الأحد 24 نوفمبر 2024

فن

فى ذكرى ميلاده.. تعرف على أبرز المحطات فى حياة الفنان إبراهيم الشامى

  • 3-7-2021 | 21:53

إبراهيم الشامي

طباعة
  • حسام يونس

بعض النجوم يأتون ويرحلون دون أن يتركوا أثرًا يستحق الذكر، وبعضهم يترك أثرًا يأبى النسيان أن ينتصر عليه، وفي كتابه "شخصيات مصرية بين التهميش والنجومية"، يقول المؤرخ والناقد الفني خطاب معوض خطاب: "الفنان الكبير إبراهيم الشامي كان وبحق واحدا من الفنانين الملتزمين المعدودين، والكبار حقا قيمة وقامة، وقد عرف واشتهر بأدائه القوي، الذي يجذب إليه الأنظار ويلفت إليه الانتباه، رغم صغر أدواره وقلة مشاهده، وتعتبر مشاهده القليلة في الأفلام السينمائية التي شارك فيها بمثابة "ماستر سين" لهذه الأفلام، وربما يتذكرها الكثيرون منا مثلما يتذكرون أبطال هذه الأفلام وربما أكثر".

ولد الفنان إبراهيم الشامي في 3 يوليو عام 1921 بقرية أبو صير مركز سمنود بالغربية، لأب تاجر، وكان شقيقه يكبره بستة عشر عاما، لذلك لقي تدليلا كبيرا من والديه. التحق بكتّاب القرية، وحفظ القرآن الكريم، وأنهى دراسته الابتدائية بالقرية، ثم تلقى تعليمه الثانوي بدمياط، حيث أقام عند عمه، لعدم وجود مدارس ثانوية قريبة من قريته.

كان محبا للفن منذ طفولته، فقام ببطولة مسرحيتي "قمبيز" و"مجنون ليلى" على مسرح المدرسة، فضلا عن حفظه للكثير من الشعر العربي، مما ساعده مع حفظه للقرآن الكريم على إجادة اللغة العربية، وسلامة مخارج ألفاظه.

تزوج من ابنة عمه بعد قصة حب، وأنجب منها ثمانية أبناء؛ ابنتان هما الكبرى والصغرى "جزاء وثناء"، وبينهما ستة أبناء "محمد، عدلي، مجدي، محمود، إبراهيم، ناصر"، وعندما كان يُسأل عن عدد أبناءه يرد أنهم عدد حملة العرش.

عاش الشامي منذ نزح إلى القاهرة في الأربعينيات في حي الحسين، وكان لا يتصور أن يعيش خارجه، حيث انتقل بين عدة مساكن بالحي حتى استقر بمسكنه الأخير بناصية شارعي الخرنفش والمعز لدين الله، وكان يسكن بنفس الشارع الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان والده صديقا لإبراهيم الشامي ضمن دائرة أصدقائه الواسعة.

كان محبا لجمال عبد الناصر في بداياته لدرجة أن سمى ابنه الأصغر الذي ولد عام 1956 "ناصر"، ثم غضب عليه بعد هزيمة 1967 وطلب من ابنه أن يختار اسما آخر يناديه به.

لم ينتم إلى جماعة الإخوان المسلمين كما يردد البعض، ولكنه شارك في عدد من المسرحيات على مسرحهم من تأليف صديقه عبد الرحمن البنا، وكانت تحمل كثيرا من المبادئ والقيم بما يتفق مع رؤيته لهدف الفن، وكان يشاركه التمثيل في هذه المسرحيات: سراج منير، ومحمود المليجي، وعبد المنعم مدبولي، وعبد البديع العربي، ومحمد السبع، وفاطمة رشدي، وعزيزة أمير. ومن أبرز تلك المسرحيات: جميل بثينة، وصلاح الدين بطل حطين وهي من تأليف عبد الرحمن البنا والتي عرضت بدار الأوبرا المصرية والجدير بالذكر أن هذه المسرحيات تم إذاعتها عبرالإذاعة المصرية كبث مباشر وكانت تكاليف الإنتاج تتحملها وزارة المعارف المصرية.

التحق الشامي بالجيش، حيث اشترك في حرب فلسطين عام 1948 تحت لواء البطل أحمد عبد العزيز وليس تحت لواء كتائب الإخوان كما يدعون. وتم أسره وحكم عليه بالإعدام هو والممثل حسن عابدين. لكن زملائهم نجحوا في تحريرهم.

أسس المسرح العسكري، وقدّم مسرحية "قسمتي" التي سبق وقدمها نجيب الريحاني، وكذلك مسرحية "حسن ومرقص وكوهين"، وكان يقوم بدور الريحاني، ويقوم بالبطولة النسائية ميمي شكيب، وهو ما فعله فؤاد المهندس بعدها مع شويكار. كما قدم مسرحيتيّ "عروس رشيد" و"كرباج أفندينا"، إلا إنه رفض بعد وفاة الريحاني أن يقوم بأدواره على مسرح الريحاني، اعتزازًا بشخصيته.

أشرف على حملة قطار الرحمة اعتبارا من ديسمبر 1952، وكان هذا القطار يطوف بالمحافظات لتأييد ثورة يوليو. وشارك في تلك الحملة معظم فناني مصر، أبرزهم: يوسف وهبي، وأنور وجدي، ومحمود المليجي، وعلوية جميل، وميمي شكيب، ونعيمة عاكف، وسراج منير، والموسيقي عبد الفتاح منسي، والمصور حسين بكر.

ثم إنتقل إلى المسرح القومي حيث إنتدبه فتوح نشاطي وشارك في عدد من المسرحيات منها "عودة الغائب، قمبيز"، قبل أن ينتقل للعمل بالسينما حيث كانت أول أعماله فيلم "آمال" عام 1952، لتتوالى بعدها أعماله ما بين السينما والمسرح والتلفزيون "اكثر من 150 عملا فنيا" تم ندب الشامي للعمل ممثلا بالمسرح القومي وهو ضابط بالقوات المسلحة في سابقة لم تحدث، وعندما وجد أنهم يطلقون عليه في الجيش لقب "الشامي الممثل"، ويطلق عليه زملاؤه الممثلون "الشامي الضابط" قرر أن يوحّد هويته، وترك الجيش ليصبح "الشامي الممثل" فقط.

التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، شعبة تمثيل، وحصل على البكالوريوس، وكان من أوائل دفعته، كما حصل على شهادة تميز في فن التنكر، وشارك في مسرحيات كثيرة، أبرزها: سليمان الحلبي، النار والزيتون، حلاق بغداد، السلطان الحائر، دائرة الطباشير القوقازية، سر الحاكم بأمر الله، القضية، السبنسة، و"بحلم يا مصر" عن قصة حياة رفاعة الطهطاوي، حيث كان يقوم بدور رفاعة من سن 16عاما حتى وفاته وقد بلغ 72 عاما.

أيضا قدّم: "البلياتشو"، "مولد وصاحبه غايب"، و"عبود عبده عبود" مع أمين الهنيدي في الموسم الصيفي بالإسكندرية. وقد رفض الشامي تسجيلها للتليفزيون فقام بدوره أثناء التسجيل الفنان محمد الدفراوي.

وكانت آخر مسرحياته "دماء على ستار الكعبة"من تأليف فاروق جويدة وبطولة : سميحة أيوب ويوسف شعبان ومحمد أبو العينين وهي المسرحية الوحيدة التي حضرها بالمسرح صديقه وجاره فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، والذي كان لا يصفق مع الجمهور أثناء العرض، بل كان يرفع يديه ويهلل.

شارك إبراهيم الشامي في كثير من الأعمال التليفزيونية منها مسلسلات: "غوايش"، "علي الزيبق"، "المشربية"، "الأيام"، "الرحايا"، "الكنز"، "الشهد والدموع 1". وأفلام تليفزيونية: "عندما يأتي المساء" و"أيوب".

أيضا كان يفضل كتابة السيناريو، فشارك في كتابة فيلم "إسماعيل ياسين في الجيش" دون كتابة اسمه. كما روى الكاتب الكبير وحيد حامد أن الفنان إبراهيم الشامي قد أجرى بعض التعديلات على أول قصة إذاعية له.

ساهم كذلك في إنشاء شركة للإنتاج الفني مع الملحن محمد الموجي، والمخرج السيد بدير والمخرج السوري نذير عقيل، إلا أن الشركة خسرت خسارة فادحة، وضاعت مدخراته ومصوغات زوجته فيها.

ومن احب أصدقائه حسن عابدين و عبد المنعم إبراهيم زميله بالمسرح القومي و"بلدياته"، وعبد البديع العربي، والملحن والممثل عبد العظيم عبد الحق، والملحن والمطرب أحمد عبد القادر صاحب أغنية "وحوي يا وحوي" الذي ختم حياته منشدا للتواشيح الدينية بمسجد الحسين في رمضان، والصحفي الساخر عبد الله أحمد عبد الله الشهير بـ"ميكي ماوس".

كان إبراهيم الشامي محبا لكل الفنون، وعاشقا لصوت أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب في أغانيه القديمة. أيضا كان يجيد الرسم، إذ كان يرسم الشخصية التي سيقوم بتمثيلها، ويضع لها المكياج، ويختار الملابس المناسبة، ويحدد إلى أي محافظة تنتسب الشخصية ويدرس اللهجة التي يتكلم بها.

عام 1985 احتفل الشامي بحفل زفاف نجله "محمود"، وسافر في اليوم التالي للزفاف إلى تونس لتصوير مسلسل "غوايش". بينما سافر العريس بعد الزفاف بيومين إلى اليونان، لكن عند عودته بعد انتهاء شهر العسل من رحلته، تم اختطاف الطائرة التي تقله بعد إقلاعها من مطار أثينا، ونزولها بمطار فاليتا بمالطا.

تم اقتحام الطائرة بمعرفة قوات الصاعقة المصرية بعد 24 ساعة من اختطافها، وقام العريس بالقفز من باب الطوارئ مع أربعة ركاب آخرين، إلا أنه تم استهدافه بالرصاص في صدره لاعتقادهم أنه أحد المختطفين ليستشهد على مدرج المطار، وتُنشر جريدة "أخبار اليوم" صورته في الصفحة الرئيسية نقلا عن "رويترز" وتكتب "أحد الإرهابيين ملقى على مدرج المطار.. هذا جزاء الإرهاب".

أثّرت وفاة الابن بعد أيام من زفافه وبهذه الطريقة، في الأسرة بأكملها، خاصة الأب والأم، لكن ظهر الشامي الأب متماسكا على عكس الواقع، ورفض إقامة ما يُعرف بعزاء "الخميس" و"الأربعين" لأنها ليست عادات إسلامية، بل اصطحب الأسرة بأكملها في الأربعين لأداء مناسك العمرة على نفقته. بينما ارتدت الأم اللون الأبيض، ورفضت حضور أي حفلات زفاف حتى وفاتها.

توفي إبراهيم الشامي في 5 سبتمبر 1990 بمستشفى كوبري القبة العسكري، التي أقام بها لمدة ثلاثة أيام بعد مرض قصير، فقد كان مستعدا للموت، إذ امتنع عن قبول أي عمل جديد حتى لا تؤدي وفاته لتعطل العمل، كما قام بتسوية حساباته مع الضرائب، حتى لا يترك لأولاده أي أزمات معهم. أيضا امتنع عن التدخين رغم أنه كان مدخنا شرها، ثم أوصى ابنه  اللواء إبراهيم بأن يهتم بإخوته وأن يوّد أصدقائه بعد وفاته.

تقول ابنته اسماء المحاميه انه لم يمرض كثيراً، وأذكر أنه اشتكى من ضيق بالصدر وسعال خفيف، ذهبنا به للمستشفى وبعد فحوص وتحاليل اكتشفنا أنه مصاب بتليف بالكبد دون أن نعرف، ومنذ هذا التوقيت بدأنا التعامل مع المرض.. وظل فى المستشفى بعض الأيام.. وفى الساعة التى كتبها الله له.. لقى وجه رب كريم.. ومات، وكانت وصيته أن تخرج جنازته من المسرح القومى.. وبالفعل ذهبت الجنازة من المستشفى إلى وسط البلد حتى وصلنا إلى المسرح القومى وأدخلنا الجنازة إلى خشبته، ثم خرجت من هناك لمقابر الأسرة.

المفارقة أن الوفاة كانت في نفس يوم زفاف حفيده خالد الغطاس، الذي كان قد قرر عدم إقامة حفل زفاف والاكتفاء بالسفر لقضاء شهر العسل، إلا أن الشامي قبل مرضه رفض ذلك، وأصر على عمل حفل زفاف لحفيده و قام بدفع تكاليفه، قائلا: "عشان تفتكروني"، وخلال الحفل وعند دخول الابن لقاعة الزفاف أخبروه بوفاة والده فتوجه له على الفور، تاركا الزفاف مستمرا حتى نهايته.

خرجت الجنازة من خشبة المسرح القومي، ثم تم الصلاة على الجثمان بمسجد الحسين، و تم دفنه بجوار ابنه محمود بمدافن الأسرة بمدينة نصر.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة