تخيم حالة من القلق على طلاب الثانوية العامة، مع بدء امتحاناتهم أمس السبت، حيث تسبب إمتحان اللغة العربية للشعبة العلمي، في ظهور بعض الطلاب يشتكون من صعوبة الامتحان، وبعضهم أصابته حالة من التوتر الشديد خوفًا على مستقبلهم.
إن الثانوية العامة لم تكن مقياس لنجاح الفرد في الحياة العملية، لفلم تكن الثانوية يومًا محور الكون، ولا آخره، فوجود العزيمة، وبعض الجهد والمثابرة يوصل المرء إلى العالمية.
والوصول للعالمية ليس حكرًا على أحد، فكم من شخصية سطرت اسمها قي كتب التاريخ، ويذكرها جموع العالم، دون أن تنجح في الثانوية العامة، ودون حتى أن تكمل دراستها.
فاشل ثانوية ناجح في العالمية
وبالحديث عن عدم استكمال الدراسة، فمن لا يعلم الأديب عباس محمود العقاد، الاديب الذي أوصله نهمه الشديد بالقراءة إلى كل منزل أول أسرة مصرية، وكتب اسمه بكل لغات، فلم يكمل العقاد تعليمه بعد حصوله على الشهادة الابتدائية، إلا أن قدرته الفائقة على الفهم والاستيعاب، وحبه للقراءة الذي أوصله إلى كتب الأدب العربي والآداب العالمية.
تجاوزت كتب العقاد المئة كتاب، بالإطافة إلى مقالاته العديدة التي تبلغ الآلاف في الصحف والدوريات، وترجمت كتبه إلى لغات كثيرو منها الألمانية والفرنسية والروسية والفارسية والأردية، ولأنجازاته الكبيرة في الأدب، اختير عباس العقاد عضوًا في مجمع اللغة العربية بمصر سنة 1940، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1959، لدوريات، وكذا انتخب عضوًا في مجلس النواب.
ومن منا لم يشاهد أحمد حلمي الفنان الكبير، فقد تمكن أحمد حلمي من خلال إبداعاته الدخول إلى كل أسرة مصرية ومخاطبة كل الفئات، الأطفال، والكبار، ومن عاشوا مرارة الغربة، وقدم العديد من الأعمال الفنية التي يحتذي بها، وأدخل البهجة والسرور على كل اسرة، وتشهد له كل أعماله بالنجاح والتميز.
حسبما قال حلمي فقد سقط 3 مرات متتالية في الثانوية العامة، وحصل على 48%، بسبب سقوطه بشكل مستمر، وتمكن من دخول كلية تربية فنية وذلك لأنه كان يحب الرسم.
وأوضح في تصريحاته، أنه حاول تقديم أوراقه في كلية تربية موسيقية، واختار قسم الأصوات، وخلال امتحانه بالأصوات غنى"طلع البدر علينا"، وأثناء النتيجة اكتشف أنه نجح وقبل بالكلية، مشيرًا إلى أن الإيمان بالشيئ يأتي للإنسان بدون تخطيط.
ناجح ثانوية فاشل في الحياة العملية
لا يوجد حصر لتلك الفئة خصيصًا فهي موجودة بشكل مستمر في حياتنا العادية، فمن منا لم يجلس على مقهى، وفي أثناء جلوسه قابل أحدًا حصل على مجموع مرتفع في الثانوية العامة، وقد يكون من بينهم من حصل على مجموع يتخطي الـ 90%، أي تمكن من دخول كليات يحتذي بها في المجتمع، ولكنه تخرج من الكلية كأي مواطن عادي، لا يوجد لديه الطموح الكافي، فظل ينتظر أن يعين في أي وظيفة حكومية، أو العمل في أي قطاع ليحصل على مرتب شهري يعينه على الجلوس على المقهي.
ذلك الفرد متمثل في كل فرد لا يحمل من داخله الطموح الكافي، والشغف للوصول إلى القمة، والحلم بأن يصبح أسمه مسجلًا في كتب التاريخ وأن يذكر في كل المحافل، ذلك الفرد هو أنا وأنت، وكل فرد لم يحلم بالعالمية، وكل شاب ترك الهمة، والعزيمة والطموح وجلس ليلعب النرد على المقهي كل يوم يفكر في فرصة للبدء في مستقبله، ولم يجرب أن يصنع الفرصة بيديه، وأن لا يهتم بفشله في كل مرة.
أنت مين فيهم؟
لا تترك الأيام تحدد مستقبلك، وكن عازمًا على أن تحقق حلمك مهما كان صعبًا ويحتاج إلى الصبر، ولا تجعل حلمك يتوقف على نتيجة في الثانوية العامة، فطرق النجاح متعددة، وإن كانت الثانوية طريقًا منهم فهي ليست الطريق الوحيدة.
والآن، فكر قليلًا، وأخبرنا من أنت في هذين المثالين، هل الفاشل الثانوية والناجح في العالمية، أم أنك أم أنك الناجح في الثانوية والفاشل في الحياة العملية.