بقلم – دعاء نافع
«الجلطة».. سواء في القلب أو المخ من أخطر الجلطات التى تصيب الإنسان وقد تؤدى إحداهما إلى فقدان الحياة أو ترك أثر بليغ يؤثر سلباً على ممارسة الحياة بشكل طبيعى، تحدث هذه الجلطة بنوعيها من خلال تجلط الدم الذى يتدفق داخل الأوعية الدموية بشكل كبير وسريع ومنتظم طالما أن عضلة القلب تضخ هذا الدم إلى كل أعضاء الجسم المختلفة ثم يعود الدم مرة أخرى إلى القلب من الأوردة، وتحدث الكارثة عندما تختل هذه المنظومة الدموية ويحدث تجلط للدم خاصة فى القلب أو الدماغ..
جلطة القلب.. أسباب وأعراض
يقول الدكتور شريف عبدالهادى عميد معهد القلب القومى الأسبق: عندما تزيد ترسبات الدهون فى شرايين القلب تتكون الجلطة لتسبب انسداد الشريان بالكامل وهو ما يسمى (جلطة القلب) التي ينتج عنها توقف تغذية عضلة القلب بالدم، والأكسجين مما يؤدى لموت جزء من هذه العضلة المهمة.
وعن أعراض الجلطة يضيف: آلام شديدة بمنتصف الصدر، وقد «تسمع» فى الكتف الأيسر أو الساعد أو الرقبة، أو أعلى البطن أو الظهر، وهذه الآلام الشديدة قد تؤدى إلى حدوث هبوط وإعياء وعرق غزير.
ويتابع: آلام الجلطة تختلف عن آلام الذبحة الصدرية فهي مستمرة، لا تزول بالتوقف عن بذل المجهود أو الانفعال، وكذا لا تزول بتناول الأدوية الموسعة للشرايين، وتستمر لعدة ساعات مقارنة بالذبحة الصدرية التى تستمر لعدة دقائق فقط، وتزول بعد تناول موسعات الشرايين، وهي أقراص توضع تحت اللسان فى الفم.
عوامل متعددة..
الأسباب التى تزيد من خطر الإصابة بجلطة القلب يرصدها الدكتور شريف فى ثمانية عوامل، سبعة منها منتشرة بيننا بشكل كبير وهى التوتر والانفعال، التدخين، ارتفاع نسبة الدهون في الدم،السمنة، ارتفاع ضغط الدم،مرض السكر، قلة النشاط الجسدي.. وأخيراً تعاطي الكحوليات بكثرة.
ويقول: العوامل السابقة تعتبر تهديداً مباشراً للقلب، وعلامات الخطورة كما نسميها هى حدوث الألم بالصدر عند أى مجهود مثل المشى لمسافات قصيرة أو صعود السلم، أما إذا تطور الأمر لآلام شديدة فى الصدر تستمر لأكثر من دقائق معدودة وعدم زوال الألم بعد الراحة أو تعاطى الأدوية الموسعة للشرايين التاجية مع عرق غزير وإعياء أو فقدان الوعى، فهذا يؤكد حدوث أزمة قلبية قد تكون (جلطة فى شرايين القلب) ويجب التوجه فوراً إلى أقرب مركز طبى متخصص فى القلب
طرق التشخيص
وعن طرق التشخيص يقول الدكتور شريف عبدالهادى: تبدأ بسؤال المريض عن التاريخ المرضى وعوامل الخطورة والتاريخ العائلى.
ويضيف: بعدها يتم عمل فحص إكلينيكى وقياس الضغط أو عمل رسم قلب وقد يحتاج المريض إلى عمل رسم قلب بالمجهود، ويتم عمل أشعة للصدر والقلب وموجات فوق صوتية للقلب وقد يحتاج لأشعة مقطعية لشرايين القلب أو تصوير الشرايين التاجية باستخدام القسطرة التشخيصية.
تغيير نمط الحياة
ومن التشخيص إلي الوقاية والعلاج ينتقل الدكتور شريف ليقول: الوقاية خير من العلاج و من المهم تغيير نمط الحياة الذى يعيشه معظم المصريين، والذى أدى لارتفاع الإصابة بأمراض القلب، والجلطة حتي بين الشباب، فلابد من التحكم فى الانفعالات والبعد عن التوتر وعن الوجبات الدسمة والإقلاع عن التدخين الذى زاد بين الشباب من الجنسين.
ويتابع: لابد من ممارسة الرياضة، وليكن المشى نصف ساعة أربع مرات أسبوعياً وتخفيض الوزن، وضبط السكر والضغط، وتناول الأدوية المخفضة للدهون، والحفاظ على مستوى الكوليسترول بالدم، للحفاظ على الشريان التاجى من الجلطة، أما فى الحالات الشديدة فمن المهم اللجوء للطبيب المتخصص لعمل قسطرة علاجية لتوسيع الشريان التاجى ثم تركيب دعامة لمنع تكرار ضيق الشريان، والدعامات أنواع فمنها العادية والدوائية، وما يطلق عليها الذكية والدعامات الشبح وهى ذاتية الذوبان بعد تركيبها وتعتبر الدعامات الدوائية هى الأفضل، وفى بعض الحالات قد يحتاج المريض لإجراء عملية قلب مفتوح لزرع شرايين تاجية و لعمل كبارى لتوصيل الدم إلى عضلة القلب.
الجلطة الدماغية ..
ومن الجلطة القلبية إلي الدماغية، حيث يقول الدكتور أسامة الغنام أستاذ المخ والأعصاب بطب الأزهر: إن جلطة المخ المقصود بها انسداد فى أحد الشرايين التى تغذى أحد أجزاء المخ، وبالتالى يفقد هذا الجزء وظيفته حسب حجم الجلطة.
ويضيف: المخ به أربعة شرايين أساسية، اثنان فى الأمام واثنان فى الخلف، رغم أن وزنه لا يزيد على (واحد ونصف كيلو جرام) إلا إنه يأخذ وحده 25% من الأكسجين الذى يضخه القلب و20% مما يضخه الدم، والمخ لا يتحمل نقص الغذاء الخاص به لو أغلقت أحد شرايينه بسبب الجلطة لفترة طويلة، وهنا تكمن خطورة جلطة المخ، لأن أى تأخر فى العلاج يسبب فقداً فى وظائف المخ.
ويتابع: جلطة المخ عادة تصيب كبار السن، لكن شيوع أسبابها جعل كل من هو فوق الخمسين معرضا لها حاليا، وفى مصر وصل سن التعرض لجلطة المخ لـ45 سنة لوجود عوامل عديدة تعمل على تلف شجرة شرايين المخ علي رأسها التدخين، يليه السمنة وزيادة نسبة الكوليسترول فى الدم، وأيضا الإصابة بضغط الدم المرتفع، وعدم ممارسة الرياضة وهى عنصر مهم جداً، فالشرايين تتشابه مع (الأستك) فى الشد وممارسة الرياضة يحرك هذه الشرايين ويمنحها نوعاً من الليونة ويقيها التيبس، وللأسف كل هذه العوامل موجودة لدي أكثر من 60% من المصريين، فضلاً عن العامل الوراثى وهو محدود ولو انتبه له المريض من الصغر وتابع مع الطبيب يمكنه تجنب الإصابة.
توقيت الجلطات
سواء جلطة القلب أو المخ فهى عادة، كما يشير الدكتور أسامة الغنام تحدث بعد تناول وجبة دسمة يعقبها النوم وأثناء النوم يحدث هبوط فى ضغط الدم لأن دسامة هذه الوجبة تسحب الدم للمعدة فيقل الدم المتدفق للمخ فتحدث الجلطة قرابة الصباح إذا كان المريض تناول هذه الوجبة الدسمة ليلاً، لذا فإن أولى النصائح هي عدم تناول وجبات دسمة ليلاً، وأن يكون النوم بعد تناول وجبة دسمة بما لا يقل عن سبع ساعات.
ويضيف: الحر والصيام أحد عوامل الإصابة بالجلطات المخية فى الشرايين الرقيقة، لعدم وجود سوائل تكفى لسيولة الدم، فالسوائل خاصة الماء مهمة جداً لسيولة الدم.
ويتابع: الانسداد فى أحد الشريانين الأماميين أخف وطأة من الخلفيين، حيث قد يفقد المريض حياته، أما انسداد الشريان الأيسر يفقد المريض القدرة على النطق وهى أسوأ أنواع الجلطات.
الوعي.. والتوقيت
وينهى الدكتور أسامة الغنام كلامه مشيرا إلي إنه عند حدوث الجلطة لابد من الوعي للتعامل معها، وأول خطوة هي سرعة الذهاب للمستشفى لوجود أدوية حديثة لو أخذت خلال 3 إلي 4 ساعات قد يشفى المريض تماما، فقديما كانت العلاجات التقليدية تعمل على ماهو حول الجلطة لإنقاذه، أما الأدوية الحديثة فهى تعمل على الجزء الذى أصيب بالجلطة وتحاول أن تذيبها، لذا نقول إن السرعة فى إنقاذ المريض مهمة جداً، ولابد من وجود ثقافة طبية للتعريف بجلطة المخ وأنواعها وكيفية تفاديها وأهم شىء سرعة إنقاذ المريض لو حدثت.