قال الإعلامي والمحل السياسي اللبناني، محمد سعيد الرز، إن إعلان الرئيس المكلف سعد الحريري، اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة اللبنانية، كان متوقعا، وذلك لسببين: أولهما استمرار رئيس الجمهورية ميشال عون، وتياره بزعامة صهره جبران باسيل، في السعي للانقلاب على الدستور، ورفض اتفاق الطائف، الذي حقق العدالة في مناصب الدولة، وصلاحياتها، حين أوكل بعض صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء.
وأوضح المحلل السياسي في تصريح خاص لـ"دار الهلال"، أن أحد أهم أسباب اندلاع الحرب الأهلية، أنه كان لرئيس لبنان، قبل اتفاق الطائف، صلاحيات إمبراطورية، فجاء الاتفاق عام 1989 وبموافقة كل الفرقاء، مسلمين ومسيحيين، لتعديل الخلل.
وتابع: "ميشال عون كان الوحيد الرافض للاتفاق والحل العربي، وهو اليوم يستغل منصب رئاسة الجمهورية، ليستعيد هذه الصلاحيات، وأبرزها تعيين رئيس الحكومة والوزراء، أو على الأقل التحكم بهما من خلال الثلث المعطل، لذلك رفض التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف، دافعا الحريري إلى الاعتذار".
ولفت "الرز" إلى أن السبب الثاني، هو أن جهود الطبقة الحاكمة في لبنان تنصب حاليا، ليس على مواصفات الوزراء في الحكومة، وإنما على مقاييس الانتخابات النيابية المقبلة، بعد سبعة أشهر وبعدها الانتخابات الرئاسية، حيث يسعى أطراف هذه الطبقة إلى استعادة سطوتهم وتقاسمهم لما تبقى من مقدرات الدولة على حد وصفه.
وأشار إلى ان ما لفت النظر، هو تجاهل رئيس الجمهورية وتياره لكل المساعي العربية والدولية لتشكيل الحكومة، وفي مقدمتها المبادرة المصرية، التي واكبها تحرك فرنسي فاعل، ومع ذلك فضل الرئيس مصالحه الخاصة الفئوية، على مصلحة الوطن والمواطنين.
وطالب المحلل اللبناني بضرورة مواصلة المساعي وتكثيف تكثيف الجهود العربية والمصرية بصفة خاصة، وذلك لتحقيق الآتي:
أولا: إعادة تكليف حكومة حسان دياب بممارسة عملها كاملا بعد تعديل في بعض الوزراء.
ثانيا: وضع قانون انتخابات جديد يتلائم مع نص الدستور لإجراء انتخابات نيابية غير طائفية ومجلس شيوخ يمثل الطوائف.
ثالثا: إصلاح القضاء وتحويله بقانون إلى سلطة مستقلة.
واختتم المحلل السياسي بالقول: "أتوقع الآن في لبنان، وبعد اعتذارالرئيس الحريري انتشار الفوضى لأيام، وارتفاعا جنونيا في سعر صرف الدولار، وزيادة الانهيار الاجتماعي، والاقتصادي، لكن استمرار المساعي والضغوط سيؤدي إلى لجم الفوضى، أما إذا كانت هناك مشروعات خاصة، عقدها التيار العوني مع جهة عربية، أو إقليمية لضمان استمراره في الحكم، فإن ذلك سيدفع بالبلاد إلى ما لا تحمد عقباه.