الثلاثاء 21 مايو 2024

المشروع التونسي لحل أزمة سد النهضة يعبر عن موقف مصر والسودان.. وخبراء: يعكس التضامن العربي

سد النهضة

تحقيقات7-7-2021 | 20:23

محمد عاشور

خطوة تونسية قوية تظهر مدى نجاح الدبلوماسية المصرية في إقناع الدول العربية ودول المنطقة بالموقف المصري إزاء قضية السد الإثيوبي، الذي لا يقابله سوى تعنت من أديس أبابا استمر 10 سنوات إلى أن أعلنت حكومة آبي أحمد مؤخرا بالبدء الفعلي في ملء السد ضاربة بذلك القانون الدولي، وقوانين الدول المتشاطئة عرض الحائط، وغير منتظرة لما قد يصدر في اجتماع مجلس الأمن لبحث الأزمة.

وقدمت تونس لشركائها الـ14 في مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يدعو أديس أبابا إلى التوقف عن ملء خزان سد النهضة، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية.

وينص مشروع القرار الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس على أن مجلس الأمن يطلب من كل من "مصر وإثيوبيا والسودان استئناف مفاوضاتهم بناء على طلب كل من رئيس الاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة، لكي يتوصلوا، في غضون ستة أشهر، إلى نص اتفاقية ملزمة لملء السد وإدارته".

ووفقا لمشروع القرار فإن هذه الاتفاقية الملزمة يجب أن "تضمن قدرة إثيوبيا على إنتاج الطاقة الكهرمائية من سد النهضة وفي الوقت نفسه تحول دون إلحاق أضرار كبيرة بالأمن المائي لدولتي المصب".

كما يدعو مجلس الأمن في مشروع القرار "الدول الثلاث إلى الامتناع عن أي إعلان أو إجراء من المحتمل أن يعرض عملية التفاوض للخطر"، ويحض في الوقت نفسه "إثيوبيا على الامتناع عن الاستمرار من جانب واحد في ملء خزان سد النهضة".             

 

وأكد خبراء أن المشروع الإثيوبي جاء متوقعا في ظل الدبلواسية المصرية الناجحة في عرض القضية، كما أنها جاءت حماية للأمن المائي المصري وبالتالي حماية للأمن القومي العربي، غير أنها جائت محاولة من حكومة آبي أحمد لصرف أنظار الداخل الإثيوبي إلى قضية سد النهضة، مؤكدين أنها خطوة تمثل بداية العد التنازلي لآبي أحمد.    

 

 

المشروع التونسي

قال الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة إن التدخل التونسي إزاء قضية سد النهضة بمشروع قدمته لمجلس الأمن أمر طبيعي ومتوقع في ظل التنسيق المصري والعضو العربي في المجلس.

 

الأمن المائي المصري

وأضاف أستاذ العلوم السياسية لـ"دار الهلال" أن ممارسة تونس لدورها جاء من أجل حماية الأمن المائي المصري وبالتالي الأمن القومي العربي، لافتا إلى أنها صوت العرب داخل مجلس الأمن، كما يعكس الأمر نجاح الدبلوماسية المصرية في إقناع  الأطراف العربية وحشد التأييد العربي لصحة وعدالة القضية المصرية.

 

مدى التعنت

وأوضح أن التدخل التونسي يعكس مدى التعنت الذي أظهرته إثيوبيا على مدار 10 سنوات بجانب إنفرادها بالقرارات مما يخالف القوانين الدولية وحقوق الجوار وحتى حقوق الدول المتشاطئة في الأنهار وبالتالي القواعد المنظمة للأنهار الدولية، مشيرا إلى أنه يعكس الإصرار العربي الحقيقي في مساندة مصر والسودان في قضيتهما، واستنفاد كل السبل دون قطع الطريق على سبل أخرى.

 

سيناريوهات الاجتماع

وأشار سلامة، إلى أن اجتماع مجلس الأمن، غدا الخميس، يحمل عدة سيناريوهات، أولهما يوحي بأخذ قرار بإجماع الدول التسعة بالإضافة إلى الخمسة الدائمين بدعوة الأطراف للتفاوض وفي الوقت ذاته يمتنع على طرف منهم باتخاذ موقف أحادي وخاصة دولة المنبع، وآخر من خلال بيان رئاسي له حجيته وقوته من مجلس الأمن يدعو فيه إثيوبيا الامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية تضرر بدول المصب.

 

ولفت إلى أن السيناريو لبثالث يعد أضعفهم، وهو إصدار بيان صحفي يشير لمناقشة المجلس الموضوع وتوصل لدعوة الأطراف كافة للعودة إلى طاولة المفاوضات، مؤكدا أنه من الصعب ترجيح سيناريو على الآخر مطلقا خاصة وأن هناك أطراف ذات مصالح وأخرى لم تستوعب الموضوع جيدا حتى الآن وأطراف ترى أن المسألة برمتها لا تعنيها وايضا هناك من يرى المسألة خارج نطاق مجلس الأمن.

 

محكمة العدل الدولية

وأكد أستاذ العلوم السياسية، أنه في تاريخ مجلس الأمن هناك عدد محدود جدا تم إحالته لمحكمة العدل الدولية ولم تحسم تلك المسائل، وأنها إهدار للوقت، مؤكدا أن ما أقبلت عليه إثيوبيا إنما هي محاولة لإنقاذ نظام آبي أحمد من المشكلات الداخلية التي يعانيها خاصة في ظل وجود دولية عليه فيما يتعلق بإقليم تيجراي، وهي محاولة لجمع الشمل وتحقيق إصطفاف وطني وراء مشروع يعتبره الإثيوبيون نجاحا في عهد آبي أحمد، مؤكدا أن كل هذا تفسيرات للإجراء الأحادي بالإضافة إلى عدم وجود رادع.              

 

مشروع معبر

وفي سياق متصل، قال الدكتور هانى رسلان، خبير المياه بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن المشروع التونسي لدى مجلس الأمن بشأن أزمة سد النهضة يعبر عن موقف مصر والسودان، لافتا إلى أن كل التوقعات تشير إلى أن المشروع قد لا يمر بصيغته الحالية عند التصويت عليه في مجلس الأمن، وهذا التصويت قد لا يتم في اجتماع غد الخميس.

 

الوضع في المجلس

وأضاف خبير المياه لـ"دار الهلال" أن الوضع في المجلس يحمل تقاطعات دولية كثيرة، لافتا إلى أن الدول صاحبة المصالح لا تسلك في علاقاتها الدولية على أساس الحق والعدل وإنما على أساس المصالح، غير أن هناك دولا لديها منابع مثل الصين وروسيا، بالإضافة لكون مجلس الأمن لم يكن له سابقة إصدار قرارت في هذا الشأن، موضحا أن دولتي تبذلان جهودا كبيرة بجانب الاتصالات بكل الدول الأطراف والأعضاء في المجلس، ولم يبقى سوى انتظار مجريات الأمور غدا في اجتماع مجلس الأمن.

 

أسباب الإعلان عن الملء

وأوضح أن وراء إعلان إثيوبيا بالبدء في ملء السد سببين، أولهما: الأزمة الإثيوبية الداخلية خاصة بعد الهزيمة الثقيلة التي تلقتها حكومة آبي أحمد في إقليم تيجراي، وهذه الهزيمة متعددة الاتجاهات، كما أن مفعولها لم يظهر بعد ولكنها في كل الأحوال تمثل بداية العد التنازلي لآبي أحمد، مؤكدا ان آبي أحد يريد في ظل هذه الهزيمة القاسية أن يظهر بمظهر القوي وصرف أنظار الداخل الإثيوبي إلى قضية أخرى "سد النهضة"، لذا قرر أن يكون الإعلان الرسمي للملء يأتي مبكرا وبدلا من 22 يوليو جعله 4 من الشهر ذاته، محاولة منه في أن يظهر في مظهر القوة، لافتا إلى أن الملء سيكون ثلاثة مليار متر مكعب إضافة للملء الأول بدلا من 13.5 مليار كما كان مخطط له، وهو ما يظهر الفشل الإثيوبي الزريع في هذا المجال، ولذا فالشأن الداخل يلعب الدور الرئيس في هذه القضية.

 

محاولات فاشلة

وأشار رسلان، إلى السبب الثاني يتمثل في محاولاته الفاشلة في تصدير الإحباط للرأي العام المصري والسوداني بأن إثيوبيا لم تتراجع، لكن في الأحوال نحن نثق في أن هذا المخطط أو الاستراتيجية الإثيوبية لن تمر في ظل ما تبذله مصر من عمل بإخلاص من تسوية عادلة لمصالحة شعوب الدول الثلاث، ولكن في حال تعثر ذلك في نهاية المطاف فمصر لديها الجاهزية الكاملة لحماية حقوقها، وهو الأمر الذي أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي عدة مرات بصيغ مختلفة ولكن بنفس المعنى.