تباطأت اليوم الاثنين، وتيرة الهجمات الإلكترونية، التي تستهدف الحصول على مبالغ مالية من ضحايا الهجمات، في مختلف أنحاء العالم، رغم التوقعات بتزايدها مرة أخرى، في حين حذر خبراء أمن شبكات المعلومات في بريطانيا من احتمال التعرض لمزيد من الهجمات الإلكترونية.
وقال "لين أوينز" رئيس الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا إن "في ضوء الوضع الراهن، لا توجد إشارة إلى موجة هجمات ثانية في بريطانيا، لكن هذا لا يعني أنها لن تقع.. نحن نبحث وسط كميات هائلة من البيانات المرتبطة بالهجوم وتحديد أنماطها".
واعتبارا من يوم الجمعة تعرض حوالي 200 ألف جهاز كمبيوتر في المنازل والشركات والمؤسسات الحكومية لبرنامج التجسس التي يفك شفرة تأمين الأجهزة ومنع أصحابها من الوصول إلى محتوياتها بدون دفع فدية تتراوح بين 300 و600 دولار باستخدام العملة الرقمية "بيتكوين".
وقد تضررت أجهزة كمبيوتر في حوالي 150 دولة من هذا الهجوم المعروف باسم "دبليو كراي" و"وانا كراي" أو "وانا ديكريبتور" الذي يستغل الثغرات الموجودة في نظام التشغيل "ويندوز" وهو النظام الأكثر انتشارا في العالم.
وقال "أوينز" إن الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا تقود تحقيقا جنائيا في هذا الهجوم، لكن "لا يمكن تقديم تعليق عن التحقيق لأسباب عملياتية".
يأتي ذلك فيما استعدت الحكومات والشركات في أنحاء العالم، لمواجهة هجمات إلكترونية جديدة بفيروس طلب الفدية "وأنا كراى".
وحذر خبراء في مجال الأمن الإلكتروني من احتمالات تنشيط هذا الفيروس، مع تشغيل أجهزة الكمبيوتر بعد انتهاء عطلة نهاية الاسبوع.
إلا أن هيئة الصحة الوطنية في بريطانيا، والتي كانت أبلغت عن بعض حالات الإصابة الأولى يوم الجمعة الماضي، قالت إن أغلب المنظمات المتضررة تعمل بشكل طبيعي، كما قللت من احتمال وقوع موجة أخرى واسعة من الهجمات هذا الاسبوع.
وقالت هيئة الصحة الوطنية في بيان لها: "لا نعلم بوجود موجات أخرى مخططة، مشيرة إلى أن المعلومات المتوافرة لا تتضمن تحذيرات بهذا الامر".
من ناحية أخرى، قالت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا، إنها لم تتوصل الى أي أدلة بشأن "هجمة جديدة من هجمات فيروس طلب الفدية "وانا كراي" حتى منتصف اليوم، إلا أنها حذرت من احتمال وقوع هجوم اخر.
واعتُبر خبير أمن الكتروني - وهو شاب بريطاني أحبط العديد من الهجمات الالكترونية - بطلا، بعدما قام بتفعيل "مفتاح أمان"، عن طريق شراء وتفعيل نطاق "دومين"، تمت برمجة الفيروس الخبيث عليه لتوصيل أجهزة الكمبيوتر المصابة به.
إلا أن روب هولمز، من شركة "بروف بوينت" للأمن الإلكتروني، والتي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، قال لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي)، أنه قد تم بالفعل الكشف عن الإصدارات الجديدة من الفيروس، بدون مفتاح الامان.
وحثت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة ضحايا الهجمات الإلكترونية على عدم دفع أي فدية، حيث قالت إنه لا توجد أي ضمانات بشأن استعادة الملفات المشفرة.
فيما نقلت هيئة الاذاعة البريطانية عن محللين قولهم، إن المنظمات والشركات في بريطانيا دفعت منذ يوم الجمعة الماضي نحو 38 ألف دولار لمجرمي الإنترنت، مقابل فك شفرات الملفات الخاصة بها.
وكانت الهجمات الإلكترونية التي وقعت يوم الجمعة الماضي، تسببت في الحاق أضرار بأجهزة الحاسب الآلى في 150 دولة، وأصابت ما لا يقل عن 200 ألف جهاز كمبيوتر في أنحاء العالم، وذلك على الرغم من تحذير شركات الأمن الإلكتروني الشهر الماضي من احتمالات وقوع هجمات.
من جانبها، وصفت وكالة إنفاذ القانون التابعة للاتحاد الأوروبي (يوروبول) حجم الهجوم العالمي بأنه "غير مسبوق".
من ناحية أخرى، قال مارجريتيس شيناس، المتحدث باسم المفوضية الاوروبية، اليوم الاثنين "إن استخدام الهجمات الإلكترونية من أجل أغراض إجرامية، صار تهديدا متزايدا يتطلب رد عالمى منسق من الاتحاد الأوروبي والدول الاعضاء فيه".
وأضاف شيناس: "يجب أن تتحمل جميع الاطراف المعنية، العامة والخاصة، المسؤولية بجدية".
من جانبها، حثت الحكومة الأندونيسية الشركات على تحديث أنظمتها، اليوم الاثنين، بعد أن تعرض مستشفيان في جاكرتا لفيروس طلب الفدية "وانا كراي".
وكانت شركات الأمن الإلكتروني طلبت الشهر الماضي من جميع المستخدمين تحديث برامج ويندوز، بعد أن قام متسللون بتسريب ملفات مسروقة من وكالة الأمن القومي الأمريكية.
في الوقت نفسه قالت شركة مايكروسوفت مساء الأحد، إن الهجوم الإلكتروني يجب ان يكون بمثابة "ناقوس خطر" للحكومات.
وقال براد سميث، رئيس مايكروسوفت، في مدونة إن هذا الهجوم يقدم مثالا جديدا لاعتبار أن تكديس الحكومات لمعلومات عن الثغرات الأمنية في أنظمة الحواسيب يمثل مشكلة، مضيفا "هذا نمط ناشئ هذا العام".
وأوضح أن البرنامج الخبيث المستخدم في الهجوم، الذي بدأ يوم الجمعة وضرب ما لا يقل عن 200 ألف جهاز كمبيوتر في جميع أنحاء العالم، تمت سرقته من وكالة الأمن القومي الأمريكية.
وقال سميث إن الثغرات التي تخزنها الحكومات تسربت وأصبحت مشاعة "وأحدثت أضرارا واسعة النطاق".
وأضاف "ربما يحدث سيناريو مشابه مع الأسلحة التقليدية، ليجد الجيش الأمريكي أن بعض صواريخ توماهوك قد سرقت منه".
وقال سميث "على حكومات العالم أن تعامل هذا الهجوم على أنه ناقوس خطر"، مضيفا "عليها أن تتبنى توجها مختلفا وأن تلتزم في الفضاء الإلكتروني بنفس القواعد التي يتم تطبيقها على الأسلحة في العالم المادي".