الخميس 26 سبتمبر 2024

«سيدة فرز القمامة»: للرئيس: "المساكين اللى زينا عايزينك"

31-1-2017 | 18:49

 عدسة: سامح كامل

قصة كفاح لأمراة مصرية أصيلة، تستحق أن تكون قدوة للشباب المصري الجالس على المقاهي وينتظر العمل يأتيه تحت قدميه، فهي نموذج لقوة المرأة المصرية التى تعمل وتكافح من أجل لقمة العيش وتربية أولادها، رافعةً  شعار المساواة بين الرجل والمرأة في العمل.

 فى أثناء زيارتنا لمصنع إعادة وتدوير المخلفات الصلبة الذي يقوم بإنتاج «السماد العضوي» بمنطقة 15 مايو فوجئنا ونحن نمر على سير فرز المخلفات وهي المرحلة الثانية للمصنع، بسيدة بسيطة يرتسم على وجها ابتسامه تنم عن الرضا، مرتدية جلبابا و«كمامة» على وجهها، واستعداداً لبدء عملها في فصل المخلفات عن بعضها من بعض لإعادة تدويرها  مرةً أخرى، ورغم كونها وظيفة اعتاد عليها الراجل إلا أنها  السيدة الوحيدة التي تعمل ما بين 300 فرد يعملون في المصنع ما بين مهندس وإداري وعامل.

وتروي سناء فوزي لـ«الهلال اليوم»، أنها تبدأ يومها في الخامسة والنصف صباحاً مستيقظة من نومها، لتعد لزوجها وأولادها الإفطار ثم ترتدي ملابسها للاستعداد للذهاب إلى عملها، وبعد أن تنتهي من إفطار عائلتها تستقل سيارة  لنقلها إلى العمل في السادسة والثلث صباحا، وما إن تصل إلى مقر العمل، لتتناول هي وزملاؤها من العاملين فى المصنع وجبة الإفطار، حتى تصل الساعة الثامنة صباحاً – تجدها واقفة على «خط الفرز»، إلى أن تنتهي في الرابعة عصراً.

 فبدرية (كما يطلقون عليها فى العمل) ترى الابتسامة دائماً على وجهها وهى سيدة أمية صعيدية الأصل من محافظة المنيا مركز أبو قرقاص، وتقيم حالياً فى زهراء المعادي  تبلغ من العمر 38 عاماً  ولديها 5 أولاد، ولد  وأربع بنات، واحده فقط من بناتها من تتلقي التعليم.. مريم في الصف الخامس الابتدائي.. سناء أو (بدرية) تحصل من عملها على 1400 جنيه  تعمل منذ 17 سنة فى مصنع إعادة وتدوير المخلفات الصلبة، وليس لها علاقة بأي توجهات سياسية فهي فقط تتابع عملها بجدية كاملةً دون تقصير منها في شىء، لا تطلب إلا الستر لها ولأسرتها لكنها.

رائحة القمامة وحدها تكاد تقتلها لكنها تغلبت على هذا بارتداء «كمامة» على وجهها، لكن في ذات الوقت يُصيبُها الألم فى عيّنيها، وهو ما دفعها للذهاب إلى التأمين الصحي التابع لعملها والكشف على عينيها لعمل نظارة طبية بعد أن ضعف بصرها من الرائحة الكريهة الناتجة عن  القمامة أثناء فرزها للمخلفات.

 سناء قالت بلغتها البسيطة: "أنا عندي الشغل هنا أحسن حاجة والمصنع يعتبر بيتي وواخدين على الشغل دا من زمان، وأنا حبيت الشغلانه دي وتعودت عليها وهي زى بيتي لما أروح أكنس وأطبخ وأغسل، وسبت أكتر من شغلانه علشان الشغلانه دى لأن مفيش فى المصنع حد بيزعلني وبيرعوني”، مضيفةً: "زوجي عايش وشغال نفس الشغلانه لكن مع فرزه  الزبالة اللى من الخارج مش فى المصنع  مع ناس تانيه، ونشكر ربنا والحمد الله على كل حال، إحنا بنعمل شغلنا وربنا بيدينا عرقنا”.

 تقول وهي مفتخرة بنفسها وبنشاطها الزائد عن باقي العاملين من الراجل فى المصنع: "أنا لسا مسلمه 16 "جونيه"، على حد تعبيرها، والجونيه هى مجموعة من المخلفات بعد فصلها عن بعضها، والتي تقوم إدارة المصنع ببيعها إلى التجار لإعادة تدويرها مرةً أخرى فى مصانع إعادة التدوير.

وتابعت حديثها بالقول:"فى الأول كنا بنشتغل 12 ساعة، ودلوقتي بنشتغل 9، منها ساعة لتناول الغداء من الساعة 12 إلى الواحد ظهراً، والمصنع هو من يقوم بتجهيزه يوم جبن ويوم لحوم، مضيفةً:" أنا لسه لاقية نص جنيه ورق ومرة ألقي تليفون ومرة لقيت علبة سجاير فيها 35 جنيه، ومدير المصنع قال لنا اللى يلقي حاجه تبق من نصيبه، أنا نفسي المصنع يكبر ويتوسع، وأنا نفسي فى حاجه أقولها للسيسى: «أنه يقف مع المساكين اللى زينا».