله؟، إنه رجل عجوز وغير مستقيم، اضطرب الحاكم وقصد الدير وقال لهم ما حدث، فلما سألوه عن أوصاف ذلك الشخص اتضح أنه هو نفسه الأب موسى وانه قال ذلك إنكارًا لذاته.

استشهاده

في تلك الفترة بدأت جماعات من البربر تشن هجومها على برية شيهيت الاسقيط لنهبها و ستشهد موسى فى أولى تلك الغارات التي كانت في سنة 408 ميلاديا.

اقرأ أيضًا:

مطران بورسعيد يرأس صلاة عشية عيد الأنبا موسى الأسود (فيديو)

كنيسة العذراء للكاثوليك في روما تحتفل بسيامة شماسين (صور)

البابا تواضروس يلتقي أولى مجموعات تدريب المعلمين الكنسيين