الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

صناعة «التريند».. أم التغذي عليه؟

  • 7-7-2021 | 18:25
طباعة

"فتاة الفستان" وسم تصدر التريند مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، واستقطب تناول العديد من التدوينات وساعات البث عبر برامج التوك شو، بما أعاد طرح تساؤل: هل يصنعُ الإعلام "التريند" أم يتغذى عليه؟

 

ظاهرة التوسع في اختيار صفحات السوشيال ميديا للإفصاح عن القضايا المجتمعية الشائكة، وعلى رأسها التنمر، والاستغاثات الطبية، ورصد المخالفات والانتهاكات، أصبحت سمة العصر، الأمر الذي يجد مبرره في التفاعل الكبير الذي يحظى به هذا النسق من التدوينات، حيث يتحقق له انتشار واسع ودائرة تضامن عريضة، على نحو يساهم في الكثير من الحالات في إيجاد حلول لتلك القضايا التي تخاطب الرأي العام، برد الحق أو منع الأذى، وربما التشهير بالجاني بصورة تجعله منبوذاً في المجتمع، متورعاً عن تكرار الذنب.

 

جانب شاسع من القضايا الإنسانية والمجتمعية المطروحة عبر صفحات التواصل الاجتماعي، إنما وجدت طريقها للحل نتيجة تعزيز مهام التواصل المجتمعي لدى المؤسسات الرسمية وغير الحكومية، التي غدت في معظمها تمتلك قنوات للتواصل على رأسها حساب "فيسبوك"، وفرق فاعلة لرصد كل ما يتم تداوله حول عمل كل جهة، لتصحيح الأوضاع، وبناء جسر من الثقة مع المتعاملين مع كل مؤسسة، بما يدفع نحو زيادة الرضا العام، عند الحديث عن المؤسسات الرسمية، وتطوير العمل وجذب جمهور أكبر حين يتعلق الأمر بالمؤسسات غير الرسمية.

 

الأمثلة على ذلك متعددة، فاستغاثة مواطن عبر حسابه على "فيسبوك" من سوء خدمة الكهرباء في الحي الذي يقطن به، يلتقطها فريق منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة، ليحيلها إلى جهة الاختصاص فتقوم بالتدخل على الفور لإزالة أسباب الشكوى، كما أن تذمر عميل من خدمة أحد المطاعم على نحو غير مقبول، يمكن أن يدفع المطعم إلى الإذعان برد الحق وتقديم الاعتذار لعملائه، وأيضاً انزعاج البعض من فيديو منشور ينتهك قيم ومعايير المجتمع، قد يعدُ بلاغاً رسمياً يؤدي إلى مثول المتورط للتحقيق وتطبيق عقوبة في حقه، إذا ما قامت وحدة الرصد والتحليل بالنيابة العامة برصد هذه المخالفة.

 

من المحمود أن تغدو "السوشيال ميديا" طوق إنقاذ لمعالجة مشكلات اجتماعية صادمة يعجزُ أصحابها عن إيصالها إلى صاحب القرار، أو يقررون اختيار الطريق الأيسر بنشر تدوينة تكشف ما واجهوه، فهذا مقبول حتى إذا تحولت المشكلة إلى "تريند"، فـ"الغريقُ يتعلق بقشة"، ولكن يظل الدور الأحق بإعادة النظر هو ما تمارسه وسائل الإعلام التقليدية، في شكلها المرئي والمسموع والمقروء، من استثمار تلك القضايا لملأ الصفحات وساعات البث، وربطها بعناوين مثيرة تستهدف "الترافيك"، من بينها وصف "صاحبة الفستان" المستهجن.

 

 أعترف أني ما زلت أتحلى بنظرة تقليدية ترى أن المحتوى الذي يمكن قبوله على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس بالضرورة أن يناسب وسائل الإعلام الأخرى، ولست أستوعب حتى الآن سعي عدد من الصحف وبرامج ا"لتوك شو" المحموم لجذب "الفولورز" على حساب المعايير الصحفية المتعارف عليها، والرصانة التي كانت دوماً تحكم خطابها الإعلامي، وإذا كان بإمكاننا قبول مبررات تتعلق باقتصاديات المهنة، إلا أن صون الرسالة الإعلامية يظل الهدف الأسمى والأهم للمؤسسات، ولعل هذا الهدف يستدعي ضمير مهني وربما تدخل الهيئات الإعلامية لأداء دورها في إعادة تصحيح المسار.

أخبار الساعة