ترقب شديد في مصر والسودان لجلسة مجلس الأمن المرتقبة مساء اليوم لبحث أزمة سد النهضة، وانتظار للقرار الذي ستسفر عنه في ظل التعنت الإثيوبي الواضح واعتزامها الملء الثاني للسد بدون الاتفاق مع مصر والسودان، وهو الإجراء الذي رفضته دولتي المصب مؤكدتان تمسكهما بالوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن إدارة وتشغيل السد.
وأكد دبلوماسيون أن جلسة مجلس الأمن اليوم قد تحسم جدلا استمر لنحو 10 سنوات من المفاوضات، وأن الجلسة ستبحث مشروع القرار التونسي الذي تقدمت به تونس للمطالبة بإيقاف الملء الثاني للسد، وهو القرار الذي تؤيده مصر، موضحين أن مصر والسودان لديهما عدة بدائل وأن القيادة السياسية حكيمة ولديها رؤية لحماية الأمن المائي للبلدين.
بدائل مصر والسودان
ومن جانبه، قال السفير محمد المنيسي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن جلسة مجلس الأمن التي ستعقد اليوم لبحث أزمة سد النهضة غير متوقع أن تصل لأي قرار اليوم، حيث ستناقش الجلسة الملف ويعرض كل طرف وجهات نظر وموقفه في هذه الأزمة، مضيفا أن هناك حالة ترقب لما ستسفر عنه الجلسة والمناقشات في ظل الجهود الدبلوماسية التي خاضتها كل من مصر والسودان خلال الأيام الماضية.
وأوضح المنيسي في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن مصر أمامها الكثير من الحلول والبدائل في هذا الملف والقيادة السياسية، ستحدد سبل التحرك وفقا لكل المعطيات، والمعلومات التي تمتلكها، مضيفا أن الانتهاكات الإثيوبية للقانون الدولي، وللاتفاقيات المنظمة للأنهار الدولية، ولاتفاق إعلان المبادئ، كلها واضحة أمام العالم، ويمكن اللجوء إلى التحكيم الدولي.
وأضاف أنه منذ بداية التفكير في مشروع سد النهضة وهناك حالة من انعدام الإرادة السياسية لدى إثيوبيا للوصول إلى اتفاق مع مصر والسودان، فمشروع سد النهضة الأصلي كان إقامة سد في المنطقة المنبسطة بين الجبل الذي يجري عليه النيل الأزرق والحدود السودانية في منطقة بني شنقول، وكان هذا السد سيحجز 14 مليار متر مكعب.
وأكد أن إثيوبيا لا تحتاج للمياه ولديها 13 حوض نهر بخلاف الأمطار الهائلة، التي تنزل عليها، وكانت تستطيع الحصول على الطاقة الكهربائية التي تريدها وأكثر، من خلال سدود صغيرة مثل سد تكيزي الذي ساعدتها مصر في إقامته على النيل الأزرق، وكلها سدود لإنتاج الكهرباء تحجز المياه وتعبر منها ثم تعود إلى النيل دون التأثير على إيراد النهر.
وأشار إلى أن الغرض الأساسي من هو الإضرار بمصالح مصر، فهناك قوى تساعد إثيوبيا في ذلك للإضرار بمصر، مضيفا أن القيادة السياسية المصرية هي قيادة حكيمة وتفكر في الخير للجميع، وهناك ثقة كاملة في قدرة مصر والسودان على النجاح في حماية أمنهما المائي، خاصة أن هناك الكثير من الخيارات أمامهما.
وشدد على أن إثيوبيا مهددة بالانهيار داخليا، فالاتحاد الإثيوبي مهدد بالتفكك نتيجة الخلافات بين الحكومة في العاصمة، وحكومات الأقاليم والتي أدت إلى حالة من النزاع والصراع، كما حدث في إقليم تيجراي خلال الأيام الماضية.
مشروع القرار التونسي
وقال السفير إبراهيم الشويمي، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، إن جلسة مجلس الأمن اليوم لبحث قضية سد النهضة هي جلسة مخصصة للاستماع إلى كلمات أعضاء المجلس حول تلك القضية ومناقشة مشروع القرار الذي تقدمت به تونس الذي يطالب بإيقاف الملء الثاني للسد، والذي أيدته مصر والسودان.
وأوضح في تصريح لبوابة دار الهلال، أن وزراء مصر والسودان وإثيوبيا سيلقون كلمتهم لعرض مواقف بلادهم بالإضافة إلى كلمات بعض الأعضاء، وقد يرجئ القرار إلى جلسة قادمة لمناقشة مشروع القرار التونسي، مضيفا أن مجلس الأمن في آلية عمله دائما بعد تقديم أي مشروع قرار يستمع إلى الكلمات ثم يبحثها فيما بعد، لمنح الفرصة للمندوبين للرجوع إلى حكوماتهم وتحديد موقفهم وإجراء بعض التعديلات على مشروع القرار إن رأوا ذلك.
وأكد الشويمي أن الجلسة المرتقبة اليوم لن يكون بها أي تصويت وإنما هي جلسة استماع للكلمات والتعليق على مشروع القرار التونسي، وقد يجري التصويت على القرار الأسبوع المقبل، مضيفا أن مشروع القرار التونسي جيد ويفيد موقف مصر والسودان ويخدم أمنهما المائي ومصر ستؤيد هذا المشروع أمام جلسة المجلس.
حسم الجدل
فيما قال السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن جلسة مجلس الأمن المقرر لها أن تُعقد اليوم، جاءت بناءً على طلب كلًا من مصر والسودان، بعد سلسلة طويلة من المفاوضات، والمحاولات مع الجانب الأثيوبي؛ لمحاولة التوصل لحل سلمي لا يتعارض مع مصلحة أي من الدول الثلاث.
وأوضح هريدي في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، أن الكلمة النهائية لجلسة مجلس الأمن، ستحسم جدلًا طويلًا، مستمر منذ 10 سنوات، وستؤثر بقوة على مصير المفاوضات المستقبلية حول سد النهضة، منوهًا إلى أن الجلسة التي تعقد اليوم، من المتوقع لها أن تشهد عدد من السيناريوهات، التي تتراوح بين الموافقة على مشروع القرار المقدم بواسطة دولة تونس، أو إصدار قرار خاص بمجلس الأمن.
وأكد أن مشروع القانون الذي تقدمت به تونس باعتبارها عضو غير دائم، بمجلس الأمن، تضمن دعوة أثيوبيا للتنازل عن تعنتها، والتجاوب مع المفاوضات؛ لتحقيق مصلحة الدول الثلاث، مع ضرورة التوقف عن الملء الثاني للسد حتى يتم التوصل لاتفاق، بالإضافة إلى تحديد مدة زمنية تصل إلى ستة شهور للتوصل خلالها لاتفاق حول الملء الثاني لسد النهضة.