سنوات للوراء عام 1967، وفقاً لوثيقة بريطانية منشورة فإن إثيوبيا أقامت سدا صغيرا وأطلقت عليه اسم "هدار شارا شارا" دون إبلاغ القاهرة، بهدف توليد الكهرباء وذلك بعد حرب يونيو 1967.
عام 1971 "عام الحسم" والذي أعلن عنه الرئيس السادات وكان المقصود هنا هو حسم معركة مع إسرائيل وإنهاء احتلال الأراضي المصرية بعد أن فقد الجميع في الجبهة الداخلية الأمل وبدأ الإحباط يتسلل إلى المواطن المصري، كما أن المجتمع الدولي في نفس الوقت كان يرى أن مصر مهزومة ولن تستطيع فعل أي شيء، وذلك في الوقت الذي كان الرئيس السادات يعد لمعركة لاسترداد الحقوق المصرية وسط ضغوط رهيبة وإمكانيات محدودة للغاية بالمقارنة بالطرف الآخر وبالفعل انتصرت مصر في حرب أكتوبر بعد عامين من عام الحسم في عام 1973.
مساء 5 يوليو 2021 : وزارة الري المصرية تعلن أن إثيوبيا أخطرت مصر بالبدء بالملء الثاني للسد .
قد نعيش لحظات حالياً ظروف مشابهة، مصر التي تحذر الجميع من خطورة الملء الثاني لسد الخراب الإثيوبي ولا أحد يستمع بل نري بين الحين والآخر أن القوى الدولية ترى انه لا حل إلا التفاوض !، فهل سنتفاوض طول العمر بلا أي نتائج التفاوض في قضية السد قد يكون اصعب من التفاوض مع إسرائيل قبل وبعد عام 1973، استراتيجية تفاوض تعتمد على إضاعة للوقت لكي يكسب الطرف الآخر مزيد من الوقت لفرض أمر واقع جديد .
العالم يدرك تماماً أنه لا مجال للمقارنة بين القوة العسكرية المصرية والإثيوبية فمشاهد أسرى الجيش الإثيوبي في الإعلام أبرز دليل ولكن لماذا الصمت الدولي هل الجميع يريد تحجيم مصر بهذا السد، في هذه المرحلة كل الحلول لسد النهضة لها تكلفة، أعتقد انه حان الوقت لإلغاء اتفاقية المبادئ وتأديب النظام الإثيوبي الأحمق بكل الوسائل الممكنة وخصوصاً بعد انكشاف سوء النية الإثيوبي وتعمد إيذاء مصر والسودان.
والأكيد أيضاً أن سد النهضة لن يكون الأول بل فقط هو الاختبار الحقيقي لبناء عشرات السدود في المستقبل لقطع المياه عن مصر، مصر لن تفرط في كرامتها الوطنية ولا عن أي قطرة من مياه النيل، فلا أحد في مصر يملك التنازل عن حق الأجيال القادمة وبالكرامة الوطنية فالموضوع يتعلق بحياة كل مواطن مصري .
أخيراً أدرك تماماً مدى القلق في مصر بخصوص قضية السد ولكنه يجب أن يكون هناك ثقة في الدولة المصرية وفي الجهات التي تدير الملف فالرؤية والصورة الكاملة لدي صانع القرار، وهناك ادراك كامل لخطورة الوضع وأن عدم حل قضية السد الإثيوبي سيتسبب في كوارث ضخمة في المستقبل القريب في مصر والمنطقة، وفي تصريحات للمتحدث العسكري ليس من الحكمة اختبار رد فعل القوات المسلحة المصرية وأكد أن القوات المسلحة المصرية تدرك جيداً التحديات الإقليمية والدولية .
الحديث عن ضربة عسكرية محتملة للسد، أصبح أقرب من أي وقت مضى، صحيح أن هناك بعض العوائق السياسية ولكن في نفس الوقت لابد من التحرك في سبيل حماية النيل مهما كانت التكلفة والتضحيات ، وخصوصاً في ظل قضية تتعلق بتهديد الحياة في مصر .
غالباً وما سيكون هناك تضحيات يجب علينا جميعاً أن نتحملها والشعب المصري دائماً ما يعطي دروساً في الإرادة الوطنية والتحمل في سبيل إعلاء كلمة الوطن، فالحرب ليست مجرد شعارات كما أن إدارة مرحلة ما بعد الضربة العسكرية هي الفاصل والأهم من العملية العسكرية نفسها، وخصوصاً في ظل ضغوط كبيرة من المجتمع الدولي فحساب رد الفعل الدولي والأفريقي هام جداً في هذه المرحلة مصر حالياً تحتاج للجميع فلا وقت للمزيدات ورفع الشعارات .